بداية القابضة

رئيس التحرير : عبد الفتاح العوض

رئيس مجلس الإدارة : د. صباح هاشم

من نحن اتصل بنا
أجنحة الشام

مهن جديدة يبتكرها السوريون خلال الأزمة ؟

الخميس 05-01-2017 - نشر 8 سنة - 6658 قراءة

صاحبة الجلالة _ ضياء الصحناوي

من نبش للقبور إلى مهن خاصة بتهريب المحروقات، والنصب والتشليح والسطو المسلح على الآمنين وأصحاب السيارات الفارهة، ومن ثم إلى متعهدي بناء. برزت فئة ضالة استلمت زمام العمل في الأسواق التقليدية بعلم السلطات المحلية أو بغفلة عنها، لتغير معالم وتفاصيل المجتمع الجبلي بعاداته وتقاليده المتوارثة منذ مئات السنين.

أما أصحاب الدخل المحدود فلم تكن الأزمة السورية بعيدة عنهم، وأصابتهم في الصميم، ولا تستغرب إذا وجدت مدرساً يوزع بضاعة، أو يعمل في البيتون بعد الظهر أو في العطل. أو مهندساً يعمل في تمديد الكهرباء والصحية للبيوت أو مدرساً خصوصياً ليقي نفسه وبيته شر العوز.

صاحبة الجلالة تفتح ملف المهن الجديدة التي برزت بعد العام 2011 لتصبغ الحياة بألوان وعادات جديدة.

من المهن التي برزت على الساحة، وشكلت ظاهرة غريبة في أبعادها، هي مهنة (الشيخ)، فقد امتهنها آلاف الشباب رغبة في العمل، لأن أصحاب هذه الأعمال لا يقبلون غير الشيوخ في معاملهم وورشهم، وهذا ما لون المجتمع المحلي بعادات وتقاليد جديدة انعكست في كثير من الأحيان على الواقع، حيث التحق عدداً كبيراً منهم بفصائل "مسلحة" طمعاً بالحظوة والمال والسلاح.

أما أحد الأسرار الغريبة لمهنة الشيخ فهي قيام السلطات اللبنانية بمنع السوريين من دخول أراضيها باستثناءات محددة، منها أن يكون الشخص شيخاً ويحمل ورقة موقعة بذلك من السلطات الدينية، وهو أمر اتبعه الشباب بعد أن سدت أبواب الرزق الحلال في وجوههم.

يقول الشاب الشيخ "مشاري الوقية" أن تكون مقرباً من الله لا يعني أنك محتال أو نصّاب، وفي ظل انعدام الأمن والأمل فالله هو خير من نلجأ إليه بدل البشر التي تأكل بعضها. وجاءت قضية منع السوريين من دخول لبنان لكي تقضي على ما تبقى من روح للشباب الباحثين عن لقمة العيش والاستقرار بكرامة، وكان الحل بورقة صادرة عن الهيئات الدينية تثبت أن صاحبها شيخ يمارس الطقوس الدينية ويعرف الله، وهو ما سهل دخول آلاف الأشخاص إلى لبنان والعمل لجلب المال الذي يحرك الأسواق، ويدعم الليرة.

غير أن الأدهى من كل ما سبق، وبات التعامل مع ذلك أمراً بديهياً بمساهمة غير مقصودة أو مدروسة من قبل السلطات المختصة هي احتضان الزعران وأصحاب السوابق ليكونوا عوناً للدولة في محاربة الإرهاب، حيث تحول هؤلاء بين ليلة وضحاها إلى سادة المجتمع المحلي، والآمرين فيه. ولكن الحال انقلب بعد أن تكشفت الحقائق، وباتت المحافظة بعيدة عن لعنة الحرب، فقد اعترف عدد من الموقوفين المنضوين تحت مسميات مختلفة بامتهانهم السلب والنصب والتشليح وتجارة المخدرات وتهريب المحروقات، مما جعلهم من أصحاب النفوذ والأموال؟!. وفي تفاصيل هذا الملف الشائك الذي أرخى بظلاله على كافة جوانب المجتمع، فإن عدداً غير معلوم من الشبان شكلوا عصابات من أرباب السوابق الذين يتمتعون بسجل نظيف وتحولوا بين ليلة وضحاها إلى تجار كبار ومتعهدي بناء بعد أن سلبوا ونهبوا مبالغ خيالية من جيوب الناس وعلى حسابهم.

