إدمان من نوع آخر: أطفال سوريون مدمنون على شم مادة الشعلة !!
يجلس عمر (10 سنوات) برفقة مجموعة من أصدقائه المشردين على حافة الرصيف أسفل جسر الرئيس بدمشق ، يحملون كيساً أسوداً يتناوبون على استنشاق ما بداخله واحداً تلو الآخر ، سقط أحد هؤلاء الأطفال مغمى عليه ، بينما بقي الآخرون يتناوبون على استنشاق ما في الكيس. وتتكرر هذه الظاهرة لدى مجموعات أخرى من الأطفال في مناطق المزة جبل ، وفي شارع الثورة ، وعدد آخر من المناطق المزدحمة في قلب العاصمة ، ويقوم هؤلاء الأطفال بحمل كيس بداخله مادة “الشعلة” الغراء ، بحيث أصبحوا مدمنين على استنشاق هذه المادة، ويلجأ قلة من ذوي السن الصغيرة (13-15) إلى استنشاق المواد الطيارة المنبعثة من البنزين، الغراء، المذيبات الأصباغ، البخاخات ويستمر البعض في تلك العملية المخيفة لسنوات طويلة ما يسبب لهم آثاراً خطيرة على المدى القريب والبعيد. الطفل عمر (10 سنوات) بأنه نزح وعائلته من مدينة دير الزور، ويسكن في غرفة مع أهله بدمشق، كما أنه يعمل متسولاً ليؤمن ثمن طعامه، ويوضح عمر قائلاً: “جربت أن أشم الغراء “الشعلة” منذ سبعة أشهر وأحس بمتعة كبيرة حين أفعل ذلك ثم يغمى علي بعدها وغالباً أستيقظ لأجل نفسي مرمياً على الأرض، ومع أن ثمن علبة الشعلة ليس بالكبير إلا أنه لا يتوفر لدي في بعض الأحيان فأصبحت أسرق من المارة لأشتري الشعلة وأحس بلحظات السعادة القليلة”. وعند التقصي أكثر عن تلك الظاهرة ، كشفت تقارير الصحف المحلية التي تؤكد وجود هذه المشكلة من أكثر ما يزيد عن العشرة أعوام ، ولكن دون وجود أية تحركات من قبل الجهات المعنية ، أدى ذلك لتفشي تلك الظاهرة التي تأخذ بالانتشار أكثر فأكثر في المجتمع ، لا سيما خلال سنوات الحرب التي أثرت بشكل كبير على الحياة الاجتماعية في سوريا. وبالنسبة لتأثيرها على الجسم ، تشير تقارير طبية إلى خطورة هذه المواد شديدة السمية والتي تصل بعد استنشاقها سريعاً الى المخ وإلى الدورة الدموية وخلايا الجسم وأجهزته ، وتسبب تلف الأعضاء التي تلامسها وخاصة في مستوى القصبات الرئوية والرئتين والكبد والكليتين والدماغ وجميع كريات الدم ، وتبدأ فعلها أولاً بنوع من التنبيه والاستثارة الذي يولد إحساسًا بالنشوة بالإضافة إلى دوار مقبول ومستعذب وتستمر هذه الحالة من السكر تبعاً للمقدار المستهلك حوالي (15-45) دقيقة ؛ ومن الممكن إطالة المدة إلى عدة ساعات إذا استمر استنشاق الأبخرة من وقت لآخر. وقد يحدث في هذا الدور لبعض الأفراد أن يفقدوا توازنهم وتختل عندهم الأفكار والآراء، ويضطرب إدراكهم للألوان والأصوات وأشكال الأشياء، ويصابون بنوع من الهلوسة في الرؤية أو السمع؛ أي أنهم يتوهمون رؤية بعض الأجسام أو يسمعون بعض الأصوات التي لا أصل لها. لعل غياب الرعاية الأسرية عن هؤلاء الأطفال لا سيما خلال الحرب سهل أمر التعاطي على عدد كبير منهم ، وجعل الإدمان ملجأ لهم يهربون فيه من واقعهم المرير ، لكن ظاهرة كهذه عمرها لا يقل عن العشرة أعوام، تحتاج اهتماماً من قبل الجهات المعنية لإنقاذ هؤلاء الأطفال قبل فوات الأوان. المصدر: موقع “بزنس 2 بزنس سورية”