سيدات “البزنس السوري” يطالبن بالاستقلال ..لكن عن ماذا ؟
استخدمت كلمة “الست ” في مجتمعنا السوري للمرأة التي تمتلك عقارات ومصانع وأرزاقاً، تديرها بنفسها، ولصاحبة القرار، والأمر والنهي في إدارة مشاريعها واستثماراتها، فمجتمعنا في ذلك الوقت لم يمنع المرأة من إدارة أموالها، والحفاظ على ممتلكاتها ومتابعة أعمالها، والقائمين عليه من عمال وموظفين عن قرب، بل كان يمنحها كل التقدير والاحترام على جهدها وقوتها لدرجة استشارتها في قضايا اجتماعية هامة، ومازلنا نحافظ على هذا الموروث من التحضر الاجتماعي حتى وقتنا الحالي، رغم جميع ظروف الاحتلال التي مررنا بها خلال تلك السنوات، فنحن السباقون في احترام المرأة وتقديرها كانسان فعال يساهم في التطوير والتنمية، فلم تمنع المرأة السورية من إدارة أعمالها بنفسها، وتفعيل الحركة الاقتصادية بالبلد رغم اختلاف التسمية من الست إلى سيدة أعمال، ورغم أن الأسماء مغمورة نوعاً ما، ولا تدخل مضمار الشهرة والبرستيج، فطبيعة حياة سيدة الأعمال تبقيها منشغلة بما يمكن أن تقدمه من تطوير لمنتجاتها واستثماراتها. صناعات مختلفة تندمج سيدات الأعمال السوريات ضمن هيئات ومؤسسات تسمح لها بعرض مشكلاتها، والعوائق التي تصادفها خلال نشاطها الاقتصادي، رئيسة اللجنة الوطنية العليا للسيدات الصناعيات السوريات مروة الأيتوني تتحدث عن واقع سيدات الأعمال بعد خسارتهن لمعاملهن ومصانعهن خلال الأزمة، فهناك العديد من السيدات لم يتوقفن رغم الخسائر التي تعرضن لها، واستعضن بالأقبية لمتابعة الإنتاج، وتشغيل اليد العاملة، وإعطاء القيمة المضافة لمنتجاتهن، ونحن كسيدات صناعيات لم نتخل عن تواجدنا ومهامنا الوطنية اتجاه البلد عبر استمرارنا، ودعمنا لصناعاتنا المحلية، وعدم التوقف عن الإنتاج رغم كل الصعوبات التي واجهتنا، ليس فقط على مستوى الصناعات البسيطة، كالخياطة والغذائيات فقط، وإنما على مستوى المنشآت الكبيرة الأخرى، كصناعة أسطوانات الغاز، وشركات الأدوية، وصناعة الذهب، أما فيما يتعلق بنشاط سيدات الأعمال، فهناك مشاركات فعالة لتلك المنتجات في جميع المعارض الداخلية والخارجية بهدف الترويج للمنتج المحلي، وتسويقه إلى البلدان العربية والأوروبية كافة. تصنيف عربي لم يعد تواجد سيدات الأعمال المنتسبات إلى غرف الصناعة وهمياً بصفتها وريثة، أو مالكة لمنشآت، أو استثمارات، بل أصبحت عاملة حقيقية تدير أعمالها بشكل فعلي من إدارة مالية وفنية وتقنية عالية، كما أن معظمهن يمتلكن درجات علمية هامة كطبيبات وخريجات اقتصاد ومصممات أزياء، وهذا يشير إلى أهمية دورهن في رفع مستوى جودة صناعتهن، وترى الأيتوني أن معظم تلك السيدات هنا ميدانيات لا يعتمدن على تواجدهن في المكاتب فقط، بل على متابعة كل حلقات الإنتاج وصولاً إلى البيع والمنافسة في الأسواق، ورفع مستوى جودة المنتج ليحظى بالتواجد الدائم والسمعة الطيبة، كما تعتبر سورية في المرتبة الثالثة بين الدول العربية بعد تونس ولبنان في تصنيف سيدات الأعمال، لكنها تختلف من حيث التصنيف، فتواجدها مرهون بالجهة التي تنتمي إليها في غرف التجارة والسياحة والصناعة وغيرها، لكن يبقى العدد الأكبر منهن منتسبات إلى غرفة الصناعة، حيث التحدي الأهم لهن، بعكس