أسماء معروفة غادرت المدنية عند أمس الحاجة لها
صاحبة الجلالة _ ابراهيم الضللي
رسائل الألم التي تبثها دير الزور الجريحة كثيرة لكنها اليوم ترسل سيلا من الأوجاع التي تقض مضاجع المرضى من ابنائها "البررة" المحاصرين علّ صوتها يصل لأبنائها الأطباء "العاقين" لتقول لهم بصوت عال "الانسان ابن لبيئته ... والمرء لا ينتمي فقط للرحم الذي ولد منه ... وليست الأم وحدها من تلد الانسان ... فالأرض أم ... والوطن أم ... والمدينة أم.
مدير الصحة في دير الزور الدكتور عبد النجم قال في تصريح لـ " صاحبة الجلالة " إن مدينة دير الزور تعاني من نقص شديد في اطباء الاختصاص نتيجة مغادرة معظمهم للمدينة وللأسف لم تجد نداءاتنا لهم بالعودة لمساعدة أهلهم أي أذن صاغية .
ومن ذلك نقول إن كانت كل الشرائع تدين وتحقر وتتوعد بالعقاب الدنيوي والاخروي لمن يعق أمه ؛ فان المنطق والحق يقول إن عقوق اي ام للانسان فعل يستحق الادانة. .فمن يتنكر لوطنه او أرضه أو مدينته .. لايستحق إلا اللوم والتقريع لانه عاق لهم جميعا .
الكثير ان لم نقل الغالبية العظمى من اطباء دير الزور وللأسف اظهروا العقوق المفرط والمخجل لامهاتهم خلال الأزمة التي تمر بها المدينة وتنكروا لاهلهم وارضهم حينما غادروا (هاربين او متهربين) غير مبالين بأهلها المحاصرين والذين هم بأمس الحاجة لخدماتهم .
في مخزون ذاكرتنا الطفولية حلم كان يداعب مخيلة كل طفل وامنية كل اسرة بانه حينما يكبر يصبح طبيبا يداوي جراح الناس من حوله ويخفف آلامهم ،لكننا وللاسف وجدنا ان الكثير ممن تحقق حلمهم وحلم اسرهم وابناء مدينتهم واصبحوا اطباء لم يكن سداد دينهم خدمة للناس بل كان غاية همهم ان تنتفخ جيوبهم وتعلو كروشهم وتتوسع املاكهم على حساب آلام الناس واوجاعهم .
وزاد الامر بشاعة حينما جاء وقت الحاجة الماسة لخدماتهم فأداروا ظهورهم لمن احتضنهم وجعل منهم اسماء لامعة يجري ذكرها على الالسن وغادروا مدينتهم صامين آذانهم عن آهات المرضى والموجوعين حتى باتت دير الزور خاوية من الاطباء الا من توافر لديه الوفاء وعلقت في رأسه الشيمة وكبر في قلبه الايمان وغلب عقله هواه فآثر البقاء واستغلظ ذل الهروب واختار البقاء لخدمة ابناء مدينته...المدينة التي نثق يقينا ان ذاكرتها لاتنسى شيئا وانها وان طال ليلها سينبلج الفجر ويزول الغمام وتعود صافية كما كانت دوما لتذكر على صفحات تاريخها الذي اعتادت ان يخطه ابناؤها .. وكيف ان الطبيب الفلاني كان وفيا لمدينته واهلها والآخر هرب وقت الحاجة دونما وازع من ضمير او اخلاق وترك الناس الذين يعانون الحصار ويجترون الألم مرتين ،ألم امراضهم واسقامهم ، وألم قلة الوفاء لأطباء هربوا بعد ان تضخمت ثرواتهم وآناهم.