لم يتوقع محمد اللحام الرجل السبعيني الذي دخل إلى المستشفى لإجراء عملية سحب المياه البيضاء، أن الأمر سيفضي به إلى تورّم في العين، ولزوم المستشفى لأكثر من أسبوع.
دخل محمد إلى المستشفى يوم الاثنين الماضي، وأجرى عملية سحب المياه البيضاء، وتمت العملية بنجاح، وبعد الفحص الذي تم في اليوم التالي استطاع محمد أن يرى بعينه قليلاً، كما هو المفروض لمن أجرى هذه العملية البسيطة، ليفاجأ في مساء اليوم ذاته بتورّم عينه إلى درجة كبيرة استدعت مراجعة المستشفى صباح يوم الأربعاء ليكتشف أن عينه التقطت إنتاناً وأصيب بالتهاب باطن العين.
ابن المريض تحدّث عن وضع والده فقال:
إن وضعه الصحي الآن أفضل بنسبة 75%، ففي بادئ الأمر كان التورّم كبيراً وبعد مراجعة المستشفى وتلقى عدداً من الحقن والقطرات التي وصفت له من الأطباء، استطاع الوصول إلى ماهو عليه الآن.
الأمر ذاته حصل مع إنعام رستم التي دخلت إلى المستشفى للسبب ذاته، وعادت إليه يوم الخميس بعدما لاحظت احمراراً كبيراً في الجفن، وعند وصولها إلى المستشفى صباح الخميس، أدخلت إلى غرفة العملية وأجريت لها عملية قطع زجاجي، لسحب الالتهاب من العين.
لم تكن حالة مزينة بأفضل من سابقيها، بل على العكس، فالمريضة التي تبلغ من العمر 72 عاماً وتعاني مرض السكري والضغط، كانت مقاومتها للمرض أقل من غيرها بسبب الأمراض المذكورة.
مزينة بدأت اليوم تقترب من طريق الشفاء بعد ستة أيام قضتها في المستشفى تتلقى العلاج وكذلك الأمر مع ثماني حالات أخرى، بعضها الآن تماثل للشفاء، والبعض الآخر في طور الشفاء والتحسن، أما القسم الثالث فهو في حالة سيئة بانتظار بعض التحاليل التي ستحدد مصير عينيه وبصره، ولكن المتضرر الأكبر مما حصل كانت الطفلة آية ابنة الأشهر الأربعة، التي فقدت بصرها بالكامل كما أكد الكادر الطبي في المستشفى، فأين الخطأ؟ وما السبب الحقيقي الذي يكمن وراء هذه الإصابات؟؟
مديرة مستشفى العيون الجراحي الدكتورة رنا عمران بيّنت أن الحالات بدأت ترد إلى المستشفى تباعاً منذ يوم الثلاثاء 12-12، وعند وصول العدد إلى أربع قامت إدارة المستشفى على الفور بإيقاف العمليات، والتواصل مع المرضى الذين أجريت لهم عمليات في الأيام الثلاثة التي سبقت اكتشاف الالتهاب.
وبحسب عمران: خلال ثلاثة أيام أجريت 71 عملية، كان من بينها 11 حالة التهاب باطن العين، أكثرها خطراً هما حالتان لسيدة وطفلة وكلتاهما أجريت لهما العملية في اليوم ذاته.
وتتابع مديرة المستشفى: بعد اكتشاف الحالات مباشرة عزلنا العيادات العامة عن مبنى المشفى لكيلا تصبح بؤرة تنقل التلوث، و قمنا بمسحات لتحديد السبب، كما تم رفع جاهزية التعقيم، وطبقنا البروتوكولات المعتمدة في معالجة هذه الحالات، وقمنا بعزل المرضى، كما أخلينا المستشفى بشكل كامل من كل مرضى الحالات الباردة والدراسات.
وأضافت د. عمران: إن خمسة من المرضى حالتهم مقبولة طبياً، حيث استطعنا أن نجري لهم عمليات قطع زجاجي، وحتى الساعة كل المسحات التي قمنا بها سلبية ( أي لم يوجد أي جرثومة)، ومازلنا حتى اليوم بانتظار نتائج البحث والمسحات التي ستحدد سبب الجرثومة وأصلها، كما استعنا بمخابر غير مخبرنا لنكون دقيقين ومتيقنين أكثر في النتائج، ولنقارن نتائج المسحات التي قمنا بها مع نتائج المسحات الأخرى، وتضيف: تمت الاستعانة بطبيب اختصاص إنتانية ورئيس قسم الإنتانية في مشفى المواساة وقام بفحص المرضى كلهم، وتقييم وضعهم ومن ثم وضع خطة لعلاجهم.
وأضافت د.عمران: إن وزارة الصحة لم تهمل الموضوع، فقد أبدت اهتماماً وتجاوباً كبيرين، وقامت بتأمين الأدوية اللازمة باهظة الثمن خلال فترة قصيرة، مع متابعتها اليومية والمستمرة لحالة المرضى.
الدكتور جوزيف سلوم نائب مدير المستشفى والطبيب المشرف على المرضى أوضح أن إنتانات المشافي موجودة في أي مشفى في العالم، وهي تحدث بنسبة حالتين لكل مئة عملية، ولكن الذي يتلقاها بشكل أكبر من كان لديه ضعف ما في جسمه أي الذين أجريت لهم عمليات حديثاً، وأضاف الدكتور جوزيف: إن النسبة الأكبر ممن المرضى بدؤوا يتماثلون للشفاء، ولكنْ هناك حالتان قمنا اليوم بإرسالهما إلى مستشفى المواساة لإجراء بعض التحاليل، ومعاينة طبيب إنتانية من أجل تحديد ما إذا كنا سنقوم باستئصال العين لهم أم تفريغها فقط.
الدكتور عبد القادر الحسن نقيب أطباء دمشق بيّن أنهم بانتظار النتائج من الرقابة الداخلية في الوزارة التي تحدد من المسؤول عما يحصل!
وأضاف الحسن: الوزارة لديها كادر للتحقيق والرقابة ولديها مخبر لإجراء التحاليل مؤلف من 200 شخص، ولكننا ننتظر ما ستوجهه لنا الوزارة بخصوص تحديد سبب الإصابات والمسؤول عنها، وفي حال كان الخطأ من أحد الأطباء فهناك مجلس مسلكي يخضع له هذا الطبيب لتحديد العقوبات التي ستتخذ بحقه.
تشرين