ما شهدناه في تركيا ودول أوروبا، حيث تمارس سيدات الأعمال نشاطها عبر هيئات ومنظمات معنية، وقالت الأيتوني: عندما التقينا بسيدات أعمال ميلانو، كن جميعاً صناعيات وتجاريات، وممن يعملن في السياحة، وحتى سيدات البنوك والمصارف يعملن تحت اسم واحد هو “سيدات الأعمال”، فهي الحالة الأمثل لتكامل عملهن عبر غطاء موحد يكثف جهودهن، ويحقق المزيد من التكامل والازدهار في أعمالهن، وتحدي مجمل الصعوبات التي قد تواجهنّ خلال القيام بالاستثمارات والمشاريع المختلفة، ونحن نتمنى أن تحصل سيدات الأعمال السوريات على تلك الميزات من خلال وجود اتحاد أو هيئة يعملن تحت مظلتها، وتكون برعاية حكومية لتحقق المزيد من التكامل والتعاون لرفع مستوى المشاريع والاستثمارات التي نقوم بها. العمل في الظل تشير الإحصائيات أن عدد سيدات الأعمال في سورية ما قبل الأزمة بلغ 500 سيدة أعمال في حلب، وفي دمشق 600 سيدة، أما في حمص، فقد وصل إلى 200، ولم تخلو المنطقة الشرقية التي تعتبر أكثر تحفظاً، من تواجد سيدات الأعمال اللواتي اعتمدن بشكل كبير على ما تنتجه تلك المناطق من منتجات الألبان والمراعي، فكان لهن نشاطهن في صناعة الأجبان والمنتجات الزراعية وغيرها من خيرات تلك الأرض.. عضو غرفة صناعة دمشق نسيبة موسى، أكدت أن المرأة السورية تتمتع بجميع حقوقها، وهي قادرة أن تكون لاعباً أساسياً في التنمية الاقتصادية، خاصة بعد هجرة العديد من الصناعيين خلال الأزمة، لذلك لابد من الإشارة إلى ضرورة الابتعاد عن فكرة حصر وتقييد نشاط سيدات بلجان بسيطة ومحدودة تشكل في الغرف، وهي عبارة عن لجان فرعية، لا يمكن تجاوز أعضائها، وأصبح من الضروري وجود هيئة او اتحاد رسمي تشكّله الحكومة، ويأخذ صفة رسمية عربياً ودولياً لسيدات الأعمال السوريات، كما هو معروف في جميع الدول، ومنها مصر التي لها تجربة رائدة في هذا المجال، وهي الحل الأمثل للحصول على الاستقلالية في اتخاذ القرارات بشأن تطوير المنشآت، ورفع مستوى الإنتاج وجودته، فلم يعد مقبولاً أن يكون العمل في الظل، أي بين أغلبية رجال الأعمال الذين يشكّلون 99% من الذكور، فبين كل 4000 رجل، هناك 700 سيدة أعمال فقط، ما يتسبب بغبن حقيقي لسيدات الأعمال نتيجة التفاوت في العدد، وتكون جميع القرارات لصالحهم. دور اجتماعي الفرق كبير بين عقلية القطاع العام والخاص الذي يعتبر أكثر ديناميكية، فما لم يستطع أن يحققه الاتحاد النسائي الذي يملك 30 مبنى غير مستثمر لعمليات التنمية الاجتماعية ، يمكن أن ينجزه اتحاد سيدات الأعمال بسهولة ليعطي تأثيره الفعال على المجتمع والأسرة السورية في حال تم تشريعه، وخاصة أن المرأة أصبحت المعيل للأسرة بعد تزايد عدد الشهداء، وفقدان العائلات لمعيلها الأساسي في هذه الحرب، وهنا تكمن ضرورة العمل على تشريع خاص لاتحاد سيدات الأعمال، والقيام بدورهن في جذب النساء وتشغيلهن، وهنا تؤكد الأيتوني أنه تم تشغيل العديد من السيدات الموجودات في مراكز الإيواء بأعمال الخياطة، والصوف، والأشغال اليدوية كتصنيع المربيات، ثم بيعت منتجاتهن في المعارض الخاصة، وغيرها، كما تم تأمين فرصة عمل لهن من خلال قيامهن بالطبخ عبر عدة جمعيات خيرية، وتعمل سيدات الأعمال السوريات على زيارة أبناء