بداية القابضة

رئيس التحرير : عبد الفتاح العوض

رئيس مجلس الإدارة : د. صباح هاشم

من نحن اتصل بنا
أجنحة الشام

إجابات عن ثلاثة أسئلة… بوابة النار أم مضائق التسوية؟

الخميس 30-11-2017 - نشر 7 سنة - 6826 قراءة

سأطرح ثلاثة أسئلة يعتقد الكثيرون بأهمية الإجابة عليها، ثم أحاول الإجابة عنها على نحو مقتضب ومكثف ما أمكنني ذلك، وبكل تأكيد، تقع هذه الأسئلة في صميم الحرب على سورية؛ أهدافاً ونتائجاً وتداعيات… وهي على التوالي: لماذا تفاعل محور المقاومة وحلفائه على هذا النحو مع “إستقالة” رئيس وزراء لبنان؟ ولماذا جُنّ جنون واشنطن والرياض وتل أبيب بعد الصاروخ اليمني الأخير؟ وأين سورية من كل ذلك؟. * صاعق التفجير: عندما بشرتنا كوندليزا رايس بشرق أوسط جديد، جاء ذلك على خلفية حدثين أساسيين: إغتيال رئيس وزراء لبنان رفيق الحريري، وعدوان تموز 2006… واليوم، على أعتاب “صفقة القرن” التي يبشر بها ترامب ونتنياهو ومحمد بن سلمان… كان لا بد من إستحضار دم الحريري عبر خطف إبنه، والإدعاء بتعرضه لمحاولة إغتيال، واحتمال وقوع المزيد من المحاولات لاستهدافه. تعامل محور المقاومة وحلفائه بحرفية عالية مع هذه المسرحية المكشوفة، وحوّل عملية الخطف من سيف مشهر بوجهها إلى لغم إنفجر في حضن آل سعود والصهاينة ومن خلفهم واشنطن. وهذه بعض الإعتبارات التي إستند إليها محور المقاومة وحلفائه في موقفهم من خطف رئيس وزراء لبنان: 1- من المعيب لبلد نفذ عملية راح نتيجتها عدد من الجنود الصهاينة وأسر اثنين منهم ليحرّر أسراه وأسرى عرب ورفات شهدائنا لدى كيان العدو، أن يسمح لأي بلد كان أن يخطف رئيس وزرائه أي كان إسمه ومواقفه وإنتمائاته… الأمر يتعلق بلبنان وكرامته وحاضره ومستقبله… . 2- خطف رئيس وزراء لبنان لم يكن نهاية المخطط بل بدايته وشرارة إشعاله، والمطالبة بعودة رئيس الوزراء مقدمة ضرورية لإسقاط المخطط، وإطفاء شرارة التفجير. 3- أعتقد بأن أحد أهم أسباب خطف رئيس وزراء لبنان “سكوته” عن إستهداف الصواريخ السورية طائرات العدو الصهيوني في الأجواء اللبنانية؛ بل وموافقته على إيفاد السفير اللبناني الجديد إلى سورية. 4- أظهرت محاولة إغتيال وزير الداخلية اللبناني المقرب من سعد الحريري وتيار المستقبل بأن جهود إسقاط لبنان في فتنة الحرب الأهلية، وفوضى الجماعات الإرهابية في الداخل اللبناني وعبر الحدود بعد إسقاط النصرة لحضر والتقدم نحو قرى جنوب لبنان… كان أمراً جديّاً، ومخطط يظهر التكامل السعودي والصهيوني لتفجير هذا البلد، لإشغال حزب الله وحلفائه، وفتح ثغرة جديدة ليتدفق السلاح والمسلحون منها… ما يجعل إحباط محاولة الإغتيال، والضغط من أجل عودة رئيس الوزراء المخطوف أمراً غاية في الأهمية لإفشال هذا المخطط. 