عشائرُ القبائلِ السوريّة من ضبابيّة الموقف إلى إعلانِهِ صراحةً
حِراكٌ عشائريٌّ شرقَ البلادِ واجتماعاتٌ ومجالسُ تأسيسيّة للعشائرِ وانتشار عدوى إصدارِ بياناتٍ واضحة التوجّه والموقف بعيداً عن الضبابيّةِ التي كانت تلفّ البيانات والمواقفَ خلالَ مراحل تطوّر الأزمة السوريّة . وتأتي الحركةُ العشائريّةُ والقبليّةُ تزامناً مع اقترابِ موعدِ انعقاد مؤتمر سوتشي للحوار، وارتفاعِ وتيرةِ الحديثِ عن نيّةِ التحالفِ الدوليّ لتشكيلِ جيشٍ ما يُسمّى شمال سورية، الأمرُ الذي يتطلّبُ تحديد موقفِ العشائرِ ومحاولة لملمتِها بعد تشتّتٍ وعدم وضوح الموقف وتذبذبها خلالَ تطوّراتِ الأزمة السوريّة . وتعتبرُ محافظةُ الحسكة التي تسيطرُ الإدارة الذاتيّة “الكردية” على جزءٍ كبيرٍ منها ذات طبيعةٍ عشائريّة وقبليّة ورغم تأثيرات الأزمة على سلطةِ العشيرةِ والقبيلةِ وتمرّد كثيرٍ من أبناءِ العشائرِ، إلّا أنَّ الولاءَ للعشيرةِ والقبيلةِ موجودٌ ولا يمكن إنكاره . فقبيلةُ الجبور عقدت اجتماعاً لعشائِرها في محافظةِ الحسكة وخرجت بمجلسٍ للقبيلةِ وبيانٍ يعلنُ تأيد القبيلةِ بشكلٍ مُطلقٍ للجيشِ العربيّ السوريّ وإنَّ سوريةَ واحدةٌ موحدةٌ تحتَ قيادةِ الرئيس السوريّ بشار الأسد في رسالةٍ واضحةٍ لرفضِ التقسيم أو إقامة أي نظامٍ تسعى الإدارةُ الذاتيّة الكرديّة طرحه في المنطقة، بالمقابلِ شكّكَ بعضهم بالمجلسِ وقدرتِهِ على التحكّم في قرارِ القبيلة . بيانُ قبيلةِ الجبور تلاهُ بيانٌ لمجلسِ شيوخِ ووجهاء العشائر والقبائلِ السوريّة أعلنت من خلالِ تضامنها مع إيران ضدّ المؤامرة الصهيوأمريكيّة، والتأييد الكامل للقاءِ سوتشي واعتباره الإطار الموضوعيّ الأساس للحلِّ السياسيِّ السوريّ السوريّ والالتزام بوحدةِ سورية واحدةً موحّدةً ورفض كلّ الدعواتِ الراميةِ إلى التقسيمِ تحتَ أيِّ عنوانٍ أو مسمّى سياسيّ . مجلسُ شيوخِ عشائر القبائل السوريّ اعتبرَ الوجودَ العسكريّ الأمريكيّ التركيّ على الأراضي السوريّة احتلالاً موصوفاً يُعطي الشعبَ السوريّ وحلفاءه في محورِ المقاوَمة حقّ مواجهتِهِ بكلِّ الوسائلِ واعتبار الوجود الأمريكيّ التركيّ مُعطِّلا للحلِّ السياسيّ ويطيلُ أمدَ الصِّراع في وطننا، بالمقابلِ هناك شيوخٌ ووجهاء عشائر عربيّة عَمِلت وتواصلت مع الإدارةِ الذاتيّة “الكردية” وبالوقت ذاته حافظت على علاقاتٍ جيّدةٍ مع الدولةِ السوريّة . مصادرُ عليمة بشؤونِ العشائرِ العربيّة علّقت على الاجتماعاتِ والبياناتِ والحِرَاكِ الأخير في حديثِها لوكالةِ آسيا بأنّها “لا جدوى منها لأنَّه لا يوجدُ اتّفاق بين العشائر، وغالبيّة من يتكلّمونَ بأسماءِ العشائر لا يملكونَ القرار على العشيرة ولا يمونونَ على أفرادِها إنْ صحَّ التعبيرُ، وأيّ جهةٍ تُراهِنُ على العشائر لنْ تجدَ نتيجة”، مضيفةً “أنَّ غايةَ الاجتماعاتِ والبياناتِ تحديدُ موقفَ العشائرِ، وإلى جانبِ من تقفُ ومَنْ ستدعمُ لا سيّما مع التطوّرات الأخيرة التي تشهدها المنطقة”. وفي السياقِ ذاتِهِ قالت مصادرُ مطّلعةٌ إنَّ الحراكَ العشائريّ مدروسٌ ويأتي في إطارِ السعي الحكوميّ لسحبِ البساطِ من الجانبِ الأمريكيّ الذي سعى ويسعى إلى استمالةِ العشائر العربيّة في الشرقِ السوريّ وإفشالِ مشروعهم في المنطقة، وأضافت المصادرُ أنّ “الفترةُ الحاليّة لا تقبلُ الضبابيّة في الموقف، فلا بدَّ من موقفٍ صريح، أي أنْ تكونَ مع أو ضدّ وهذا ما استجاب لهُ شيوخُ القبائلِ العربيّة في الحسكةِ رغم أنَّ موقفَ بعضها واضحٌ من البدايةِ، ووقفت إلى جانبِ الدولةِ السوريّة . وتابعت المصادرُ “إنَّ قبيلةَ طي العربيّة ذات الثقلِ في مدينةِ القامشلي وريفها، وكان لهُ دوراً كبيراً في تشكيلِ الدفاعِ الوطنيّ في المنطقةِ، بالمقابل قبيلة شمّر تذبذبَ موقفها وبقيت لفترةٍ حتّى اندمجت للعملِ مع حزبِ الاتّحادِ الديمقراطيّ وعُيّنَ شيخها رئيساً لمقاطعةِ الجزيرة في الإدارةِ الذاتيّة “الكردية”، وبالنسبةِ لقبيلةِ الشرابيّين التي تنتشرُ في كافّةِ مناطقِ المحافظة كانَ لها دوراً في تشكيلِ الدفاع الوطنيّ في مدينةِ الحسكة إلى جانبِ عددٍ من العشائرِ العربيّة وهذا لا يعني أنَّ القبيلةَ بأكملها وقفت إلى جانبِ الدولةِ السوريّة، فعددٌ من أبنائِها انخرطَ مع الجماعاتِ المسلّحة وعددٌ كبيرٌ منهم حاليّاً متطوّعون في صفوفِ قسد ويشكّلون النسبةَ الأكبر . شيخُ عشيرةِ طي العربيّة محمّد الفارس رئيسُ مجلسِ شيوخِ ووجهاء العشائر والقبائل السوريّة أشارَ في حديثهِ لوكالة آسيا إلى أنَّ الحراكَ العشائريّ حالةٌ إيجابيّة، والأمور باتت واضحةً، فلا بدَّ من أنْ تكون هناك كلمة للعشائرِ العربيّة في المنطقة بعد سبعِ سنواتٍ من تشتّتِ العشائر وضبابيّةِ موقف بعضها نتيجة الاعتماد الكامل بكلِّ شيءٍ على الدولةِ السوريّة، وحانَ الوقتُ لتُشارِك هذه العشائرُ في الدفاعِ عن الوطنِ وعن الكرامة . وأضافَ الفارسُ “طيلة السنواتِ الفائتة حاولنا انتهاجَ سياسة التهدئة وعدم الاصطدامِ مع أيِّ طرفٍ من الأطراف، وقمنا بتشكيلِ مجلسٍ لقبيلةِ طي العربيّة ومكتبِ تنسيقٍ من أصحابِ الخبرةِ والكفاءةِ في القبيلةِ لتمثيلِ قبيلة طي لضبطِ أمورِ القبيلة والاهتمامِ بأبنائِها ومتابعة شؤونِهم . وأشار شيخُ عشيرةِ طي العربيّة إلى أنَّ الحديثَ عن تشكيلٍ باسمِ جيشِ شمال سورية يأتي في إطارِ سعي أميركيّ إلى إطالةِ أمدِ الأزمةِ وعرقلة الحلّ السياسيّ، التسميةُ واحدة إنْ كانت قوّات سوريّة الديمقراطيّة أو جيش شمال سوريّة، وهدفها تفريق السوريّين، مُؤكّداً أنَّ كلّ مشاريعها ستفشلُ في المنطقةِ بفضلِ إرادةِ الشعبِ السوريّ وتضحياتِ الجيشِ السوريّ ومؤازرةِ الأصدقاء والحلفاء”. إلى ذلكَ رجّحت مصادرُ إلى أنَّ الحراكَ العشائريّ التي تشهدها المنطقة يأتي بالتزامنِ مع حديثٍ يدورُ عن نيّةِ الدولةِ السوريّة تشكيل جيش العشائرِ تحتَ قيادةِ الحرس الجمهوريّ وبدعمٍ كاملٍ من حيث التمويلِ والتدريبِ لافتةً إلى أنَّ الدولةَ السوريّة تعملُ حاليّاً على إعادةِ الفارّين من الخدمةِ العسكريّة وتسوية أوضاعِ المتخلّفينَ عن الخدمةِ الاحتياطيّة والإلزاميّة وإتمام خدمتهم في التشكيلاتِ العسكريّة ضمنَ مُحافظاتِهم. وكالة آسيا