الشهداء بشكل دوري لتقديم الهدايا عبر الحفلات التي تقام لهم لإدخال البهجة إلى حياتهم، وهذا يعتبر جزءاً بسيطاً ومتواضعاً مما يجب علينا فعله. تجاهل مقصود وجود اتحاد سيدات الأعمال السوريات لا يلغي فكرة الانتساب إلى غرف التجارة، والصناعة، والسياحة، فهو شرط أساسي لتوفر شرعية نشاط سيدات الأعمال، في رأي نسيبة موسى التي قالت: نحن نقف مع الدولة في كل لحظة من خلال استمرار صناعاتنا التي لم تتوقف رغم عملنا في أماكن محصورة وصغيرة، وقلة التصدير، حيث لا يوجد لدينا من يمثّلنا في اتحاد المصدرين، بالإضافة إلى ارتفاع الرسوم المفروضة علينا من الاتحاد الذي ليس له دور في دعم منتجاتنا، لكننا استطعنا من خلال المعارض أن نحقق المشاركة المطلوبة لتسويق منتجاتنا، وخاصة في “معرض دمشق الدولي”، كما عملنا على تأهيل العديد من السيدات لتكون لديهن مشاريع متناهية الصغر كمرحلة أولى لدعمهن وتشجيعهن للانطلاق في مشاريع أخرى. حل التشاركية تأتي الكثير من الدعوات العربية والأجنبية تحت مسمى سيدات الأعمال، إلا أننا لا نملك فعلياً جهة رسمية كاتحاد أو هيئة أو غيرها من المسميات، لذلك فإن تلبية هذه الدعوات تبقى ضمن الاجتهادات الخاصة دون أي تمثيل حقيقي وفعلي للسيدات السوريات، إذ تقتصر على لجنة لهن.. الصناعية رنا حلاق تعمل في تكرير الزيوت النباتية تحدثت عن الأضرار التي لحقت بمنشآتها في تل كردي، حيث دمرت البنى التحتية بالكامل، وهي بحاجة ماسة لإعادة التأهيل ولو جزئياً من أجل إعادة الإنتاج فيها، وهنا دعت لتطبيق قانون التشاركية مع وزارة الدولة كحل أمثل لدعم الصناعي بدلاً من تعويضه، وبذلك يمكن إعادة العديد من المنشآت من خلال تمويل حكومي، وتقديم الخبرات والمشاريع الاستثمارية لتلك المنشآت، وهذا سيدفع الكثير من سيدات الأعمال للعودة بسهولة لإعادة الإنتاج، تبيّن الحلاق أنها تملك الجنسية الألمانية، وكان بإمكانها الاستثمار خارج البلد، لكنها فضلت البقاء، ولديها الأمل بالعودة إلى منشآتها التي نهبت بالكامل، لأن سيدات الأعمال السوريات هن البديل في غياب العديد ممن اختاروا الهجرة، وفي حال تم توفير فرصة للعودة لمشاريعهن، وتوفير البنى التحتية، فإن ذلك سيكون له تأثير كبير على تمويل المشاريع الصغيرة للسيدات البسيطات، ودعمهن لإيجاد فرص حقيقية للعمل، وتتابع الحلاق: نحن نعتمد على أنفسنا في حل جميع المشكلات التي تقف أمام نشاطنا الاقتصادي، ولابد من وجود جمعية او اتحاد رسمي لنا يعمل تحت ظل الحكومة يعطينا صفة رسمية لجميع الأنشطة التي نقوم بها، ولطرح قضايانا في دعم المرأة السورية لتخريج سيدات أعمال جديدات على الساحة الاقتصادية، وخاصة زوجات وبنات الشهداء اللواتي بدأن فعلاً بمشاريع صغيرة، واستطعن أن نؤمن فرصة لتسويق منتجاتهن. أخيراً فكرة وجود جهة رسمية لسيدات الأعمال تفتح آفاقاً جديدة للعمل ضمن مجموعة كاملة من الخبرات التي تتلاقى فيما بينها، ما يحقق تطوراً حقيقياً لسيدات الأعمال في المجال الاقتصادي، والذي سينعكس تلقائياً على المرأة السورية التي ستجد المكان المناسب لتأهيلها، ودخولها في مجال ريادة الأعمال، وهي فرصة لإعطاء دور للصناعيات بدعم المشاريع النسائية الصغيرة وإنجاحها. الخبير السوري