5- ما جرى في سيناء جزء من ذات المخطط الصهيو-وهابي لإثارة الفتنة والفوضى المذهبية والعرقية والطائفية في المنطقة، بحيث يظهر التفجير وكأنه انتقام من حزب الله وإيران على قرارات الجامعة العربية الصادرة من القاهرة ضد إيران وحزب الله، وجزء من الحرب الأهلية والمذهبية التي كانت ستشتعل في لبنان عقب “التهديدات” المفترضة لحياة الحريري واغتيال وزير الداخلية اللبناني… وتمهيداً لتفريغ سيناء، والتي ستصبح وطناً جديداً للفلسطينيين والغزيين خصوصاً… فقد طلب محمد بن سلمان من محمود عباس الإستقالة لصالح محمد دحلان كما طُلب من رئيس وزراء لبنان –تذكروا كلام وزير الداخلية اللبناني عن الانتخاب وليس المبايعة…- أن يستقيل لصالح بهاء الحريري، ليكونا عربا الفتنة داخلياً والتسوية مع الكيان الصهيوني إقليمياً، وسحب أي ذريعة لمحور المقاومة في مواجهة واشنطن والكيان الصهيوني وبقيّة الأدوات في المنطقة، لتفريغ خطابهم، وتحويل مقاومتهم لمجرد إرهاب وفوضى وسباحة عكس تيار السلام والمنطق. 6- إسقاط مفاعيل مسار سوتشي و”فرملة” قمة سوتشي الروسية-الإيرانية-التركية المرتقبة، وعرقلة أي نتائج منتظرة توقف الحرب على سورية… وإعادة ضبط الأحداث على ساعة واشنطن وتل أبيب… والقضاء على “النفوذ الفرنسي” في لبنان ليتحول إلى “مزرعة” صهيو-أمريكية بالمطلق، وهذا بعض ما يُفسر التحرك الفرنسي الأخير إزاء قضية رئيس الوزراء المخطوف. * الصاروخ يمني، والحكمة يمانية: بالرغم من عشرات الصواريخ متوسطة المدى التي أطلقها الجيش اليمني واللجان الشعبية المطورة محلياً، وعرضه عدة إصدارات منها أبدعتها الأيدي اليمنية، وتمكنها في كثير من المرات من إستهداف تجمعات مرتزقة هادي وآل سعود وحلفائهما في اليمن وخارجه، واعتراف “الإمارات” مثلاً بسقوط 46 جنديا لها جراء إستهدافهم بأحد تلك الصواريخ… وإعلان “السعودية” عشرات المرات نجاحها باعتراض هذه الصواريخ في مجالها الجوي قبل بلوغها أهدافها… إلا أن الصاروخ الذي إستهدف مطار “الملك خالد” في العاصمة الرياض، أفقد آل سعود صوابهم، وهذه بعض الأسباب: 1- المدى الكبير للصاروخ، والذي سيشكل نقطة فارقة في مسار الحرب، ودرجة دقته الممتازة. 2- بالرغم من إدعاء آل سعود إستهداف القوة الصاروخية اليمنية لمكة المكرمة قبل أشهر، فقد أظهروا ردة فعل لا تكاد تقارن بإستهداف مطار الرياض، ما يؤكد أحد أمرين: إما أن قصة إستهداف مكة المكرمة مختلقة ومزيفة أو أن آل سعود يقدسون “مطار خالد” أكثر منها… وفي الحالين هم يمارسون الكذب والتضليل لتبرير استمرار عدوانهم على اليمن، ولتمرير مخططات أكبر من حرب الإبادة الجماعية التي يخوضونها هناك. 3- واحدة من الكوارث الكبرى التي كشف عنها وثبتها الصاروخ اليمني الأخير في وجه كل مشاريع محمد بن سلمان مثل نيوم والمستقبل 2030… وما يقوم عليها من مشاريع سياسية واقتصادية وعسكرية، هي أن عامودها الفقري؛ الأموال الناتجة عن بيع شركة أرامكو، أصبحت