فساد هائل.. المصالح العقارية ومالية دمشق تبيعان عقاراً لرجل وامرأة متوفاة !
لم يعد أمر تهريب العقارات وتمليكها لغير أصحابها أمراً جديداً، بل أصبح سلسلة من حلقات لا تنتهي، وكل حلقة تدخلنا إلى تفاصيل دراما سوداء يمارسها مختصون بأعمال التزوير والاحتيال على القانون، إذ تكشف وثائق جديدة عن عملية محاولة فسخ ملكية أحد المواطنين لعقاره الذي يقدر ثمنه بمليار ليرة وتمليكه للغير، هذه العملية كادت أن تتكلل بالنجاح لولا تدخل إحدى الوزارات وتبنيها للشكوى التي تقدم بها صاحب العقار. البيع لامرأة متوفاة وفي التفاصيل، تؤكد الوثائق قيام (م.خ.ر) بالحصول على إحالة تنفيذية للحكم القضائي رقم /251/ لعام 2006 الصادر عن محكمة الصلح بالزبداني بطرق التزوير، وبالتعاون مع أحد معقبي المعاملات وبالاشتراك مع موظفين في مديرية مالية دمشق، نظم المذكور بيان مبيع غير صحيح يتضمن بيع مالك العقار الأساسي لعقاره إلى (م.خ.ر) و (ح.المالكي» بموجب البيان رقم /1405/ تاريخ 10/5/2017 وفق ما هو وارد في كتاب موجه من مديرية مالية دمشق إلى الهيئة العامة للضرائب والرسوم برقم /15944/3/ تاريخ /26/7/2017، مع العلم بأن «ح.المالكي» متوفاة منذ عام 2002 بحسب شهادة الوفاة التي حصلنا على نسخة منها، ولما كان القرار القضائي /251/ بمواجهة «م.الحميدي» وليس بمواجهة مالك العقاري الأساسي، فكيف تم البيع وفق الحكم القضائي المذكور إلى «م.خ.رعد» و «ح.المالكي» المتوفاة، وهل جرت العادة أن تقوم مالية دمشق بتثبيت عقود بالبيع إلى أشخاص في القبور…؟. تورط في الخطأ ولم يتوقف تورط مالية دمشق عند بيان البيع المذكور، بل وصل إلى حد استخدام معلومات البيان في الحصول على موافقة أمنية برقم /33101/ن.م تاريخ 23/4/2017 وبراءة ذمة مالية رقم /8579/ تاريخ 11/5/2017 مخالفين بذلك الأصول القانونية، وهو ما أوضحه كتاب الهيئة العامة للضرائب والرسوم رقم /4092/ص.هـ تاريخ 31/5/2017، إلى مالية دمشق والذي تطلب فيه توضيح سبب التباين في بيان البيع والحكم القضائي، لتكتشف مالية دمشق أن ما ارتكبته كان غوصاً في خطأ كبير عندما طلبت من مديرية السجل العقاري في دمشق استرداد براءة الذمة لمطابقة الأسماء الواردة في العقد المنفذ لديها مع الأسماء الواردة في العقد الصادر ببراءة الذمة وموافقة الجهة المختصة ، لتقوم في نهاية المطاف بتوجيه كتاب آخر إلى مديرية السجل العقاري بدمشق برقم /16635/ تاريخ 2/8/2017 يتضمن إلغاء براءة الذمة المالية أصولاً لكونها مخالفة للأصول المالية ووجود غش وتلاعب وتزوير للوقائع عبر إرفاق عقد غير صحيح إلى مديرية السجل العقاري بدمشق، ولكن الأمر لم يتوقف عند هذه الحال، فقد أعادت مديرية مالية دمشق مراسلة الهيئة لتتبين فيما إذا من الممكن منح براءة الذمة بموجب العقد، ولكن الهيئة أكدت في جوابها أن منح براءة الذمة هو من اختصاص مديرية المالية وفق الأنظمة والقوانين النافذة، رغم أن الهيئة تسلمت شكوى من صاحب العقار تبين جميع المخالفات المرتكبة، لتعود مالية دمشق وتمنح براءة ذمة جديدة بنفس رقم البراءة الملغاة. بين القضاء والسجل العقاري وبالعودة إلى الحكم القضائي رقم /251/ لعام 2006 والذي تم الاستناد إليه في هذه العملية، فقد أشار كتاب المحامي العام الأول بدمشق رقم /13/س/ تاريخ 15/5/2017 والمحال إلى رئيس التنفيذ المدني بريف دمشق برقم /7792/و إلى أن طالبي التنفيذ وهم «م.