الولايات المتحدة تتخبط في تفاصيل الهجمة الكيميائية
تطرقت صحيفة "إيزفيستيا" إلى ما تنشره الصحافة الأمريكية عن الهجمة الكيميائية في سوريا، مشيرة إلى أن هدف ذلك استبدال المفاهيم وتحويل الأنظار عن المشكلات الرئيسة السورية وجاء في مقال الصحيفة:
على خلفية زيارة وزير خارجية الولايات المتحدة ريكس تيلرسون إلى موسكو، بدأت وسائل الإعلام الأمريكية بشن حملة إعلامية شعواء، فقد نقلت وكالة أسوشيتد بريس عشية الزيارة عن مسؤول رفيع المستوى في إدارة ترامب، الذي يقود "حربا مقدسة" ضد الأخبار الوهمية (fake news)، أن موسكو كانت على علم بخطط بشار الأسد الخاصة باستخدام السلاح الكيميائي.
ويبدو أنهم في الغرب قد تخلوا عن ضرورة التحقيق بحادث الهجمة الكيميائية في سوريا، لأنهم على يقين من حقيقتها، لذلك فقد بدأت الصحافة بانتقاد "الدكتاتور الأسد" وشجب دعم روسيا ومساعدته في "خططه الشريرة".
ولعل دونالد ترامب كان محقا عندما قال إن الأخبار غير المؤكدة، التي تنشرها وسائل الإعلام، هي إحدى المشكلات الرئيسة للولايات المتحدة، فقد سارعت واشنطن بمهاجمة سوريا بالصواريخ حتى قبل أن يخرج الخبراء باستنتاج حول مسألة الهجمة الكيميائية، وفورا بدأت الصحافة الأمريكية بالكتابة عن الهجمة كحقيقة واقعة، وبعد بضعة أيام تحولت نحو روسيا بهدف تحويل الأنظار عن السؤال الرئيس: ما الذي حدث فعلا في سوريا؟.
أولا، لم يكن هناك أي سلاح كيميائي. أي أن سوريا لا تملك أي سلاح كيميائي، وهؤلاء الناس لم يُقتلوا بالغاز.
ثانيا، هذه القصة مليئة بالأوهام. فالمساعدات، التي تقدمها مثلا المنظمات الإنسانية إلى المصابين، هي تمثيلية واضحة من إخراج شخص غير محترف.
ثالثا، الضربة الأمريكية على القاعدة الجوية السورية كان قد خطط لها سابقا، ووجدوا ما يبررها في الوقت المناسب.
وكل هذه الألعاب المزدوجة ستظهر على السطح قريبا. هذا ما صرح به للصحيفة النائب الأول لرئيس لجنة الدفاع والأمن في مجلس الاتحاد فرانس كلينتسيفيتش.
ويذكر أن وكالة أسوشيتد برس كانت قد ذكرت، وفقا لمعلوماتها، أن طائرة روسية من دون طيار كانت تحلق فوق المنطقة في الوقت، التي وقعت فيها الهجمة الكيميائية بالذات. فقد صرح للوكالة مسؤول رفيع المستوى، لم تذكر اسمه، بأن هذا لم يكن اعتباطا، بل إن هناك من أراد إخفاء آثار استخدام الغازات السامة. وبعد ذلك، ظهرت معلومات تشير إلى أن مسؤولا أمريكيا (مجهولا أيضا) أشار إلى أنه ليس في الاستخبارات الأمريكية رأي موحد حول ما إذا كانت روسيا على علم بالتحضير لهذه الهجمة أم لا.
يقول رئيس أكاديمية المشكلات الجيوسياسية الفريق أول ليونيد إيفاشوف بهذا الصدد: "منذ زمن بعيد لم يعد أحد يتحمل المسؤولية عن صدقية الأخبار. والدعاية الأمريكية تعمل بصورة منتظمة على تضليل الرأي العام العالمي. وأنا شخصيا أثق بكل ما أعلنته وزارة الدفاع الروسية بأن الطيران السوري قصف مستودع أسلحة للمسلحين كان يحتوي على سلاح كيميائي.
والأمر الأهم هنا هو عدم حاجة دمشق وموسكو إلى أي هجمة كيميائية، لأن هذا يعني توجيه ضربة إلى نفسيهما، واستفزازا للناتو والولايات المتحدة للقيام بأعمال حربية. ولو كانت موسكو تملك أي معلومات عنها لبذلت كل ما في وسعها لدرئها".
أما رئيس رابطة قدامى عناصر وحدة "ألفا" لمكافحة الإرهاب سيرغي غونتشاروف، فيشير إلى أن جميع البيانات في وسائل الإعلام الأمريكية بشأن علم روسيا بالتخطيط للهجمة الكيميائية المزعومة، ليس سوى "دعاية ومحاولة لصرف الاهتمام".
وأضاف أن "وزارة الدفاع الروسية شرحت تفاصيل الحادث. لكن الغرب يستخدم وسائل الإعلام للتأثير في الرأي العام، وتحميل موسكو ودمشق المسؤولية".
ومن الواضح أن الولايات المتحدة وأوروبا تنسيان دائما أن روسيا بذلت جهدا كبيرا لإتلاف سلاح سوريا الكيميائي. وإن ما تنشره الصحف الأمريكية من تصريحات لمسؤولين لا تكشف عن أسمائهم هدفه تضليل الرأي العام العالمي. بيد أن الشيء المثير هنا هو أنهم لا يشكون في "حقيقة" الهجمة الكيميائية، على الرغم من عدم وجود أي شيء يؤكدها. لذلك بدلا من التحقيق في الحادث، يعمل ساسة الولايات المتحدة ومعهم وسائل الإعلام على صرف أنظار المجتمع الدولي عن جوهر المسألة، كما يقول العسكريون، وتحويلها إلى "هدف تافه".