يقول أحد الموقوفين في فرع الأمن الجنائي بالسويداء في اعترافاته التي تكونت من 12 صفحة كاملة: شاركت في 17 عملية سلب للسيارات، وتاجرت بحبوب الكبتاكون، وسرقت دراجات نارية بمساعدة من عدد كبير من الأشخاص الذين يحملون بطاقات أمنية، ويلبسون البدل العسكرية لإيهام المسلوبين أن من يوقفهم هم من الجيش العربي السوري، واستدرجنا أشخاصاً لممارسة الجنس مع الفتيات وقمنا بتصويرهم وابتزازهم، غير المتاجرة بالسلاح...

وفي الجانب الأخطر من الأزمة، برز دور جديد للإناث كضلع أساسي مساند للعصابات المسلحة، منها عملية استدراج الضحايا لسلب سياراتهم وأموالهم بحجج مقنعة عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي.

وكان آخر ما توصلت إليه أفكار هذه العصابات في تروج المخدرات بين طلاب المدارس والجامعات عن طريق فتيات في مقتبل العمر تم إلقاء القبض عليهن، واعترفن على مستخدميهن.

غير أن تصوير الضحايا بعد استدراجهم لممارسة "الجنس" أقدم مهنة في التاريخ لابتزازهم مالياً، أمر لم تعهده المحافظة سوى في هذه الفترة الزمنية البسيطة.

ومن ابتكارات الأزمة السورية الحديثة قيام أشخاص بامتهان دور الزعيم والأمير وقائد فصيل، وبفضل الأموال الطائلة التي تجنى بطرق غريبة ووفرتها الظروف الأمنية السيئة التي تعيشها البلاد، بات لهم أتباعهم الكثر، ومن يطبل لهم على وسائل التواصل، وكأمر واقع باتوا زعماء يحكمون بيد من حديد في مناطقهم.

وإن كنت عاطلاً عن العمل ما عليك سوى القيام بوليمة كبيرة تولم لكبار الداخلين في المصالحات الوطنية لكي تكون عضواً في نادي الإفراج عن المخطوفين، وتنال من كعكة الألم والحسرة التي يوفرها فقراء المحافظة من أجل الإفراج عن أبنائهم.

وقد اتضحت في الآونة الأخيرة مهنة لم تكن تخطر على بال إبليس، حيث اكتشف أهالي أحد المخطوفين أن عدداً من أبناء المحافظة قد باعوا أولادهم لعصابات الخطف، وكسبوا مبالغ مالية كبيرة، ودورهم يتمحور حول تجهيز الساحة لعملية الخطف، ومنهم من كان ينصح ويوعظ في أهالي المخطوفين، ويحرض على القتل.

أما المهنة الأسهل لجلب المال والتي امتهنها الكبير والصغير، فهي السمسرة في العقارات وتأجير البيوت، وخاصة مع تدفق اللاجئين للمحافظة من المناطق المنكوبة.

ومن التقليعات الجديدة التي برزت بقوة أثناء الأزمة وامتهنها خريجي الجامعات الذين وجدوا أنفسهم عاطلين عن العمل القيام ببيع حلقات البحث للمقتدرين في الجامعات، ووصل الأمر إلى تأليف رسائل الماجستير والدكتوراه بمبالغ بسيطة لا تتجاوز 35 ألف ليرة سورية؟!. وعزى الشاب "علاء ع" خريج كلية الإعلام عمله هذا إلى عدم توفر المكان المناسب له ولغيره، وأن هذه (المصلحة) تجلب له مدخولاً جيداً لتأمين حياته.