خ.رعد» ووكيله كانا حصلا على صورة من الوكالتين من دون قرار رفع النظر عن الوكالتين وبالتالي فإن الوكالتين مستند الملف التنفيذي تم أخذهما بطرق غير قانونية، وعليه فقد كتب رئيس التنفيذ المدني بريف دمشق جواباً على كتاب المحامي العام الأول بريف دمشق بتاريخه وأفاد بأن الحكم القضائي المذكور بمثابة المعدوم لعدم وجود توقيع حديث للقاضي ومساعد القاضي على الحكم، إذ كان يجب على رئيس التنفيذ المدني بريف دمشق التوقف عن إجراءات التنفيذ، ولاسيما أن المرسوم رقم /28/ لعام 2013 أكد إعادة ترميم الأحكام الصادرة قبل عام 2013 وأخذ موافقة مجلس القضاء الأعلى على تنفيذها، وهذا ما لم يحدث فعلاً، ما جعل رئيس التنفيذ المدني بريف دمشق يسطر كتاباً جديداً برقم /12498/و تاريخ 24/9/2017 وقد اقترح فيه التريث بتنفيذ الحكم وبناءً عليه أصدر رئيس التنفيذ المدني في الزبداني قراراً بتاريخ /16/9/2017 قضى فيه التريث بتنفيذ الحكم وسطر كتاباً بهذا الخصوص إلى مديرية السجل العقاري بدمشق برقم /318/ذ تاريخ 26/9/2017، إلا أن مدير السجل العقاري رد على الكتاب المذكور بكتاب آخر حمل الرقم /6997/ تاريخ /28/9/2017 بأن الحكم القضائي موضوع البحث قد نُفذ، وهو من سطر في وقت سابق بكتابه رقم /4159/ تاريخ 19/6/2017 أن هناك ملاحظات ونواقص لابد من استكمالها وأن الحكم موقوف التسجيل، وهنا تناقض واضح بين الكتابين…!!. انقلب القرار بتغير القاضي وخلال هذه الفترة تغير قاضي التنفيذ لدى محكمة الزبداني، واستطاع «م.خ.رعد» ووكيله الحصول على قرار باستئناف قرار التريث للحكم المذكور، وتسجيل دعوة إعادة محاكمة وتم تقديمها بالملف /198/2017، فكانت المفاجأة حصول المذكور ووكيله على القرار /192/ للعام 2017 والذي فسخ قرار التريث بتنفيذ الحكم القضائي /251/ لعام 2006 رغم أن أحد أعضاء المحكمة قدم مخالفته لقرار فسخ التريث، مستنداً في ذلك إلى كتاب رئيس التنفيذ المدني بريف دمشق /12499/و المذكور، وإلى وجود بيان بإعادة المحاكمة واستئناف للحكم موضوع الدعوى، ليأتي بعدها رئيس التنفيذ المدني في الزبداني ويعتبر أن الحكم القضائي /251/ تم تنفيذه ولا يمكنه إعطاء قرار بوقف التنفيذ ورد الطلب بذلك بتاريخ /16/11/2017 وهو بذلك تراجع عن قراره السابق بالتريث بالتنفيذ. وجدت من يتبناها شكوى صاحب العقار بقيام مديرية السجل العقاري بفسخ ملكيته لم تدع وزارة معنية ومن بينها وزارة المالية وجهة رقابية إلا وطرقت أبوابها، ولكن من دون جدوى، حتى استقرت في نهاية المطاف لدى وزير الإدارة المحلية والذي كلف معاونه ومدير الشؤون العقارية في الوزارة بالتدقيق بالشكوى والبيان، لتصدر بعدها مذكرة تفصيلية تؤكد المخالفات المرتكبة من قبل مدير السجل العقاري بدمشق والمدققة «س.