صاحبة الجلالة – حسن مرعي

لم تحاك المصارف الخاصة متطلبات من يستحق التمويل الفعلي، مفضلة محاكاة  الفنادق المتلألئة بنجومها من خلال أبنيتها الفاخرة لتستقطب عملاء من الطراز الرفيع تكفي سمعتهم المحلية والعالمية إلى جانب ملاءتهم المالية أن تكون أقوى كفالة للحصول على قروض وتسهيلات تمويلية، وذلك بشهادة أهل الكار المصرفي الذين لم يبرؤها من التنصل من دورها التنموي والاقتصار وتقديمها قروضا استهلاكية تحقق لها الربح الوفير.

ويؤكد مفصل مصرفي في أحد البنوك الخاصة ضعف الدور التنموي للمصارف الخاصة على الرغم من أهميته القصوى لتشجيع العملية الاقتصادية وتطويرها، مشيرا إلى أن هذه المصارف تتجه لتمويل عدد محدود من الأسماء الكبيرة التي تمتلك فعاليات وشركات اقتصادية ضخمة وتحصل بالأساس على التمويل من المصارف السورية وغير سورية، وتقدم المصارف لهم القروض بشروط ميسرة.

وأضاف هذا المصرفي أن أي مصرف يباشر عمله في سورية يبحث – للأسف – عن كذا اسم من هذه الأسماء الاقتصادية من أصحاب الفعاليات ليعطي لكل اسم قروضا كبيرة تصل قيمتها إلى 10 مليون دولار، وفعليا لا أحد يستفيد غير هؤلاء من هذه المصارف، علما أنهم ليسوا بحاجة كبيرة لخدمات هذه المصارف كونهم يمتلكون الملاءة المالية الكبيرة ويحصلون على تمويل مشاريعهم من الخارج.

وبيّن المصرفي أن التوجه نحو هذه الشريحة يكمن في سهولة التعامل معها بالنسبة للمصارف من جهة أن المصرف يتعامل مع ملف كبير يعطي فيه قرضا يصل قيمته إلى 10 مليون دولار يدرس مرة واحدة في السنة إلى جانب أن هذا العميل صاحب القرض الكبير لديه أعماله وميزانياته التي تسهل عمل المصرف.

كما أن الجهد المبذول من البنك مع عميل من هذا القبيل يساوي الجهد المبذول مع عميل يطلب قرضا بقيمة 5 مليون ليرة سورية إن لم يكن أكثر لعدم وجود ميزانية لديه وقوائم مالية وضمانات تغطي القرض علما أن العميل الدسم يأخذ قروضا في أغلب الأحيان بلا ضمانات عقارية وإنما ضمانات شخصية.

وشدد المصرفي على ضرورة أن تضطلع المصارف الخاصة بالدور التنموي المطلوب وخصوصا تمويل المشاريع المتوسطة والصغيرة شريطة مساعدة كل من المصرف المركزي والحكومة السورية من خلال تشجيع هذه الاستثمارات مشيرا إلى أنه منذ عشر سنوات والحكومة تتحدث عن دعم هذا النوع من المشاريع لكنها عمليا لم تقدم ما يكفي لها.

وحسب إحدى الدراسات الصادرة عن جهة غير حكومية -تلقت "صاحبة الجلالة" نسخة منها- فقد وصل عدد المصارف الخاصة العاملة في السوق السورية حتى نهاية الربع الثالث 2015 إلى 14 مصرفاً منهم ثلاثة مصارف إسلامية، ويبلغ مجموع رأسمالها 77.4 مليار ليرة سورية مقسمة على 774.7 مليون سهم حيث تم توحيد القيمة الاسمية لتصبح 100 ليرة سورية.

وأشارت الدراسة -التي اعتمدت على البيانات المالية الأولية لهذه المصارف والمنشورة على موقع هيئة الأوراق والأسواق المالية السورية- إلى أن صافي أرباح هذه المصارف قد بلغ (5,829,208,498) ليرة دون احتساب الأرباح الناتجة عن إعادة تقييم مراكز القطع البنيوي في المصارف الخاصة والتي شهدت ارتفاعاً كبيراً مع نهاية العام 2015 نتيجة ارتفاع سعر صرف العملات الأجنبية مقابل الليرة السورية، وذلك بعد أن قامت بعض المصارف بتنشيط عمليات التمويل بعد توقفها مع بداية الأزمة.

ولعل اللافت في هذه الدراسة هو أن إجمالي الودائع لدى المصارف الخاصة حتى نهاية الربع الثالث 2015 وصل لنحو 981 مليار ليرة سورية محققةً نمواً نسبته 30% مقارنة بما كان عليه الوضع نهاية 2014، حيث كانت 755 مليار ليرة سورية، ما يثير بالنتيجة أسئلة نعتقد أنها من العيار الثقيل مفادها: أين انعكاس هذه المليارات على الواقع الاقتصادي..؟ وفي أي قنوات استثمارية تم ضخها..؟ أم أنها بقيت وستبقى حبيسة الخزائن..؟.

وبالعودة إلى الدراسة يتبين أن إجمالي التمويلات الممنوحة من المصارف الخاصة حتى نهاية الربع الثالث 2015 بلغ نحو 352 مليار ليرة مقابل 264 مليار ليرة في نهاية العام 2014، مرتفعة بنسبة كبيرة وصلت إلى 33%.

وبينت الدراسة أن إجمالي أصول المصارف السورية الخاصة بلغ حتى نهاية 30\9\2015 حوالي 1226 مليار ليرة محققة نمواً قدره 35% مقارنة مع نهاية العام 2014، ويعود جزء من هذا الارتفاع في قيمة الموجودات إلى ارتفاع سعر صرف العملات الأجنبية مقابل الليرة السورية.