سيذبحون الإناث وعلى عينك يا مستهلك
قد يكون الكثير من المستهلكين مرتاحين من التفكير باستهلاك اللحوم ولايهمهم أمر الخراف إن صدروها أو استوردوها، أو استوردوا بديلاً عنها لسد النقص الذي تعاني منه الأسواق، أو لوقف ارتفاعها المستمر، لكن المسألة لاتتعلق بالاستهلاك اليومي وإنما تتعلق بمستقبل الثروة الغنمية التي قد تتعرض لما تعرضت له صناعة الدواجن من إخفاقات وتراجع في الإنتاج وغلاء غير مسبوق.
من الآن يتم الاهتمام بذكور المواليد للأغنام بغية تسمينها وتجهيزها للتصدير في الربيع القادم، مع العلم أن ذكور الأغنام التي يتم ذبحها الآن هي أقرب إلى الأكباش وغير مرغوب لحمها للاستهلاك خارج القطر بسبب قساوة لحومها، ومع ذلك واستناداً إلى تأكيدات المعنيين في جمعية اللحامين فقد ارتفع سعر الكيلو (للكبش الحي) بين عشرة إلى اثني عشر ألف ليرة منذ أن صدر قرار الموافقة على التصدير اعتباراً من الربيع القادم.
والخطورة التي سوف تنعكس على أسواق اللحوم في الأشهر القادمة أن مالدينا من ذكور أغنام في تناقص مستمر وينذر بالنفاد، إذ تتوجه الأنظار من الآن لذبح الإناث سواء من المواليد الجديدة “الفطائم” والتي من المفترض أن ترفد ثروتنا الغنمية في عملية التكاثر، أو ذبح للإناث المعمرة بسبب السعر المجزي (وكلو عند العرب صابون)كما يقولون.
فهل تتعالى أصواتنا في الصيف القادم لنطالب باستيراد إناث الأغنام بعد أن تتعرض الفطائم أو الأغنام الولودة للذبح الجائر وطرحاً للاستهلاك بطريقة قانونية أو غير قانونية؟.
إن المنطق الاقتصادي يحتم علينا أن لانصدر أي سلعة غذائية إلا إذا كانت لدينا فوائض كافية ولايؤثر تصديرها على الأسعار في السوق المحلية، وبالتالي فإن قرار الموافقة على تصدير الخراف مع أن اللحامين والإقتصاديين ورعاة الأغنام يؤكدون أننا نعاني من النقص وأن الطلب على المادة يفوق العرض رغم انخفاض القوة الشرائية وخروج اللحوم للحمراء والبيضاء عن موائد الغالبية العظمى من الأسر السورية، على اعتبار أن أعلى راتب شهري في القطاع العام لايشتري أكثر من كيلو ونصف لحمة.
ومع أن إلغاء الموافقة على تصدير ذكور للأغنام قد يخفض أسعار اللحمة نسبياً إلا أنها ستبقى خارج حسابات رب الأسرة الذي لم يعد راتبه يكفي لشراء أرخص مايمكن من الوحبات الغذائية، لكن وقف التصدير يخفف من أخطار ذبح الإناث وخاصة الفطائم التي يعول عليها في رفد القطيع بدماء ولودة جديدة وهذا أضعف الإيمان.
لقد سبق وان تراجعت الجهات المعنية عن الموافقة على تصدير البطاطا نتيجة لعدم وجود فوائض في إنتاجها، وأعتقد أن تعليق العمل بقرار الموافقة على تصدير ذكور الأغنام أو إلغائه تفرضه الظروف الموضوعية ويجنبنا خسائر لايمكن تعويضها إذا اتجه المربون لذبح الإناث.
غلوبال