صحفي سوري يكتب: دولتي العلمانية!
* سألني صحفي أوروبي: هل أنت «علماني»؟ قلت له: نعم، ودولتنا «علمانية». * قال لي: حدثني عن حياتك؟ قلت له إنني وُلدت في مشفى «القديس لويس» بدمشق، وأسكن حالياً وسط شارع «معاوية بن أبي سفيان»، في الطابق الرابع من بناء «علي بن أبي طالب». تعلّمت المشي في حديقة «خالد بن الوليد»، وقلعت معظم أسناني في مشفى «الإمام الصدر» بالسيدة زينب. * وماذا عن دراستك؟ تلقيّت أوّل درس علم في روضة «ابن تيميّة» بدمشق القديمة، وحصلت على استثناء لدراسة الابتدائية حتى الصف الثالث في مدرسة القديس «يوحنا الدمشقي»، وأكملت الصف السادس في المدرسة «المحسنية». أما شهادتي الإعدادية حصلت عليها من مدرسة «أبو بكر الصديق»، والثانوية من مدرسة «عمر بن الخطاب»، كما درست الإعلام في معهد الشام «الإسلامي»، وأجريت دورات باللغة الإنكليزية في معهد «أبو الفضل العباس». * وكيف تتسوّق؟ أشتري الحلويات من ركن «الأنصاري»، والملابس من محلات «عثمان»، وأدوات المطبخ والمنظفات من سوبر ماركت «عائشة». أما الصحف أشتريها من مكتبة «حسان بن ثابت»، والدواء من صيدلية «فاطمة الزهراء»، قهوتي المفضلة «بن أمية»، وأدواتي الكهربائية بالتقسيط من «هريرة» وشركاه. * ألا تفكر بالزواج؟ طبعاً.. سوف أتزوّج فتاة مسلمة، وأنت مدعو إلى حفل الزفاف في صالة «رياض الصالحين». * الصحفي الأوروبي: مظاهر العلمانية واضحة في بلادكم...! ولكن سمعت بأنه تم حذف كلمة علمانية من البيان الختامي لمؤتمر بين الحكومة والمعارضة؟ صحيح.. لكن الشعب السوري لم يسكت، وامتلأت صفحات الفيس بوك بآلاف المنشورات التي تدافع عن علمانية بلادنا و.... * قاطعني الصحفي: ولكن دستوركم لا ينص على العلمانية بشكل صريح؟ نحن نمارس العلمانية بشكل غير مباشر، الدولة لا تجبر أحداً على اعتناق دين أو مذهب معين، ولا تعاقب غير المؤمنين والملحدين، ولا تعامل المواطنين السوريين على أساس الدين، أليست هذه أهم مبادئ العلمانية؟ * صحيح ولكن دستوركم يقول أيضاً إن الدين الإسلامي هو المصدر الرئيسي للتشريع؟ وما هو العيب في ذلك.. "الإسلام هو الحل".. عفواً الإسلام هو دين الأغلبية * دستوركم يحدد ديانة رئيس البلاد أيضاً؟ دعني أسألك أنا: هل سبق ووصل أي مسلم في بلادكم إلى الرئاسة؟ * لا.. لكن دولتكم تبني آلاف المساجد؟ نعم ولكنها تبني أيضاً آلاف المراكز الثقافية، ولدينا دور سينما ومسارح ونوادي ليلية ومراقص، ثم إن بلادكم تبني الكنائس أيضاً. * أنتم تبنون دوراً لتحفيظ القرآن، ومدارس وكليات شرعية، وتدرسون التربية الدينية لأطفالكم أليس كذلك؟ نعم.. ولكن هناك بالمقابل معاهد للتمثيل والرقص، ونحن نعلم أطفالنا الرسم والموسيقى في المدارس. * وماذا عن قانون الأحوال الشخصية؟ قانون مناسب لطبيعة الشعب السوري المتدين، لا تنس أن جميع الأنبياء أرسلوا في بلادنا. * ألا تلاحظ معي أن أسماء المرافق العامة والخاصة لديكم وحتى أسماؤكم ذات دلالات دينية؟ هذا حفاظ على الهوية الثقافية للمجتمع السوري، هل تعني العلمانية سلخ الشعب السوري عن تاريخه وحضارته. * سمعت بأنه لديكم قناة إسلامية، وأنكم تبدؤون إرسال الإذاعات والتلفزيونات الرسمية بالقرآن؟ صحيح.. ولكن لدينا دراما تناقش مواضيع حساسة وتحتوي مشاهد جريئة تخجل قنواتكم من عرضها. *لكن بعض المعارضين في الخارج يقولون إن بلادكم ليست علمانية؟ هؤلاء حذفوا كلمة العلمانية من البيان الختامي للمؤتمر الذي تتحدث عنه، هكذا قال رئيس الوفد الحكومي بشار الجعفري، ثم إن بعض المعارضين يتبعون لتيارات إسلامية ويعملون على إلغاء المعارضة العلمانية، كيف يدافع هؤلاء عن مبدأ لا يؤمنون به؟ * حتى معارضو الداخل وبعض المؤيدين قالوا إن بلادكم لم تكن علمانية أساساً؟ البعض من هؤلاء يعارضون كل شيء حتى يصبحوا نجوماً على الفيس بوك وبعضهم الآخر طائفيون يدّعون العلمانية.. حتى أقنعك أكثر بأن بلدنا علماني، هناك بـار جديد في باب توما سوف نكمل حديثنا هناك.. ما رأيك؟ * دعنا نزور الجامع الأموي أولاً.. كما تريد.. (ملاحظة من الكاتب: الحوار افتراضي، والمعلومات الواردة فيه لا تخص صاحب المقال)