حكاية الأب والابن والشهيد.. العائلة السورية البسيطة حين تحترف العطاء
بنى الشهيد نادر زيدو منزلاً متواضعاً بمساعدة أهله في بلدة شين ولم يسعفه الوقت ليسكنه، فقد غادر شهيداً تاركاً وراءه طفلاً صغيراً ومولوداً سيرى النور قريباً. دفعت والدة العسكري علي زيدو ابنها نادر للالتحاق بالخدمة العسكرية في بداية الأحداث بسوريا ليكون كأخيه الذي تطوع في إدارة الدفاع الجوي في بداية الأحداث أيضاً انضم الشهيد للقوات العسكرية وتم فرزه ليخدم في صفوف الحرس الجمهوري وخاض مع زملائه معارك النبك وأصيب في النبك في نهاية 2013 ومن ثم نقل إلى داريا وأصيب فيها مرتين وتم إعطاؤه خدمات ثابتة بنسبة 25 % بعد أن تعرض لانفجار عبوة ناسفة أدت إلى احتراق جسده كاملاً. ويروي الأب لتلفزيون الخبر أن أحد الأطباء قال له اعترض على النتيجة فرفض الشهيد نادر أن يعترض ظاناً أن الاعتراض ضد الدولة، وأضاف الأب ” كم نحن بسطاء و فقراء ” حتى فهم ابني أن الاعتراض هو معارضة ! يحدثنا والد الشهيد، العسكري المتقاعد حديثاً، عن إصابة ابنه بانفجار العبوة الناسفة قائلاً “كنت أقوم بإصلاح الآليات والعتاد العسكري في جبهات حلب حين اتصلت زوجتي قائلةً ” نادر متصاوب ” ، لم أسمع بإصابة ابني نادر إلا بعد 15 يوماً فقد كانت اتصالاته مع أخته سعاد وهو من طلب منها أن أذهب إلى دمشق وأخفى عنها إصابته موضحاً أن الاصابة فقط كسر في الساق وأسعفه العميد رمضان سلامة وزميله إلى مشفى حرستا. وقال الأب كنت حينها أقوم بإصلاح العتاد العسكري في حلب وطلبت من الضابط المسؤول عني أن يرسل بديلاً من وحدتي العسكرية لإصلاح الآليات ريثما أسافر إلى دمشق”. وتابع “ قبل أن أصل حمص سافر عمه عصام بواسطة سيارة بيك آب فتعرضت سيارته للقنص من قبل المسلحين على طريق حرستا فترك سيارته واستقل وسيلة أخرى للوصول إلى المشفى“. ويكمل “ بعدها وصلت برفقة والدته إلى المشفى وبقينا نتابع علاجه حتى تماثل للشفاء وعاد للعمل ثم تعرض للقنص في الجزء العلوي من رأسه وشفي أيضاً كون الإصابة لم تكن قاتلة وعاد للخدمة مجدداً تحت إمرة العميد نادر سعد الدين وبقي في الغوطة الشرقية يشارك في العمليات العسكرية حتى استشهاده “ يتابع والد الشهيد “ تم تكليفه بمهمة عسكرية بعد أن سيطر الجيش على مساحات واسعة من الغوطة الشرقية في 15/3/2018 لينقل الطعام والمياه والذخيرة إلى زملائه المتقدمين وفي أثناء تنفيذ المهمة وعلى مفرق سقبا – الشوفونية ، انفجرت عبوة ناسفة في السيارة التي يستقلها الشهيد نادر فاستشهد ومعه اثنين من زملائه”. وعن خبر استشهاده يقول الأب “ طلب مني أحد الجوار أن أساعده في إصلاح سيارته وقبل أن أصل إلى منزله اتصلت زوجتي وهي تبكي وتقول ” نادر راح ” فعدت إلى المنزل حيث اجتمع الجوار وأخواته وأمه وبدأوا بالبكاء فكانت كلماتي الوحيدة ” أمر الله ، مافينا نعمل شي، والله يرحمو “. يشرح أبو علي المؤامرة التي تتعرض لها سوريا وتكالب الدول الغربية والخليجية على سوريا، وهو مقتنع أنه لولا الدماء لما صمدنا ثماني سنوات. ويتمنى أن يكون دم ابنه آخر دم يهرق من الجيش، في حين يربّي في منزله بقرة تعيش منها العائلة كون راتبه التقاعدي لا يكفي ويقول أبو علي بتأثر “ كان ابني نادر يأخذ مني أجور الطريق ليذهب إلى مكان خدمته، وحقيبة ثيابه كانت عبارة عن حقيبة مدرسية قديمة، لقد ربيتهم على الفضيلة وحب الوطن“. ويروي والد الشهيد محاولته في نقل ابنه إلى حمص والتي لم يكملها قائلاً “لقد خدمت في جميع القطعات العسكرية في سوريا وزرت جميع المحافظات”. وتابع “خلال عملي في إصلاح عربة مدرعة في ريف دمشق، توقفت قربي سيارة العميد سهيل الحسن وحاولت ألا أسلم عليه باليد كون يدي مليئتين بالشحم والزيوت فرفض العميد قائلاً ” ليش يا ختيار مابتسلم علي ؟” وأصر على وضع يدي بيده وسألني عن حاجتي فترددت في طلب نقل ابني إلى حمص وقلت له أرغب في أن ننتصر فقط”. وعن تشييع الشهيد نادر قال والده لقد كانت الجنازة عرساً حقيقياً شارك فيه جميع المواطنين في البلدة والجهات الأمنية والعسكرية العاملة في المنطقة، لما يتمتع به الشهيد من سمعه حسنة. لأبي علي طلب وحيد من القيادة العسكرية وهو أن ينتقل ابنه علي الذي يخدم في إدارة الدفاع الجوي ف 50 إلى مدينة حمص وذلك أن أصبح وحيداً بعد استشهاد أخيه. يذكر أن الشهيد نادر زيدو من مواليد 1993 متزوج وله طفل وزوجته لم تلد مولودها الآخر بعد، وهي عاطلة عن العمل، ويقطن الجميع في منزل ذويه في بلدة شين بريف حمص الغربي. تلفزيون الخبر – محمد علي الضاهر