تحت رحمة الصواريخ اليمنية… فالصاروخ الذي بلغ الرياض، سيصل بكل تأكيد إلى المشاريع العملاقة لشركة أرامكو شمال-شرق جزيرة العرب، ما يعني أن رشقة صاروخية واحدة هناك كافية لإشعالها، وحرق كل مشاريع ترامب ونتنياهو ومحمد بن سلمان في التطبيع مع الكيان الصهيوني، وتصفية الفضية الفلسطينية، وتشكيل تحالف عسكري-أمني-إقتصادي، صهيو-أمريكي، لمحاربة تحالف قوى المقاومة والتحرر الوطني العربية… على قاعدة “مشروع مارشال” جديد تأتي أمواله من بيع أسهم أرامكو في بورصة نيويورك حصراً. لقد أرعبهم الصاروخ وما يحمل من معاني، فاتهموا إيران وحزب الله لهذه الأسباب تحديداً… لكن الصاروخ يمنيّاً كما هي الحكمة يمانية. * سورية ميدان المنازلة الكبرى: مرة أخرى، يثبت بأن جلّ المعارك التي تدور في طول الإقليم وعرضه مرتبطة بشكل أو آخر بالمجريات الميدانية والسياسية للحرب الكونية الدائرة في سورية. ليس في الأمر تبخيساً لأهمية معارك حلفائنا في العراق واليمن ولبنان… ولكن، لنسأل ونجيب بكل موضوعيّة: ماذا لو هزمت سورية، وسيطر التحالف الصهيو-أمريكي مع الرجعية العربية على سورية؟! ألن تحاصر موسكو خلف جبال الأورال، وتفقد أي نفوذ لها في قلب العالم وعقله وتاريخه؟! ألن ينجح هذا التحالف في عزل إيران وراء حدودها، ويعيدها مرة أخرى إلى مجرد دولة فارسية عدوة؟! ألن يبيع حكام سورية الجدد –كما وعدوا غير مرة- الجولان، ويعملوا على وضع تسوية نهائية للصراع العربي الصهيوني؟! كيف سيكون حال المقاومة اللبنانية بعد أن يكسر ظهرها؟! أي ثقافة وأي إسلام سينتشر في المنطقة العربية، وما هو مصير الأقليات الإثنية والعرقية؟!… . ختاماً، نحن في الفصل الأخير من الحرب على سوريّة، ولكن يبدو بأنه سيكون الأصعب –ما لم ندخل تسوية ما تقلب الأمور رأساً على عقب- بدا ذلك واضحاً في معركة البوكمال عندما هددت واشنطن بإستهداف أي طائرة تستهدف خطوط إمداد داعش شرق الفرات، وإعاقة تقدم الجيش العربي السوري وحلفائه إليها بالتشويش على أجهزة الرصد والإتصالات وحركة الطيران… لكنّ سورية وحلفائها أظهروا قدراً هائلاً من الإصرار على إنجاز المهمّة وضبط مجريات الميدان، بحيث يصل الرئيس بشار حافظ الأسد إلى سوتشي ليلتقي الرئيس بوتين في ذات اللحظة التي يعلن فيها السيطرة على المدينة… ويبدأ معها إحتفال النصر، ونشر خطط مستقبل سورية والمنقطة. سورية وحلفائها وعلى الطريقة السوفيتية: خطوتان إلى الأمام وخطوة إلى الخلف، بدأوا برسم الفضاءات الإستراتيجية، حيث التوازنات، والمجالات الحيوية، “طرق الحرير”، وخطوط النار، والنقاط الساخنة التي قد تنفجر، وتلك التي يجب أن تنفجر… ما منع أوباما يوماً من قصف سورية، النفط و”إسرائيل”، هو ما يتم الحديث حوله… وأما سورية، فقدم على أرضها وأخرى خارج حدودها بإنتظار الحرب أو التسوية.       العالم


أخبار ذات صلة