هل يتورّط الأردن في جنوب سورية؟
– لم يكن مجرد صدفة أن يقع الاختيار على درعا جنوب سورية لإطلاق كرة النار التي صارت حرباً عالمية على سورية، ولا من باب الصدفة أيضاً إنشاء غرفة عمليات أميركية عرفت بغرفة الموك في الأردن تتولى تنظيم وتدريب المسلحين للقتال في سورية، قبل أن تقرر واشنطن الانتشار المباشر تحت غطاء قتال داعش شمال سورية، فالجنوب السوري يشكل المدخل الجيوسياسي للإمساك بالعاصمة دمشق وبالحدود السورية مع الجولان المحتل، وبالتالي خط الاتصال بمفهوم الأمن «الإسرائيلي» الذي كان ولا يزال حذر مواصلة الحرب على سورية.
– فشلت كل محاولات تنظيم وتجميع المسلحين للدرجة التي تسمح بتحقيق الأهداف المرجوة بتهديد أمن العاصمة السورية، أو توفير حزام أمني حقيقي لـ«إسرائيل»، رغم بلوغ الجماعات المسلحة أرقاماً بعشرات الآلاف، ويبدو واضحاً لغرفة عمليات الحرب على سورية أن ما لم يتم تحقيقه في ظروف صعود الجماعات المسلحة وتقدمها، لن يكون بالمقدور تحقيقه في ظروف هبوطها وبدء انحدارها، رغم محاولات الإنعاش التي تلقتها سواء، بالضربة الأميركية لمطار الشعيرات، أو بالتهديد بفتح الجبهة الجنوبية بشراكة أردنية «إسرائيلية» أميركية بريطانية.
– حاول «الإسرائيليون» الذين يفترض أنهم صاحب المصلحة الرئيسية بتشكيل كانتون جنوبي يشبه الكانتون الشمالي الذي أنشأه كل من الأميركيين والأتراك شمال سورية، وكانت مهزلة الحزام الأمني الذي رعاه موشي يعالون منذ كان وزيراً للحرب، ولم يتبقّ منه إلا بضع قذائف إسرائيلية كانت تتساقط لحماية جبهة النصرة في عمق الجنوب السوري وصارت تتساقط اليوم قرب خط الحدود، وعندما حاول «الإسرائيليون» مرات كسر معادلات الردع أصيبوا بالإحباط لتكريسها وتثبيتها، يوم غارتهم الأولى على القنيطرة واستشهاد جهاد مغنية والردّ في مزارع شبعا، وفي المرتين المتتاليتين لإطلاق الصواريخ السورية على طائراتهم، واعترافهم بأن المعادلات تتغير بعكس مصالحهم.
– حاول السعوديون بعد الحصول على الموافقة الأميركية تغطية حضور النصرة من بوابة غزوة دمشق وريف حماة وكان الفشل الذريع، ولا تزال انتصارات الجيش السوري تتدحرج، ولا يبدو أن الأميركيين والبريطانيين مستعدون لأكثر من إرسال وحدات عمليات خاصة، تحت شعار الحرب على داعش، لإسناد عملية يريدون للأردن تولّي مهمة تنظيمها وتغطية حركة الجماعات المسلحة التي تمّ تجميعها وتنظيمها لعبة الحدود السورية، ومحاولة اقتطاع جزء من جغرافيا الجنوب السوري، والمشروع تحت عنوان المناطق الآمنة للنازحين السوريين كما فعلت تركيا، لكن النتيجة ستكون خسارة الأردن ووقوعه في فخ قد يؤدي لتداعيات داخل الحدود وربما في العاصمة، فسورية اليوم غير الأمس، والوضع الدولي والإقليمي تغيّرا جذرياً، وما يتصل بـ«إسرائيل» حساباته مختلفة، فهل يريد الأميركي والبريطاني توريط الأردن لجعل الأراضي الأردنية مشاعاً تدخله وحدات داعش الهاربة من الموصل والرقة عبر الباديتين السورية والعراقية؟