مروة» والتي تم تعيينها في ليلة وضحاها للتدقيق بعقد بيع العقار. إهمال متعمد وكشفت المذكرة أن عقد البيع رقم /2215/ تاريخ /22/5/2017 تم توثيقه، وأثناء التدقيق من قبل «ن.صالح» تبين وجود بعض الملاحظات تمنع من تسجيله في الصحيفة العقارية، ومنها عدم تضمين براءة الذمة المالية مضمون العقد المطلوب تنفيذه فتمت إعادته إلى مكتب التوثيق لتدارك الملاحظات، كما أثبتت المذكرة جميع الكتب الواردة إلى مديرية السجل العقاري بدمشق من قبل مالية دمشق بخصوص استرداد براءة الذمة وإلغائها، وورود كتاب من رئيس التنفيذ المدني بدمشق يطلب فيه من أمين السجل العقاري التريث بتنفيذ الحكم /251/ لعام 2016 المستند إليه عقد البيع، ولكن مدير السجل العقاري أجاب بتنفيذ الحكم، بموجب عقد لدى مكتب التوثيق العقاري، واللافت في المذكرة أن مدير المصالح العقارية بدمشق اقترح إحالة العقد إلى الرقابة الداخلية للتحقيق في ملابسات الوثائق المستند إليها العقد بناءً على الشكوى المقدمة من مالك العقار الأساسي، إلا أن المديرية العامة للمصالح العقارية لم تأخذ في الاقتراح واعتبرت أن عدم تدقيق العقد وتسجيله يعد تعطيلاً لمصالح المواطنين. تجاوزات مثبتة وما يشير إلى التجاوزات المرتكبة من قبل مدير السجل العقاري بدمشق ما أكدته المذكرة بخصوص تسجيل العقد المذكور في صحيفة العقار قبل ورود كتاب من مالية دمشق باعتماد براءة الذمة المالية رغم أنها ملغاة بموجب كتاب لها بهذا الخصوص، إذ كان الأجدر التريث في تدقيق العقد وتسجيله لحين ورود كتاب لاحق من مديرية المالية يُشعر بصحة براءة الذمة، ناهيك بأن المديرية العامة للمصالح العقارية لم تبين مبررات عدم الأخذ باقتراح مدير المصالح العقارية بدمشق بشأن إحالة العقد إلى الرقابة الداخلية للنظر في ملابسات الوثائق المبرزة موضوع كتابه ذي الرقم /4961/ تاريخ /16/7/2017 واكتفت بإحالة جواب المحامي العام بريف دمشق ورئيس التنفيذ في الزبداني المتضمنين صحة الأختام والتواقيع الصادرة عن دائرة التنفيذ في الزبداني، حيث كان الأولى حسب معدي المذكرة البحث في صحة التواقيع والأختام ومصادر الحكم ذاته بحسبان أن شكوى صاحب العقار منصبة على الطعن في صحة ومصدر الحكم المطلوب تنفيذه خاصة لجهة عدم وجود توقيع للقاضي أو مساعده على الحكم وهو بذلك بمثابة الحكم المعدوم، كما ورد في كتاب رئيس التنفيذ المدني بريف دمشق ذي الرقم /12498/و تاريخ 24/9/2017 الموجه إلى المحامي العام بريف دمشق. يفتقر إلى الدقة وأشارت المذكرة أيضاً إلى أن كتاب مدير السجل العقاري بدمشق ذي الرقم /6997/ تاريخ /28/9/2017 يفتقر إلى الدقة حيث تضمن أن الحكم قد تم تنفيذه وكان الأولى الإشارة إلى أنه لا يزال قيد التنفيذ، أي لم يتم تنفيذه بشكل نهائي، باعتبار أن العقد كان ما زال موقوفاً لدى مكتب التوثيق العقاري بدمشق حسبما ورد في كتاب مديرية المصالح