اذا كانت أمريكا تعمل على تقسيم ليبيا .. ماذا عن سورية؟
تعتبر صحيفة “الغارديان” من الصحف البريطانية المعتبرة والرصينة، وطبعتها الإكترونية تعتبر ثالث الصحف قراءة على مستوى العالمي، لذلك كثيرا ما تثير التقارير التي تنشرها الصحيفة اهتمام السياسيين والباحثين والإعلاميين، لصحتها وصدقيتها.
اخر التقارير المهمة والخطيرة التي نشرتها “الغارديان” في عددها الصادر يوم الاثنين 10 نيسان / ابريل، كان حول خطة أمريكية جديدة لتقسيم ليبيا الى عدة دول صغيرة اعتماداً على خريطة الولايات العثمانية القديمة.
في تفاصيل التقرير تذكر الصحيفة أن سباستيان غوركا المسؤول الكبير في البيت الأبيض، والمكلف من قبل الرئيس الامريكي دونالد ترامب بملف السياسة الخارجية، هو الذي اعد خطة تقسيم ليبيا الى ثلاث دول، وطرحها في أحد الاجتماعات مع دبلوماسي أوروبي، كحل للأزمة في ليبيا!.
وأشارت الصحيفة الى أن غوركا، ربما يحصل في الوقت الحالي على منصب مبعوث ترامب الخاص إلى ليبيا، في محاولة لتطبيق الخطة المقترحة بتقسيم البلاد إلى 3 دويلات صغيرة، وفقا لخريطة الولايات العثمانية القديمة، والتي تعتمد على وجود دويلة “برقة” في الشرق، و”طرابلس” في الغرب، و”فزان” في الجنوب.
وبينت الصحيفة ان غوركا دافع عن خطته خلال لقائه بالدبلوماسي الأوروبي، لأنها في اعتقاده ستسمح بكل سهولة بالقضاء على “الإسلام المتطرف”، ومنع “الإرهاب” من التسلل إلى أوروبا والولايات المتحدة!!.
ما كشفت عنه صحيفة الغارديان في تقريرها، هو الهدف الرئيسي والحقيقي، وراء المؤامرة التي استهدفت ليبيا عام 2011 والتي شارك فيها الناتو وبعض الدول العربية الخليجية، والتي تم التستر عليها حينها بشعارات براقة مثل “الثورة” و“الحرية” و”الديمقراطية” و“حقوق الانسان”.
اكثر صفحات المؤامرة التي استهدفت ليبيا إيلاما، كانت تواطؤ بعض، من يعتبرون انفسهم “علماء دين” من امثال يوسف القرضاوي، مع الأنظمة العربية الرجعية وحلف الناتو، بعد ان تحولوا الى نجوم في قناة “الجزيرة” القطرية، فكلنا يتذكر القرضاوي عندما كان يشرعن عدوان الناتو والدول العربية الرجعية ضد ليبيا، وكيف افتى من على شاشة “الجزيرة” بقتل الزعيم الليبي معمر القذافي.
الصفحة المؤلمة الأخرى من صفحات المؤامرة التي استهدفت ليبيا، كانت الأكذوبة الوقحة التي صدقها البلهاء وهي تحول انظمة عربية رجعية تعيش خارج التاريخ، الى مدافعين عن الديمقراطية والحرية وحقوق الانسان في ليبيا، بينما يتعامل ملوك وامراء ومشايخ في هذه الأنظمة مع مواطنيهم معاملة السيد مع العبد.
يبدو واضحا من خلال خطة تقسيم ليبيا التي كشفت عنها الغارديان، ان المؤامرة التي استهدفت ليبيا مازالت مستمرة، فهي لا تكتفي بتقسيم ليبيا بل تزرع بذور الصراع الأبدي بين الليبيين وتقسيم ما سيُقسم، ونقل الفوضى الليبية الى باقي الدول العربية والاسلامية المجاورة.
الملفت ان غوركا الذي وضع خطة تقسيم ليبيا، يبرر خطته بمجموعة من الأكاذيب التي تؤكد ان امريكا وضعت خطة شاملة لتقسيم جميع الدول العربية وليس ليبيا فقط، فهو يبرر خطته بأنها ستسمح بكل سهولة بالقضاء على “الإسلام المتطرف”، ومنع الإرهاب من التسلل إلى أوروبا والولايات المتحدة، بينما لا يحتاج الانسان الى كثير من الذكاء ليعرف ان الصراع الذي سينشب بين الدويلات الليبية على النفط والماء سيوفر ارضية خصبة للإرهابيين الذين سيحولون حياة الليبيين الى جحيم مما يضطرهم للهجرة الى اوروبا وباقي دول العالم هربا من الموت والفوضى، وهي نتائج تؤكد كذب مزاعم امريكا من وراء خطة تقسيم ليبيا.
امام هذه الخطة الامريكية الرامية لتقسيم ليبيا، والتي ستمحو ليبيا الحالية عن الخارطة، لا يجب على الشعوب العربية ان تنسى الانظمة العربية التي شاركت في جريمة تقسيم ليبيا وتشريد شعبها، فلولا هذه الأنظمة التي وفرت الغطاء السياسي والمالي لحلف الناتو لضرب ليبيا، لما حصل لليبيا ما حصل، فمن الواضح ان هذه الأنظمة لا تملك من امرها شيئا، فهي تقوم بدورها الوظيفي لدى السيد الامريكي، ومن الخطأ الفادح اعتبارها انظمة تتحرك وفق مصالحها او مصالح شعوبها.
ان ما حصل لليبيا على يد بعض الانظمة العربية بالامس، وما سربته صحيفة الغارديان عن تقسيم ليبيا اليوم، يكثفان حقيقة ان ما تتعرض له سوريا اليوم هي مؤامرة اكبر بكثير من المؤامرة التي تستهدفت ليبيا، بسبب دور سوريا في مواجهة الأطماع الصهيونية ونصرة القضية الفلسطينية، ودعم المقاومة في لبنان وفلسطين، ودورها الرئيسي في محور المقاومة، لاسيما ان الذين اوصلوا ليبيا الى ما وصلت اليه اليوم، هم انفسهم الذين يتحالفون ضد سوريا متسترين بنفس الشعارات الكاذبة التي تستروا وراءها عندما تآمروا على ليبيا، لذا على الشعوب العربية والاسلامية والحرة في العالم، ان تقف في وجه المؤامرة التي تستهدف سوريا من خلال الوقوف الى جانب الشعب والجيش والحكومة في سوريا، للحيلولة دون ايصال سوريا الى ما وصلت اليه ليبيا.