في زمن داعش الحب ممنوع في الرقة!
خلال نحو 3 سنوات من حكم تنظيم داعش، عانى سكان مدينة الرقة من قواعد صارمة واعتداءات وحشية منعتهم من ممارسة حياتهم الطبيعية، فبات التعليم خلف الأبواب الموصدة وعلاقات الحب سرية وبعيدة عن أعين الجهاديين.
وقع سامي (24 عاماً) وريما (22 عاماً) ضحية أحكام تنظيم داعش ، وبات عليهما الاكتفاء بالرسائل المكتوبة أو تبادل النظرات سريعاً من بعيد.
ومنذ سيطرة تنظيم داعش على الرقة في العام 2014، بات التواصل مع السكان مهمة صعبة في منطقة محظورة على الصحفيين. وتمكنت وكالة الأنباء الفرنسية من التواصل مع مواطنين فضَّلوا استخدام أسماء مستعارة عبر حملة "الرقة تذبح بصمت"، التي تنشط سراً في المدينة، منذ أبريل/نيسان 2014، وتوثق انتهاكات وممارسات التنظيم.
ويتذكر سامي كيف بدأت معاناته مع ريما، التي تعرَّف عليها وأحبَّها في العام 2011.
ويقول: "كنا نلتقي ونتحدث في الشارع ونجلس معاً" في مكان عام، لكن كل شيء تغيَّر "وبتنا نخاف من دوريات (داعش) وجبهة النصرة قبلها"
وكانت جبهة النصرة سيطرت على المدينة مع فصائل مسلحة في 2013، قبل أن تنتقل السيطرة إلى داعش إثر معارك عنيفة.
ويضيف سامي "لم يبق شيء لم نقم به. كنا نكتب رسائل ونرسلها عن طريق الفتيان الصغار"
ثم وجد سامي وريما خطة أخرى أيضاً، فكان هو ينزل قبلها على سبيل المثال إلى مقهى إنترنت، ويبعث لها رسائل إلكترونية، وبعد يومين تزور هي أيضاً أحد مقاهي الإنترنت لتتمكن من فتح بريدها الإلكتروني وتتلقى الرسائل على هاتفها.
ويقتصر وجود الإنترنت في الرقة على مقاهٍ معدودة، بعدما قطع تنظيم داعش خدمة الإنترنت عن المنازل والمحالّ منذ فترة طويلة.
ويروي سامي خططاً أخرى لجأ إليها وحبيبته. يقول: "تخبرني مثلاً أنها ستخرج من المنزل في وقت محدد، فنتفق على أن نلتقي في أحد المتاجر، تدخل هي لشراء بعض الأغراض من دون أن ترفع حتى الغطاء عن وجهها، وآتي أنا ونتكلم قليلاً قبل أن يدخل علينا داعشي يخرب كل شيء"
وفي إحدى المرات، كان حظهما سيئاً جداً. خرجت ميرا من منزلها وأتى سامي بدوره ليراها من بعيد. لكن عناصر تنظيم داعش أوقفوا ريما بحجة "أن لباسها غير نظامي"، ولم يكن باستطاعة سامي حتى الدفاع عن حبيبته.
ويقول سامي: "غضبت ولم أتجرأ على الكلام، أردت أن تنشق الأرض وتبتلعني"، مضيفاً: "نزلت دموعي، وهي كانت تؤشر لي بيديها ألا أقترب منهم. تمنيت الموت وقتها".
أراد سامي الذي يعمل حالياً في أحد محال البقالة، بعدما كان طالباً جامعياً، أن يتزوج ريما ويتخلص من هذا العذاب، لكن شرط عائلتها كان مغادرة الرقة، وهو ما لم يتمكن بعد من القيام به.
ومنذ بدء سيطرة تنظيم داعش على مدينة الرقة، يعيش سكانها في خوف دائم من أحكام الجهاديين المتشددة.
وفرض التنظيم قواعد صارمة، إذ يمنع الرجال من ارتداء سراويل قصيرة ويفرض على النساء تغطية وجوههنّ بالبراقع.
كما ألغى الجهاديون الدراسة بالمنهج الحكومي، فمنع تعليم مواد الفيزياء والكيمياء، واقتصرت مدارسه على تدريس الشريعة، وتركز حصص الحساب على الرصاص والقنابل والسلاح.
ويوضح أحد الأساتذة السابقين في الرقة، رافضاً الكشف عن اسمه: "بات درس الرياضيات عبارة عن عمليات حسابية لتعداد البنادق والمسدسات والقنابل والسيارات المفخخة"
ويروي: "هناك مادة يطلق عليها العقيدة، تشرح العمليات الانتحارية وطرقها ونتائجها، من رضا الله والحوريات في الجنة"
ويرفض كثيرون من أهالي الرقة إرسال أبنائهم إلى مدارس تنظيم داعش، لحمايتهم من الأفكار المتطرفة والوعود بالجهاد.
من هنا بدأ "التعليم بالسر" في المنازل وخلف الأبواب المغلقة.
ا.ف.ب