العقارية بدمشق رقم /4159/ تاريخ 19/6/2017، ولم يقترن بالتسجيل في الصحيفة العقارية، على اعتبار أن قيود الصحيفة العقارية هي التي تتمتع بالحجة المطلقة نظراً لكونها مرتبطة بعلنية السجل العقاري، وليس مجرد تدوينه في سجل اليومية الذي هو يبين مبدأ نشوء الحق العيني في حال تسجيل هذا الحق في الصحيفة العقارية، أما إذا لم يقترن بالتسجيل في الصحيفة العقارية فيبقى موقوفاً ويبقى احتمال رفض العقد (وبالتالي عدم تنفيذ الحكم) قائماً لحين استكمال أسباب التسجيل ومعالجة أسباب إعادة العقد إلى مكتب التوثيق. تساؤلات وعلامات استفهام إن التعجيل في تدقيق وتسجيل العقد /2215/ لعام 2017 حسب المذكرة يثير العديد من التساؤلات لجهة ورود كتاب من مدير التنفيذ بدمشق بتاريخ 16/11/2017 أحيل بموجبه قرار الاستئناف، وإحالة العقد إلى التدقيق بالتاريخ نفسه، وتكليف «س.مروة» للعمل بوظيفة مدققة مكتب التوثيق الأول بالتاريخ نفسه، إضافة إلى التساؤل عن تدقيق العقد من قبل المذكورة بالتاريخ نفسه أيضاً، وتسجيل العقد بالتاريخ نفسه، على اعتبار أن العقد الطبيعي (البسيط) يتطلب تدقيقه وتسجيله في أقل تقدير 48 ساعة، فكيف إذا كان العقد من التعقيد والإشكالات كما هو الحال في العقد 2215 موضوع البحث…؟ مقترحات وإحالة إلى التفتيش واقترحت المذكرة بناءً على ما تقدم من تفاصيل، وتماشياً مع الدستور الذي صان الملكية الفردية ولئلا تتزعزع الثقة التي أعطاها المشرع لقيود السجل العقاري، أن تضع مديرية المصالح العقارية في صحيفة العقار إشارة بعدم إجراء أي معاملة على صحيفة العقار ولا يُكتب سند تمليك فيما يتعلق بالعقد /2215/2017 وقرار الحكم /251/ أساس /527/ تاريخ 15/5/2006 موضوع البحث قبل ورود كتاب من مدير مالية دمشق يُشعر بصحة براءة الذمة المستند إليها العقد، إلى جانب إتمام هيئة التفتيش القضائي والهيئة المركزية للرقابة والتفتيش تحقيقاتهما بشأن الموضوع، وورود جواب من مدير التنفيذ المدني بريف دمشق بناءً على مذكرة تُقدم له بهذا الشأن تبين صحة وسلامة الإجراء المتخذ من قبل مديرية المصالح العقارية بدمشق بشأن تنفيذ قرار إلغاء التريث الصادر عن محكمة الاستئناف المدنية الأولى بريف دمشق بوصفها ناظرة بالقضايا التنفيذية رقم /198/ تاريخ 18/11/2017 مباشرة، أي قبل اقترانه بقرار آخر من رئيس التنفيذ يأمر بالمثابرة على تنفيذ الحكم القضائي الذي سبق أن أُمر بالتريث في تنفيذه بموجب القرار /318/ذ تاريخ 26/9/2017، وتبيان أيضاً مدى صحة وسلامة رأي مديرية المصالح العقارية بدمشق بموجب كتابها ذي الرقم /6997 تاريخ 28/9/2017 وفيما إذا شكل هذا الرأي أساساً بنت عليه المحكمة الناظرة بالقضايا التنفيذية قرارها المتخذ في إلغاء قرار التريث. وبدوره، أحال وزير الإدارة المحلية ملف هذه العملية إلى الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش لاتخاذ ما يلزم بشأن الإجراءات المتخذة من قبل مديرية المصالح العقارية بكتابه رقم /5280/ص/ش/ع تاريخ /4/12/2017. تشرين