بوتين وأردوغان يحذّران من تقسيم سوريا.. و«التحالف» يدفع «داعش» نحو تدمر
تشير ضغوط «التحالف الدولي» على «داعش» في الرقة، لدفعه جنوباً نحو جبهات تدمر وريفي حمص وحماة، إلى أنه سيلعب ورقة التنظيم لكسب نقاط في معارك البادية. وبالتوازي، تثير المناورات الأميركية قلقاً مشتركاً لدى موسكو وأنقرة من تقسيم سوريا، وهو ما يتعارض مع مصالح البلدين الاستراتيجية.
وتعكس التصريحات الروسية الصادرة عن الرئيس فلاديمير بوتين، والتي تحذّر من احتمال انقسام سوريا، بشكل واضح صدى المعارك التي تجري على طول الميدان.
التحذير الروسي تزامن مع استهداف القوات الجوية الروسية لعدد من قوافل «داعش» الخارجة من دون قتال من مدينة الرقة، بعد ما أشيع عن «تفاهم» سرّي مع «قوات سوريا الديموقراطية» ومن خلفها «التحالف الدولي» على عدم استهداف الخارجين من المسلحين جنوباً.
ويمكن تصنيف التحرك الروسي لضرب قوافل التنظيم في بداية طريقها جنوباً تحت بند الأمن الوقائي، إذ تشكّل الوجهة الرئيسية لتلك القوافل محيط تدمر وبلدة السخنة إلى جانب ريف حماة الشرقي، وهو ما يهدّد مسار العمليات العسكرية التي تجري هناك بدعم روسي مباشر. ولا يخرج تواطؤ «التحالف» مع تنظيم «داعش» بدوره عن مجمل مشهد المعارك في البادية، بل ينصبّ في إطار الضغط على قوات الجيش وحلفائه، وتهديد مدينة تدمر وقاعدة «T4»، اللتين تشكلان منطلق العمليات الرئيسي نحو الشرق. وضمن هذا السياق، أشارت وزارة الدفاع الروسية إلى أن «قسد» تعمّدت ترك ثُغَر في نطاق مدينة الرقة الجنوبي، موضحة أن طائراتها «دمّرت عدداً من القوافل العسكرية التي كانت تتحرك نحو تدمر» خلال الأيام القليلة الماضية. ولفتت إلى أن «خسائر تنظيم (داعش) تضمنت مقتل حوالى 80 من الإرهابيين، إلى جانب تدمير 26 مركبة و8 ناقلات وقود و17 شاحنة صغيرة مجهزة برشاشات»، مشددة على أن «أي محاولة لانتقال قوات من (داعش) من الرقة باتجاه مناطق في ريفي حماة وحمص، سيتم التصدي لها بالقوة المطلوبة».
ويمكن قراءة ما يجري في كواليس معركة الرقة في ضوء تخوّف بوتين من التقسيم. الأخير لفت خلال كلمة ألقاها في «منتدى الاقتصاد الدولي» إلى ضرورة السعي «لعدم تشكيل مناطق تخفيف التوتر نموذجاً لتقسيمها مستقبلاً... بل أن تكون نموذجاً للحوار السياسي حول مستقبل البلاد وحماية وحدة أراضيها». وأشار إلى أن موسكو تتّفق مع أنقرة حول عدة نقاط في الملف السوري، مضيفاً أن بلاده تراعي حساسية تركيا تجاه «وحدات حماية الشعب» الكردية، و«حزب العمال الكردستاني».
وفي سياق آخر، أوضح بوتين أنه تناول مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان موضوع الإنتاج المشترك لنظام الدفاع الصاروخي «إس ــ 400»، مضيفاً أن «العملية تتطلب مرحلة إعداد كبيرة من حيث التكنولوجيا وتدريب الموظفين، ولكن لا يوجد شيء مستحيل». وشدد على أن «هناك محادثات مقبلة حول بيع هذا النظام الحديث» إلى الجانب التركي، موضحاً أن «المسؤولين في تركيا وروسيا يدركون مدى فعالية هذا النظام». وبدوره، لاقى أردوغان تحذيرات بوتين، مؤكداً أن بلاده «لن تسكت إزاء محاولات إقامة دولة إرهابية» على حدودها مع سوريا. وقال في حديث أمام مسؤولين محليين في أنقرة، إن بلاده «لن تتردد في الرد على أي هجوم أو تهديد لأراضيها ينطلق من الأراضي السورية».
وفي الوقت الذي تصوّب فيه التصريحات التركية والروسية نحو المخططات الأميركية على طول المناطق الحدودية في سوريا، شدّد رئيس هيئة الأركان المشتركة الأردنية، محمود فريحات، على أن قواته لن يكون لها أي وجود داخل الأراضي السورية. وتبدو التصريحات الأردنية لافتة بعدما تحدثت المعلومات عن اتفاق روسي ــ أميركي يحدد الإطار العام للسيطرة في منطقة مثلث الحدود السورية ــ الأردنية ــ العراقية. كذلك تأتي في ضوء استمرار المعارك في عدد من نقاط البادية، بين الجيش السوري وحلفائه، وعدد من «فصائل البادية» المدعومة أميركيّاً، إذ شهدت منطقة دكوة، التي تضم عدداً من التلال في سلسلة القلمون الشرقي، تحرّكاً لقوات الجيش نحو الجنوب، في محاولة للضغط على المسلحين الموجودين داخل جيب يمتد من بئر القصب غرباً حتى تل الصفا شرقاً. كذلك شهدت منطقة مثلث ظاظا قصفاً متبادلاً، عقب فشل الهجوم الذي نفذته الفصائل المسلحة تحت اسم «الأرض لنا» في تحقيق تقدم على ذلك المحور. وفي موازاة ذلك، تابع الجيش تحركة على محور شرق تدمر، ودفع بتعزيزات إضافية باتجاه قاعدة «T3» والتلال المحيطة بحقل أراك من الجهة الجنوبية.