معوّق لا يستطيع نقل لوحات سيارته التي يعتاش منها من إدلب إلى دمشق
اسمه برهان السيد عبيد وهو سيدٌ في إرادته القوية، في الستينيات من عمره، متزوج ولديه العديد من الأبناء والأحفاد، يملك سيارة تاكسي عمومي نوع (سابا) ويعتاش منها. جاء إلى مبنى صحيفة «تشرين» يحمل شكواه، أخبرني مكتب الاستعلامات أن سائق تاكسي عمومي لديه شكوى ويطلبني، قلت دعوه يدخل ويصعد إلى دائرتنا، فأجابني مكتب الاستعلامات: يفضل أن تنزل أنت إليه، تعجبت من الأمر وقلت في خلدي لما لا يصعد هو إلى مكتبي، المهم حملت في يدي دفتراً وقلماً ونزلت إليه، وذهلت مما رأيت، كان السائق برهان من ذوي الإعاقة الدائمة وحجم إعاقته لا يقل عن 85% ومع ذلك يستطيع العمل على سيارة الأجرة خاصته التي اشتراها مؤخراً وقد أجرى عليها بعض التعديلات كي يتمكن من قيادتها والتحكم في حركتها عبر استخدامه يديه فقط، كما يعمل عليها أيضاً أحد ذويه. البسمة لا تفارق محياه ويستحق أن يكون مثالاً يحتذى به لذوي الاعاقة الجسدية وحتى للذين بغير إعاقة في قدرة الإنسان على تجاوز حالته القاهرة وتحديه الصعاب والتكيف مع الطبيعة والمجتمع من جديد والاعتماد على نفسه بدلاً من أن يكون عالة على الآخرين. بعد ذلك فهمت أنه اشترى مركبته هذه قبل أشهر وهي تحمل لوحات خاصة بمحافظة إدلب ولا يستطيع أن يذهب إلى إدلب، وأن قيودها أصبحت في محافظة حماة بسبب الأزمة، ويريد أن يستبدلها بلوحات محافظة دمشق كي يعتاش منها مع أحد ذويه في دمشق لكونه يعيش في دمشق ويسكن إحدى ضواحيها منذ نعومة أظفاره. وبيّن عبيد أن عملية نقل لوحات مركبته إلى دمشق تعسرت معه من جميع النواحي لأن هناك أوامر تمنع ذلك في الوقت الراهن وأن أحداً لم يقدّر وضعه الصحي لدى الجهات المعنية في وزارة النقل، موضحاً أن الجهات المعنية في وزارة النقل قالوا له يجب الحصول على استثناء من وزير النقل، وأضاف: قدمت طلب الاستثناء للسيد الوزير منذ أكثر من أربعة أشهر وأظن أن استثنائي لا يشكل له أي إحراج، مشيراً إلى أنه حتى الآن لم تأت الموافقة على الاستثناء وأن الوزارة أحالته إلى مديرية الطرق التي بدورها طلبت منه مراجعة الوزارة مرة أخرى والوزارة كذلك طلبت منه مراجعة مديرية الطرق، وقال: لم أحصل حتى الآن سوى على التسويف. ولفت عبيد إلى أنه صدر القانون رقم 34 لعام 2004 الخاص بدعم ومساعدة المعوقين، ورغم ذلك لم يساعده أحد في حل مشكلته وأن طلبه ذهب طي النسيان. بدورنا نقلنا الشكوى إلى عضو المكتب التنفيذي في محافظة دمشق لقطاع النقل والمواصلات هيثم ميداني الذي أكد أن هناك قراراً صادراً عن مجلس محافظة دمشق يمنع نقل أي سيارة عامة من أي محافظة إلى محافظة دمشق مهما كانت الأسباب، مضيفاً أن المسجلين على قوائم دمشق 25 ألف سيارة عمومي ويضاف إليهم 10 آلاف لوحة من المحافظات الأخرى الذين يسمح لهم بالعمل في دمشق. القانون 34 بحاجة إلى تعديل مراعاة لظروف الأزمة وما خلفته من يطلع على القانون رقم 34 الخاص بدعم ومساعدة المعوقين يجد أنه قدم الكثير من الامتيازات لذوي الإعاقة الدائمة كتقديم الدولة الخدمات الوقائية والعلاجية للمعوقين مجاناً من خلال المؤسسات الصحية في وزارة الصحة، كما كفل القانون للمعوقين جسمياً توفير التعليم الأساسي في سن المدرسة، ومنح طلاب الجامعات من المعوقين أولوية القبول في المدن الجامعية، ووفر القانون ميزات أخرى للمعوقين في مجال الاتصالات والمواصلات ومنحهم تخفيضاً قدره 50% في وسائل النقل الجماعية البرية والبحرية والجوية، كذلك أعفى المعوق من رسم الطابع من جميع المعاملات الشخصية مع الجهات العامة. ورغم كل ذلك لا يوجد في القانون المذكور ما يمكّن السيد عبيد أو أحداً من المعوقين من نقل لوحات مركبته إلى المحافظة التي يعيش فيها أو يستثنيه من قرارات مجلس المحافظة وقد أكدت لنا ذلك أمين عام المجلس المركزي للمعوقين في سورية خولة حنا. والجدير ذكره أن المجلس المركزي للمعوقين هو الجهة التي تعنى بشؤون المعوقين في الجمهورية العربية السورية وترسم السياسة العامة لتأهيل المعوق وتضع الخطط والبرامج التنفيذية اللازمة ومن مهامه اقتراح التشريعات ذات الصلة بالتعاون مع الجهات المعنية. لقد خلّفت ظروف الحرب آلاف الجرحى والمعوقين وبات لزاماً على الجهات المعنية وبخاصة المجلس المركزي للمعوقين صاحب الحق في اقتراح التشريعات، تعديل القانون رقم 34 لعام 2004 بما يساعد المعوقين على العمل في محافظاتهم التي يعيشون فيها وفي أن يعتاشوا فيها ويستثنيهم من بعض القرارات مراعاةً لوضعهم الصحي، ونقترح في هذا المجال إنشاء نافذة واحدة في كل محافظة خاصة باستقبال معاملات وطلبات المعوقين والجرحى الموجهة إلى المحافظات الأخرى وإرسالها لهم بالبريد ممهورة بختم تلك النافذة ومتابعتها لدى الجهات المعنية في كل محافظة وكأن صاحب العلاقة موجود ويتابعها بنفسه، وإعادتها من المحافظات الأخرى وتسليمها لأصحابها بعد إتمامها. تشرين