بداية القابضة

رئيس التحرير : عبد الفتاح العوض

رئيس مجلس الإدارة : د. صباح هاشم

من نحن اتصل بنا
أجنحة الشام

من سيقاتل "داعش" داخل شوارع الرقة ؟

الأربعاء 05-04-2017 - نشر 8 سنة - 6598 قراءة

تتكاثر التكهنات عن مشاريع المناورات في معركة الرقة، وتتدافع خطط المعارك حول محاصرة "داعش" في عاصمته السورية، ومهاجمته والقضاء عليه او اجباره على الاستسلام والتشتت، لتبدو المعركة مبدئيا كأنها منتهية وقد اصبحت في جيب الاميركيين وحلفائهم، وهم الان يعملون على تحضير اجراءات ما بعد "داعش" في الرقة.

ما جرى مؤخرا في الميدان المحيط غرب مدينة الرقة لا يمكن ان يكون بعيدا عن مرحلة تمهيدية واساسية لتطبيق محاصرة المدينة، لناحية الانزال اللافت غرب الطبقة باشتراك وحدات اميركية وبريطانية خاصة، والتي أمّنت تدفق وحدات من قوات سوريا الديمقراطية ومن وحدات حماية الشعب الكردي، التي سيطرت على مطار الطبقة وعلى ميدان مهم في محيطه، يقطع الطريق على اي امكانية لمناورة سريعة ينفذها الجيش العربي السوري من اتجاه جنوب شرق حلب او من اتجاه اثريا في ريف حماه الشرقي.

ايضا من الناحية الشرقية والشمالية للمدينة، يشتد الحصار على عناصر "داعش" داخل المدينة، والذين خسروا اولا طريق الرقة - دير الزور من الجهة الشرقية للفرات ما بين بلدتي الكرامة شرق الرقة والزلابية شمال دير الزور، وذلك بعد ان كانوا قد خسروا سابقا جميع مواقعهم شمال وشرق الرقة مع كافة معابر ومحاور تواصلهم مع الحدود العراقية حيث ما زالوا ينتشرون غرب نينوى في البعاج والقيروان وغيرهما.

طبعا هذا يعتبر مهماً وضرورياً من الناحية الميدانية ولكن "داعش"، ومقارنة مع معركته المصيرية في الموصل، لا تكتسب معركته في الرقة اقل منها اهمية واستراتيجية ومصيرية، فهو يقاتل ويواجه ويدافع بطريقة استثنائية وخاصة، ولم يتأثر كثيرا من محاصرته بالكامل في غرب الموصل، وهو الان يتمترس داخل مربع صغير في الموصل القديمة، يواجه بواسطة عدد من مقاتليه لا يتجاوز الالف على ابعد تقدير، عشرات الالاف من الجيش العراقي ومن الشرطة الاتحادية ومن وحدات مكافحة الارهاب ومن وحدات النخبة، ويؤخر ويعيق دخول هذه الوحدات مستعملا سلاحا استراتيجيا طالما قاتل بواسطته في اغلب معاركه الحساسة، الا وهو المدنيون كدروع بشرية، وما زال يناور ويتمتع بقدرة دفاعية معقولة، بالرغم من مرور اشهر على تلك المعركة .

من هنا، فلن تختلف معركة "داعش" في مدافعته عن الرقة عن الاخرى في الموصل، وهو سيستفيد من نهر الفرات كعازل استراتيجي غرب المدينة كما يستفيد من نهر دجلة كعازل مماثل في شرق الموصل، وسيستفيد من مئات آلاف الدروع البشرية الذين تقطعت بهم السبل للخروج من الرقة كما حدث مع المواطنين العراقيين في غرب الموصل، وسيبرع في قتال العبوات الناسفة وتفخيخ المحاور والازقة والاحياء في الرقة كما برع في ذلك في الموصل .

هذا في مناورة القتال وفي استعمال جغرافيا الانهر الضخمة (الفرات ودجلة)، ولكن يبقى العامل الاهم والذي سيكون حكما لصالح "داعش" في مدافعته عن الرقة، و الذي هو العنصر البشري الذي سوف يقاتل وحدات التنظيم وجها لوجه في مدينة الاخير التي نفذ فيها ومن خلالها اقسى مجازره وتصفياته الدموية، والتي من بين ازقتها خرج للعالم باشكال و الوان طرق الاعدامات الغريبة، و التي من مخابىء قادته في احيائها خطط ونسق واعطى اوامره بتنفيذ اكثر عملياته الارهابية دموية في العالم والاقليم وفي العراق وسوريا ولبنان وغيرها.

من سيكون هذا العنصر البشري الذي سيقاتل "داعش" في الرقة، والذي سوف يتفوق على الوحدات العراقية العسكرية والامنية صاحبة التجهيز المهم والخبرة الطويلة في قتال "داعش"، والتي تعاني الامرين على مداخل الموصل القديمة ؟؟ ومن هي هذه الوحدات التي سوف تكون اكثر فعالية من الوحدات التركية التي عجزت عن دخول الباب ومهاجمة "داعش"، والتي تكبدت الخسائر المؤلمة على مداخلها الجنوبية الغربية في تلة الشيخ عاقل الاستراتيجية والتي لم تدخلها الا بعد ان رأى الاميركيون طلائع وحدات الجيش العربي السوري وحلفائه تتقدم مسرعة جنوب الباب؟.

هل هذه العناصر هي وحدات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب الكردي، الذين لم يسيطروا على اي موقع لـ"داعش" حتى الان الا بعد تدميره بصواريخ القاذفات الاميركية ؟ هل هذه العناصرستكون من القبائل والعشائر والجيش الحر التي دربتها وجهزتها الوحدات الاميركية، والتي فشلت حتى الان في انتزاع اي موقع من "داعش" الا تلك التي اختار التنظيم التخلي عنها والانسحاب منها لاسباب ميدانية وعسكرية خاصة به ؟.

طبعا سيبقى هذا التساؤل محيرا ومن دون جواب واضح حتى تظهر مناورة الاميركيين بالكامل، هذا اذا ظهرت قريبا، اولا لناحية المناطق الامنة التي اعلن عنها الرئيس ترامب في احد تصريحاته السابقة، وثانيا لناحية الخطة التي طلبها الاخير من قيادة وحداته العسكرية في العراق وسوريا حول محاربة "داعش"، والتي ما زالت تدرسها هذه القيادة ولم تستطع حتى الان تثبيتها نظرا للتأثيرات الاساسية عليها و التي فرضها تقدم الجيش العربي السوري الصاعق والمفاجىء في شرق وجنوب شرق حلب.


أخبار ذات صلة