الديرية التي ابتلعت الصحراء أولادها هرباً من قرارات "داعش"
من لم تبتلع الرمال السورية .. ابتلعه تنظيم " داعش" الإرهابي " بهذه الكلمات بدأت الخالة أم مصطفى ذات الثمانين من العمر كلامتها لمراسل " سبوتنيك" هي من أهالي دير الزور فقدت أبنائها الثلاثة عندما حاولوا الهروب من قرارات داعش بتجنيد الشباب للقتال لصفوفهم فقرروا الهروب من خلال التعاون مع مهرب يقوم بتهريب العائلات والشباب مقابل مبالغ مالية طائلة .
تقول أم مصطفى، لا اعلم على أولادي شيء ولكن بحسب ما يتداوله الجيران أن الصحراء ابتلعتهم خلال قصف التحالف الدولي للمنطقة، تكمل الخالة أقول الحمد الله على كل شيء اليوم أصبح الوضع أفضل بعد تحرير مناطقنا وذهاب الكابوس الأسود الذي كان يسيطر على الأهالي الأبرياء.
فمن نجا من الموت كات مهدداً به بعد أن أصدر "داعش" قرار التجنيد الإجباري على الشبان، ليس هنالك قيد على الأعمار ولا يتم إعفاء حتى الابن الوحيد..الجميع مطلوب دون استثناء إلا من وصفهم بأصحاب "الأعذار الشرعية". تضيف أم مصطفى، قسم كبير من الشباب خرج لأنه يرفض التعامل مع داعش الذي يؤلف دين اسلامي كاذب فآلاف الأهالي لم يبق لهم ما يحتفظون به، لم يذوقوا طعم الأمان إلا بعدما دخل الجيش السوري.
تكمل الخالة الشعب تعذب كثيرا وبقي صامد لأن الحق سيظهر في النهاية رغم أن الكثير من العائلات لا تكن تملك المال لتدفع للمهربين، حيث ينقلونه لأماكن تخرج وآخرون يحاولون الفرار إلى قرى صغيرة وبعيدة بعض الشيء بعد أن تقطعت بهم السبل.
وحسب مصدر من التنظيم "التنظيم أخذ جميع احتياطاته وشكل دوريات وعيّن موقع الحواجز للبدء بملاحقة المطلوبين استعداداً لجميع الاحتمالات الواردة بعد قرار التجنيد الذي أصدره".
فوضى عارمة تعمّ مدينة دير الزور وقراها، حيث لم يعد بمقدور أحد أن يعرف من خرج ومن بقي، وسط أنّات الكثير من العائلات الفقيرة التي وقعت في دائرة النار والعوز معاً.. كثيرون منهم من يشكل المعيل الوحيد لأطفاله وليس لديهم الرغبة بالانضمام للتنظيم والموت تحت ضربات التحالف، عداك عن عدم قدرتهم بالخروج والفرار بمفردهم دون أسرهم المعدمة.. مأساة لا ينقصها سوى عجز الوصف.
عوائل لم تفكر يوما من الأيام أن تخرج من المدينة و لم تتصور أن تُحاصر بهذا الشكل، نزحت وسط حقول مليئة بالألغام فلا خيار.. كثيرون من ماتوا في طرق النزوح و كثيرون من يَرَوْن في الموت نجاتهم من هذا الجحيم.. موت محتمل أهون من أن يقفوا ضمن صفوف التنظيم بعد أن أُغلقت جميع الأبواب.. ناهيك عن دموع الألم التي تجرع كأسها كل من وطِئت قدمه تلك الديار.
أمهات لا تنشف دموعهن تبكين ليل نهار على من خرج من أبنائهن ولم يعرف عنهم شيئا.. أطفال ودعوا آبائهم وهم يحلمون بأمل اللقاء..
وحتى تضع الحرب أوزارها بات على المناطق الشرقية أن تدفع الثمن، وتكون بعد أيام قليلة مدينة أشباح لا يسكنها إلا القلّة من الشيوخ والنساء والأطفال، الحلقة الأكثر ضعفاً بين قوى متحاربة وجدت لها بين المدنيين حقاً في الحياة بين رحى الحرب التي يقودها تحالف دولي ضد تنظيم الدولة، مع العلم أنه لا جدال ضد خطورة التنظيم وضرورة التصدّي له.