تكويعة جنبلاطية نحو دمشق
في خطابه في الذكرى الـ40 لاستشهاد كمال جنبلاط، عاد النائب وليد جنبلاط إلى فلسطين والى التذكير بإسقاط اتفاق 17 أيار. الخطاب، مقروناً بوقائع عدة في الجبل أخيراً، يوحي بـ «ردّة» جنبلاطية جديدة
وقائع عدة، كان آخرها «خطاب الكوفية» في المختارة قبل عشرة أيام، تشير الى أن النائب وليد جنبلاط بدأ يغادر مرحلة «انتظار سقوط دمشق»، وأن «الاستدارة» الجديدة ربما بدأت بالفعل.
في احتفال للحزب السوري القومي الاجتماعي بذكرى الاول من آذار في بلدة سوق الغرب (قضاء عاليه)، كان الحضور الاشتراكي كبيراً على مستوى القيادات الوسطية ورؤساء البلديات والفعاليات. وقد صفّق وكيل داخلية منطقة الجرد في الاشتراكي زياد شيا طويلاً لكلمة القيادي القومي حسام العسراوي حين انتقد الأخير التقصير الإنمائي في القضاء، ولم يتوقف تفاعله حين وجّه العسراوي تحية الى الجيش السوري والرئيس بشار الاسد.
وقائع عدة، بحسب مصادر متابعة في الجبل، توحي بتغيرات جذرية، وإن غير معلنة، في الموقف الجنبلاطي. من هذه الوقائع، التشدّد المستجدّ في معاملة النازحين السوريين وفرض قيود متنوعة عليهم عبر قرارات بلدية وغيرها، وعبر إطلاق حملات شعبية تحذر من تحركات مريبة لبعضهم. وبعدما أهدر النائب وليد جنبلاط يوماً دماء الدروز الموالين لدمشق، أقام الحزب التقدمي الاشتراكي نفسه، قبل أسبوعين، مجلس عزاء في بلدة بيصور عن روح الشهيد الضابط في الجيش السوري عادل هاني ملاعب الذي استشهد في معارك حمص، وتقبّلت قيادات الاشتراكي التعازي الى جانب أقارب الفقيد ومسؤول حزب الله في الجبل بلال داغر ومسؤولي الحزبين الديمقراطي والقومي. وحتى «احتراق» الصورة الضخمة للشيخ الدرزي السوري المعارض وحيد البلعوص، التي رُفعت في منطقة ضهور العبادية، لم تثر ضجة ولم تُزل آثار النيران عنها لأسابيع.
قيادي وسطي اشتراكي سابق، أصرّ على عدم ذكر اسمه، قال لـ»الأخبار» إن «هناك صعوبة في إقناع الجمهور بالعودة الى خطاب سابق، رغم أن الانتقال الى مرحلة جديدة بات ضرورياً بعد التحولات في الإقليم»، معتبراً أن خطاب المختارة وجّه رسائل في هذا الصدد الى من يعنيهم الأمر. ولفت الى أن «عملية التوريث ليست صعبة في السياسة اللبنانية التقليدية، لكن عقبات كبيرة تواجه البيك الابن، ليس أوّلها تحصين البيت الجنبلاطي الداخلي والحزبي، وطرح شعارات مختلفة عمّا شهده العقد الأخير».
مصادر معارضة رأت في حملة التعبئة الاشتراكية التي سبقت مهرجان المختارة «محاولة لتظهير صورة جنبلاط على أنه لا يزال بيضة القبان، ولضمان عملية توريث هادئ لنجله، خصوصاً بعدما شهد جسم الحزب خضّة في الانتخابات البلدية السابقة، ما يحتّم تحول التصعيد الجنبلاطي الى التهدئة».
وتتابع «جاءت الإسقاطات في ذكرى الشهيد كمال جنبلاط مفتعلة بالشكل، من الكوفية وشعارات فلسطين والتذكير بدور الجيش العربي السوري من خارج السياق العام، وكان الخطاب مغايراً لخطابات التحريض السابقة. من يُرد اللملمة أمامه طريق طويل، لكنه سهل، لأن محورنا ينتصر تباعاً وهو مستعد للاستيعاب. ومع التمني بأن لا تكون هذه همروجة موقتة، فإن الوقائع تؤكد أن مرحلة جديدة من السياسة الجنبلاطية بدأت دون أن يعرف مداها.