بعد اختفائه 38 عاما.. "الإمام الصدر" يثير الجدل
ما بين الاختفاء والاغتيال، مازال الجدل دائرا حول الإمام الشيى اللبنانى موسى الصدر الذى كلما غابت سيرته ظهر من خفاياها ما يعيدها للواجهة، ولم يكفِ سقوط معمر القذافى وانهيار نظامه وفرار رجاله لكشف أسرار هذا الملف الذى جرت آخر فصوله على الأراضى الليبية، ومن غرابة ما يتردد حولها بين الحين والآخر أصبحت أقرب للأساطير.
المسئولون اللبنانيون الذين تعاقبوا على مدار 38 عاما منذ اختفاء موسى الصدر فى ليبيا لم يتنازلوا عن ضرورة كشف ملابسات القضية بالكامل، وكان آخرهم الرئيس ميشال عون الذى التقى عقب وصوله إلى قصر بعبدا، أسرة الإمام الشيعى التى طالبت بضرورة الكشف عن القصة الكاملة لاختفائه ومحاسبة المسئولين.
هنيبعل القذافى، ابن الزعيم الليبى الراحل، أصبح الورقة الرابحة فى يد بيروت لكشف ملابسات اغتيال الصدر، وما زال القضاء اللبنانى يستجوبه منذ توقيفه فى ديسمبر 2015 أملا فى إعطاء معلومات شافية تغلق الملف للأبد.
وفى جلسة الاستماع الأخيرة التى عقدت الجمعة ، كشف هنيبعل معلومات جديدة حول القضية، حيث اتهم عبد السلام جلّود الرجل الثانى فى نظام معمّر ويرجح أنه متواجد فى إيطاليا بأنه العقل المدبر لجريمة الاغتيال بهدف توريط ليبيا، مشيرًا إلى أن من يملك الرواية الكاملة لقضية الصدر من ألِفها إلى يائِها، شقيقه المسجون فى ليبيا سيف الإسلام القذافى، والثانى شقيقه المعتصم الذى قُتل خلال الأحداث فى ليبيا.
وقالت صحيفة الأخبار اللبنانية إن هنيبعل قال خلال الجلسة: "أنا مستعد للتعاون لحل القضية"، وعندما سأله القاضى عن الكيفية قال: "فور إخلاء سبيلى أنا قادر على التواصل مع شخصيات أساسية كانت فى الحكم داخل ليبيا للوصول إلى خواتيم القضية"، لافتا إلى أن والده معمّر القذافى برىء من خطف الإمام الصدر ورفيقيه، وأنه فقط يتحمّل مسئولية مدنية تتعلق بالتعويضات لعائلات الضحايا، لكون العقل المدبّر لعملية الخطف مسئولاً رسمياً فى نظامه.
وبحسب المصادر التى تحدثت لصحيفة الأخبار، فقد تحدّث القذافى عن "دور أركان فى النظام فى الضلوع فى اختطاف الصدر"، لكنّه ركّز على رجلين اثنين متورطين بشكل رئيسى هما: عبد السلام جلّود، رئيس الوزراء والرجل الثانى فى ليبيا بعد معمّر القذافى، ووزير خارجية ليبيا الأسبق موسى كوسا الذى يرجح تواجده فى لندن.
وأكّد القذّافى أن عبد السلام جلود نقل الصدر إلى منطقة جنزور فى ليبيا لوضعه قيد الإقامة الجبرية، لكنه لفت إلى أنّه لم يعد يعرف ماذا جرى بعد ذلك، واتهم القذافى عبد السلام جلود بأنه ورّط ليبيا فى عدة قضايا، من توتر علاقات ليبيا مع مصر أيام الرئيس أنور السادات، مروراً بالحرب مع التشاد، وصولاً إلى اختطاف الصدر.
ووجه قاضى التحقيق اللبنانى سؤالاً لنجل القذافى، قائلاً: "هل يمكن أن يأخذ جلّود قراراً بإخفاء الإمام من دون معرفة والدك؟"، فرد بأنّ كل شىء ممكن، وذكر هنيبعل فى إفادته التى أدلى بها على مدى ثلاث ساعات، بحضور وكيله المحامى محمد مظلوم ووكلاء العائلات الثلاث، أنّه بدأ بمتابعة قضية الإمام الصدر ورفيقيه منذ عام ١٩٩٦، كاشفاً أنّه علِم أنّ عسكرياً ليبياً لا يعلم اسمه وموسى كوسا وشخصاً ثالثاً انتحلوا هوية الإمام الصدر ورفيقيه، وسافروا إلى إيطاليا.
ورغم تأكيده أنّ شقيقه سيف الإسلام كان مكلّفاً من والده معمّر بتصفية القضية ودفع تعويضات لإنهاء الأزمة، إلا أن قاضى التحقيق بادره بسؤال : "هل يعقل أنّه لم يخبرك أحد بما حلّ بالإمام الصدر؟ فردّ القذافي: "أخي يكبرني بسبع سنوات. هو بمثابة والدي، وأقبّل يده عندما أُصافحه، سألته مرّة فأجابني بأنّه لا دخل لى بهذه القضية"، كذلك نفى أنّ يكون شقيقه المعتصم ـ كان مسؤولاً أمنياً في ليبيا ـ قد أخبره شيئاً عن القضية.
وفى ختام الجلسة، أصرّ القذافي على أنّه غير مطّلع على المرحلة الأخيرة في قضية الإمام الصدر، وقد طلب المحقق الاستماع إلى إفادة شاهد سرّى يملك اطّلاعاً واسعاً على دور هنيبعل في السجن السياسى، باعتبار أن الإمام الصدر سُجن فيه لفترة.
اليوم السابع