دمي ودموعي وابتسامتي
ميس الكريدي..
ذلك الفيلم الذي اجتاح مراهقتي والحسناء نجلاء فتحي التي تباع باسم الزواج لصالح عائلتها المفلسة وكل من حولها ينتظرون منها أن تتحول إلى مشروع استثماري ...لتتوصل إلى قناعتها أن تعمل لحسابها بعد خذلانها في الحب ..وتتحول إلى مومس خمس نجوم برتبة سيدة أعمال ........
هكذا كانت المرأة سلعة إعلام وسلعة أفكار وسلعة مؤثرات بصرية .....وجوهرة في الواجهات البلورية ....ولكنها كما كساد السوق وكساد الوطن وكساد يتلوه كساد فصار البشر على البسطات وفي الأكشاك ..وعرض ..اشتري واحدة واحصل على الثانية مجانا ..
في حالات الاستعصاء ........تستعصي علينا الكلمة ..والفكرة ..والرؤية ......والدمعة ...
كل شيء محشور في أطوار مرتبكة من حياة بلا تواتر حركة معرفية ..........
فوضى العنف وعنف مكرر العنف ........
تحيلنا اللغة أحيانا إلى حزنها ...........وأنا أمارس وحدتي أمام كلماتي المبتلعة في داخلي ..وأعتنق خرافاتي الانسانية في تعويذة تخلق الأمل .......
كتبت ثلاث صفحات على برنامج ورد عن المعارضة والسلطة والدولة والشعب ..الأزمة والحكمة ....السياسة والحرب ..وانتهت في ملف مهمل على سطح المكتب ......بعد أن أكدت لنفسي وعن قناعة بؤس ماكتبته وسماجته ....
وانتقلت إلى الفراغ بعد الفراغ .....قلت أني لا أعرف في لقائي التلفزيوني ونذرت حزني كأي أنثى تقصقص الحكايات لتزين مهد الحبيب المنتظر .....عدت أنثى انتظار .....لأني مثل كل من هم هنا أو هناك أتبعثر بخورا مباركا ..طاردا للأرواح الشريرة .....
هذه ليست مقدمة ........
هذه محاولة للشكوى من كلكل الحقائق التائهة .....
عن ماذا نكتب في زمن المسخ ؟؟
حين أبحث عن كتاب للقراءة أفتش مكتبة والدي ...
........استرجعت كل مسرحيات الماغوط.....واستعدت الضحكة مرات ومرات .....
اتكأت على ذاكرتي لكن لم يستوقفني فيها أي حدث ........تهالك الحنين وتهالكت الألوان وصار كل شيء أبيض وأسود ..على الطريق من دمشق إلى موسكو قررت أن لا أنام .......لم تعد الأحلام مغرية ولم أعد أذكرها منذ وقت لدرجة أني لا أعرف إن كنت فقدت القدرة على الحلم ....
رافقني كتاب الصدفة .....في ارتباك الوقت لحظة المغادرة نظرت إلى الطاولة ومن بين أربع كتب سحبت رواية أحلام مستغانمي ((الأسود يليق بك))...
عندما تسلي المرأة غرورها بحكايات الكبرياء في كثير من اللقطات تصبح بمنتهى السخافة على الأقل لامرأة تعبر الاربعين على دكة حنين ......
ياامرأة من ورق تداعب نفسها بحثا عن نشوة الوهم ...تروي رواية قد يكون لها بين النساء صدى لأنها حاجة ..
تكثر القصص عن النخوة في زمن النذالة ......وتكثر عن العفة في زمان لايعود العفاف متاحا ......كما الآن ..
وأحلام ترندح قصيدة الكرامة لتدغدغ بقية كبريائها أولا وهي تغادر بوابة الفتنة بقرار من الزمن ..
الرجل الخارق الخفي مالك خاتم سليمان يفتح قصر الأمير ويفرش السجاد الأحمر لها في كل مكان متواريا عن علمها لمزيد من التشويق والورد يلاقي صباحاتها من عاصمة إلى عاصمة مصحوبا بإهداء مكتوب بماء الذهب من عاشق لعشيقة تستلهم حروفها من زوبعتها المؤنثة .........
وآخر الأمر تخرج همجية الرجولة عليها طاردة الغيوم الوردية وعازف الكمان الواقف عليها يدندن للعشق المعشق بالخيال ..
فقط لأنها رفضت أوراقه النقدية ..
عندما قالت لنقوده .......لا ..
هذه حكاية أحلام التي لن يحبها أحد إلا بقدر إغراقها في فلول الرومانسية ليس في هذا العصر بل في وجدان الشاعرة النازحة تداعب حبائل العمر الغاربة ...
في ذلك الشارع وفي أي شارع ......تعج الحياة بزماميرها .......
وتفتح فتاة عشرينية باب السيارة وتحشر نفسها مع ثلاثة رجال ويبدو أن المفاوضات ستتم لاحقا .......
طفلة يرسمون على وجهها خريطة الغواية ..... علائم أصفادها في معصميها ....و تتعرف على الحرية على باب ملهى ليلي ..........