ماذا بعد جنوب "الغوطة" وشرقها؟
لقد نجح إتفاف "وقف الأعمال القتالية" في سورية الذي فرضته روسيا، في ضرب المجموعات المسلحة في بعضها، وتعميق الإنقسام بينها، كون هذا الاتفاق لا يشمل كل من تنظمي "جبهة النصرة- فرع تنظيم القاعدة في بلاد الشام" و"داعش" الإرهابيين، والفصائل المسلحة التي تدور في فلكهما. وبموجبه يمنع على أي فصيل "معتدل" التدخل أو مؤازرة المجموعات الإرهابية، عندما يستهدفها الجيش السوري أو الطيران الحربي التابع لروسيا أو قوات التحالف الدولي، فحتماً سيؤدي هذا الاتفاق الى الإقتتال بين مختلف التنظيمات المسلحة، لاسيما بين "داعش" و "النصرة" من جهة، وبين سواها ممن يلتزم الاتفاق المذكور أعلاه.
وهذا ما حدث فعلاً، في بعض مناطق محافظة حلب، والغوطة الشرقية لدمشق، حيث حاول "جيش الإسلام" فرض الاتفاق على "فيلق الرحمن" القريب من "النصرة"، بالتالي عدم تقديمه أي شكل من أشكال الدعم للأخيرة، خصوصاً في المناطق حيث الوجود المتداخل للتنظيمات المذكورة، تحديداً في "الغوطة"، غير أن بعض وحدات "الفيلق" رفض الإذعان "لجيش علوش"، واستمرت في مؤأزرة "الجبهة"، ما دفع "جيش الإسلام" الى مهاجمة بعض مقار هذه الوحدات في عددٍ من مناطق وقرى "الغوطة" المحاذية لدوما معقل "جيش الاسلام"، حيث دارت معارك ضارية بين هذه الفصائل في الاسابيع الفائتة، بحسب مصادر ميدانية متابعة.
في الوقت عينه، يعمل الجيش السوري وحلفاؤه على توسيع نطاق "درع العاصمة" دمشق في إتجاه الجنوب، فاستغلت القوات السورية الاقتتال الدائر بين المسلحين، وشنت هجوماً واسعاً على القطاع الجنوبي من "الغوطة"، وسيطرت عليه بالكامل، بالاضافة الى استعادة منطقة الغابون المحاذية لدمشق، وحصنت بذلك حماية أمن مطار دمشق الدولي، والطريق المؤدية إليه، في وقت يعمل فيه الجيش السوري الآن على تثيبت نقاطه ومواقعة في القطاع المذكور، لكي يتمّكن من التقدم في إتجاه القطاع الشمالي، أي نحو دوما وحرستا، في حال أراد ذلك، ودائماً برأي المصادر.
بالانتقال الى البادية، لم يعبأ الجيش العربي السوري بالحشود التي جهزها «التحالف الدولي» الذي تقوده واشنطن، فواصل تقدمه في منطقة البادية بريف حمص الشرقي، وسط أنباء عن عبور قوات نروجية وأميركية من العراق إلى منطقة التنف في سورية لدعم الميليشيات المسلحة.
وفي السياق، كثرت التحليلات والمعلومات الصحافية، التي تتحدث عن إمكان مهاجمة "قوات سورية الديموقراطية"، التابعة لحزب العمال الكردستاني، محافظة الرقة، عاصمة "داعش" في سورية، بالتنسيق مع واشنطن، رغم معارضة أنقرة للعملية، خوفاً من نشوء كونتون كردي شرق نهر الفرات يمتد الى الموصل، وترجح المصادر صحة هذه المعلومات، بتنسيقٍ محدودٍ مع الروس، لتفادي وقوع أي صدام مع القوات السورية،.
ولا تستبعد المصادر قيام الجيش السوري بهجومٍ كبير، تحت غطاء جوي روسي، على المنطقة الممتدة من دير الزور في الشرق وصولاً الى الغاب الشرقي في الوسط.
وتعقيباً على هذه المعلومات والتحليلات، تبدي مصادر في المعارضة ريبتها من مشروع تقسيم لسورية، وفقاً لخريطة قديمة، وإعادة إنشاء كانتون غرب الفرات تحت النفوذ الروسي، وآخر شرق الفرات تحت النفوذ الأميركي، مؤكداً أن هذا الأمر يتهدد خرائط المنطقة بأسرها.