بداية القابضة

رئيس التحرير : عبد الفتاح العوض

رئيس مجلس الإدارة : د. صباح هاشم

من نحن اتصل بنا
أجنحة الشام

هل باتت معركة إدلب على الأبواب؟

الأحد 23-04-2017 - نشر 8 سنة - 6331 قراءة

بعد انتهاء تحرير الأحياء الشرقية لمدينة حلب، كان على القيادة العسكرية السورية أن ترتّب أولوياتها وكانت الخيارات حينها بين ثلاثة إتجاهات:

1-    اتجاه الريف الشرقي لحلب

2-    اتجاه تدمر

3-    اتجاه إدلب

حينها، كانت الخيارات متجهة باتجاه الريف الشرقي لحلب لمجموعة من الأسباب أهمها توسيع نطاق الأمان حول مدينة حلب وخلق جبهة صد بوجه قوات درع الفرات والقوات التركية لمنعهما من التقدم باتجاه الرقّة، وهوما حصل فعلاً حيث شهدنا على مدار ثلاثة اشهر عمليات متواصلة استطاع من خلالها الجيش السوري الوصول إلى مدينة تادف بعمق يصل جنوباً حتى مطار الجراح ودير حافر وشرقاً حتى حدود منبج وضفاف بحيرة الأسد.

في هذا الإتجاه، شكّل الإنزال الأميركي في قرية هريرة ومن ثمّ التقدم باتجاه الطبقة ومطارها عائقاً امام استكمال الجيش السوري عملياته باتجاه الجنوب منعاً لحصول تصادم مع القوات الأميركية، وفي حين اعلنت القيادة الأميركية أنّ الإنزال هدفه قطع اوصال "داعش"، إلّا أنه في الحقيقة عملية واضحة هدفها اعاقة تقدم الجيش السوري.

على الإتجاه الآخر نحو تدمر، كنّا امام تحول خطير حيث استعاد تنظيم "داعش" سيطرته على تدمر في ظل انشغال الجيش السوري بمعركة الأحياء الشرقية لمدينة حلب وتهديده لمطار التياس (T4).

بالتزامن مع معركة ريف حلب الشرقي، بدأت وحدات الجيش السوري هجوماً مضاداً وسّعت فيه من حزام الأمان حول مطار التياس وبدأت بالتقدم نحو تدمر التي استعادها الجيش، ويعمل الآن على تثبيت جبهاته المحيطة بالمدينة من كل الإتجاهات.

منذ شهر وبعد النجاحات الكبيرة للجيش السوري، شنّت الجماعات الإرهابية عمليات كبيرة في ريف حماه الشمالي وجوبر في محاولة منها ومن مشغليها لدفع الأمور نحو متغيرات كبرى، واختيار مكان وزمان الهجوم فيه دلالات كبيرة حيث جاء بعد نجاحات الجيش في ريف حلب الشرقي وتدمر وبعد تصدي الجيش السوري للطائرات الصهيونية للإيحاء بأنّ الجماعات الإرهابية لا تزال قادرة على تهديد العمق الإستراتيجي للدولة السورية على تخوم العاصمة وعند عقدة ريف حماه الشمالي بما تمثله من عقدة ربط وسيطرة.

وخلال فترة لم تتجاوز الأيام، استطاع الجيش السوري أن يعيد الوضع إلى ما كان عليه في جوبر وان يكمل عملياته في برزة والقابون، بفارق أنّ خسائر الجماعات الإرهابية تجاوزت الألف بين قتيل وجريح.

في ريف حماه الشمالي، ومع استعادة الجيش السيطرة على صوران اعاد الوضع إلى ما كان عليه قبل بدء الجماعات الإرهابية بهجومها إضافةً إلى اكمال المسير باتجاه طيبة الإمام ليتخطاها بعدة كيلومترات على خط جبهة بعرض 18 كلم بمواجهة صوران وطيبة الإمام مع استعداد الجيش للتقدم نحو حلفايا، وهو ما تشير اليه طبيعة العمليات.

وعليه، فإنّ توقف وحدات الجيش السوري عن التقدم باتجاه مسكنة والطبقة بسبب العائق الأميركي ولأن استكمال العمليات في تدمر يتركز الآن على توسيع حزام الأمان واستعادة السيطرة على حقول النفط والفوسفات في المحيط المباشر وغير المباشر لتدمر امتداداً حتى القريتين شمالاً وجنوباً، وحيث ستستمر هذه العمليات فترة غير قصيرة، فإنّ اولويات الجيش السوري بالتأكيد ستكون مركزة باتجاه ادلب واريافها.

العمليات التي تحصل الآن في ريف حلب الشمالي الغربي بالقرب من عندان وحريتان وفي الريف الغربي بموازاة الراشدين وخان العسل تشير إلى نية الجيش السوري تحرير هذا القطاع الذي يشكل بالنسبة لريف ادلب الشمالي قوس حماية لا بد من ازالته وانهاء تواجد الجماعات الإرهابية فيه، خصوصاً ان تطوير العمليات في شكله الحالي سيجبر الجماعات المتمركزة في ضهرة عبد ربو وكفرحمرة واجزاء من جمعية الزهراء على الإنسحاب تحاشياً لوقوعها في الطوق، خصوصاً اذا ما استكمل الجيش السوري عملياته من الطامورة باتجاه الجنوب ووصل إلى معرة الارتيق التي تعتبر المنفذ الحيوي للجماعات الإرهابية المتواجدة عند تخوم مدينة حلب من اتجاه الشمال.

وبالنظر إلى اماكن تواجد الجيش الحالية في الريف الجنوبي الغربي، فإنّ التقدم إلى خان طومان وتل العيس وصولاً إلى الزربة قد يكون على قائمة عمليات الجيش لرسم اتجاه تقدم جنوباً نحو سراقب بموازاة اتجاه تقدم آخر من جبل الاربعين جنوباً نحو ابو الضهور ومطارها.

هذه العمليات المحتملة قد تتواكب مع استكمال العمليات في ريف حماه الشمالي وصولاً حتى خان شيخون فسراقب مروراً بمدينة مورك، خصوصاً ان العميد سهيل الحسن الذي يقود عمليات الإقتحام في ريف حماه الشمالي له باع طويل وخبرة كبيرة في المناطق المذكورة، وهو المعروف عنه قدرته على انجاز العمليات الخاطفة والسريعة.

هذا السيناريو المتعدد الإتجاهات ليس رواية خيالية بقدر ما هو وقائع يمكن ان تتم ترجمتها ميدانياً وبشكل يُلزم الجماعت الإرهابية على تشتيت قوتها في الإتجاهات المذكورة وعلى جبهات واسعة، ويمنعها من عمليات الحشد والمؤازرة والضغط على جبهة واحدة كما تفعل عادة.

إذن، نحن امام مشهد جديد بوقائع واحتمالات جديدة ستؤكد قدرة الجيش السوري على امتلاك عنصر المبادرة والمناورة بالحركة والنار، مع الإشارة إلى ان تواجداً ملحوظاً للمستشارين الروس في ريف حماه الشمالي يؤشر على الإحتمالات الواردة في هذه المقالة لتقديم المشورة للقوات السورية وادارة نيران الطيران الروسي بشكل مباشر من الجبهات.


أخبار ذات صلة