هي مهن وافدة ومبتكرة منها كما يقال ترفع الرأس لأصحابها الذين اختاروا الطريق الصعب من أجل الحفاظ على كرامتهم بين الناس، ومنها ما لم يكن يخطر على بال العفاريت والقادم أعظم

وفي حديث مع الإختصاصية النفسية "غالية سقباني" عن التغييرات التي أصابت المجتمع السوري نتيجة الأزمة، قالت: من الطبيعي بعد كل حرب أن تظهر مثل هذه الأشياء. فمن خلال الضغوطات التي يتعرض لها المجتمع تتغير التركيبة الاجتماعية، وحتى الاخلاق والقيم السائدة فيه، وتتراجع أولويات الإنسان وحاجاته النفسية والاجتماعية وتقدير وتحقيق ذاته، إلى تلبية احتياجات فسيولوجية من طعام وشراب وحاجات أمن للحفاظ على حياته مع عائلته، وعدم التعرض للمهانة، خصوصاً في وقت بات فيه المجتمع مليئ بالفاسدين الذين أصبحوا محل تقدير ومكانة وثناء على سلوكهم الاستغلالي والاحتيالي المرفوض اجتماعياً في السابق، إضافة إلى عدم وجود من يحاسب أو يعاقب، والقناعة نتيجة هذه المشاهدات العينية في المجتمع أن من يحاسب قد يكون شريكاً.

بالإضافة إلى أن الأشخاص الذين يفترض بهم أن يكونوا مرجعية وذي مكانة في المجتمع هم أنفسهم لم يستطيعوا أن يحافظوا على مكانتهم من معلم أو شيخ أو حتى رب أسرة لأن الظروف اضطرتهم للتنازلات، حيث تختلف هي التنازلات أو نوعها حسب منظومة القيم التي ينتمي لها الإنسان ومكوناتها.

وتتابع "سقباني": هناك رأي أؤيده بقوة، فنتيجة شعور الإنسان بعدم القيمة و المكانة وسط الظروف التي يتعرض لها بشكل يومي لتأمين اولويات حياته، مما يدفعه إلى الانتماء لأشخاص يتمتعون بتقدير اجتماعي أو متنفذين اجتماعياً بسبب وظائفهم التي يشغلونها حالياً، أملاً بتامين غطاء آمن لهم، والحصول على جزء من المكاسب والمميزات التي يتمتع بها هؤلاء، خاصة أنه أصبح ثابت باللاشعور الجمعي أن مقدرات البلاد منهوبة على كل الاحوال، فلماذا لا يكون لي نصيب!؟ وأن الحياة للأقوى حسب قانون الانتخاب الطبيعي.

وفي الختام بقي أن نذكر أم المهن الوافدة على المجتمع السوري، والتي تصادفها في كل لحظة، خاصة وأن غالبية السوريين في الداخل والخارج يقفون على سلاحهم خلف شاشات حواسيبهم، فقد برز الإعلاميين والصحافيين من كل حدب وصوب، وباتت هذه المهنة مصلحة من لا عمل له، حتى لو كان أمياً لا يفقه القراءة والكتابة، وسط غياب الأصوات المهمة وأصحاب الأقلام المحترمة...


أخبار ذات صلة

دمشق تحصل على 400 ألف ليتر مازوت والحاجة 700 ألف ليتر وتتزود بـ600 ألف ليتر بنزين وحاجتها مليون ليتر

دمشق تحصل على 400 ألف ليتر مازوت والحاجة 700 ألف ليتر وتتزود بـ600 ألف ليتر بنزين وحاجتها مليون ليتر

مصدر رسمي : ورود شحنة جديدة من الغاز.. والمواطن سيلمس تحسناً واضحاً قريباً

وزير السياحة : قانون جديد لاتحاد غرف السياحة تحت قبة «الشعب» قريباً ..

وزير السياحة : قانون جديد لاتحاد غرف السياحة تحت قبة «الشعب» قريباً ..

التشريعات الصادرة تطور من آليات العمل السياحي