ظاهرة تعنيف الحيوانات من قبل الأطفال.. ما أسبابها وماذا عن قانون لحماية الحيوانات؟
طفت إلى السطح مؤخراً عدة حوادث تعنيف وتعذيب للحيوانات في سوريا، وفي ريف دمشق تحديداً إلا أن الغريب هو صغر سن المقدمين على هذا الفعل ما يفتح الباب أمام تساؤلات عدة حول سبب ازدياد هذه الحوادث وسبب هذه الظاهرة وهذا السلوك العدواني لبعض الأطفال.
آخر هذه الحوادث كانت في منطقة يلدا بريف دمشق، وهنا تقول مؤسسة ملجأ “سارة” للحيوانات، آني أورفلي إنه قبل أيام قليلة أقدم ثلاثة أطفال (لا تتجاوز أعمارهم الـ 15 عام)، على ذبح كلبة كانت تجلس وترضع جراءها الذين تعرضوا للذبح أيضاً، باستثناء جرو واحد لم يذبح بسبب مرور أحد الأشخاص وسماعه لصوت الجرو وهو يصيح فاستطاع إنقاذه بينما لاذ الشبّان بالفرار.
وطالبت أورفلي بوجود قانون لحماية الحيوان يخول كل من يشاهد أي شخص يؤذي حيوان أن يشتكي عليه ليتم توقيفه؛ مشيرة إلى أن القانون الذي نحتاج إليه يجب أن يسمح للجمعيات أيضاً بتوقيف أي شخص يقوم بتعذيب الحيوان سواء كان في منزله أم في الشارع؛ ويمنع البلديات من قتل الحيوانات وخاصة الكلاب عن طريق دس السم أو إطلاق النار من سلاح، وعن منفذي الحادثة تقول: “هؤلاء بحاجة إلى وضعهم في سجن الأحداث ليتأسسوا من جديد نفسياً واجتماعياً”.
وبرأي أورفلي، فإن الطفل عندما يشاهد الحيوانات تسمم أو يطلق عليها النار، فهذا يعني بداية إنشاء مجرم يذبح ويقتل الحيوانات وربما البشر لاحقاً.
ما سبب هذا السلوك؟
بينت رئيسة دائرة البحوث في مديرية تربية دمشق إلهام محمد لـ”أثر” أن إيذاء الذات أو إيذاء الآخرين سواء كانوا أشخاص أو حيوانات أو تخريب ممتلكات؛ يحتاج لتعديل سلوك من قبل جهات متعددة أولها الأسرة التي تعتبر النموذج والقدوة لغرس قيم احترام الآخرين والرفق بالحيوانات، ويترافق هذا مع دور المدرسة والتأكيد على المعلمين والإرشاد النفسي والاجتماعي لرصد مظاهر هذا الايذاء وعقد جلسات توجيه جمعي للأطفال مع عروض فيديو أو زيارات لحدائق الحيوانات لنشر ثقافة الرفق والاهتمام بالحيوانات كذلك عقد مجالس أولياء الأمور والتأكيد على منع الايذاء بكل أشكاله، إضافة لدور وسائل الإعلام وإعداد برامج تربوية توعوية لرصد هذه الظاهرة، ووضع المقترحات والاستراتيجيات للتعامل معها إضافة إلى تفعيل دور المجتمع المحلي للمساندة في منع هذه الظاهرة في الطرقات.
وأضافت محمد أنه قد يحتاج سلوك الإيذاء المتكرر لمتابعة الطفل بجلسات فردية نفسية لتعديل السلوك ومعرفة الأسباب الكامنة وراء هذا السلوك وإيجاد الحلول.
الحرب أحد الأسباب:
بدورها، المرشدة النفسية في إحدى مدارس ريف دمشق صبا حميشة قالت إن ظاهرة تعذيب الحيوانات تتنامى بشكل مثير للخوف حيث يقوم مراهقون بتعذيب حيوانات دون رحمة أو شفقة وينشرون اللقطات والصور على مواقع التواصل الاجتماعي بدون أي رادع ما يبعث الرعب في القلوب وخاصة القطط والكلاب، إذ يصل الأمر أحياناً إلى خنقها وذبحها.
وبحسب حميشة فإن البيئة التي يعيش فيها هؤلاء الأطفال أو المراهقون قد تكون السبب، فهم عاشوا سنوات الحرب وشاهدوا بأم العين ما كانت تقوم به الفصائل المسلحة من قتل وذبح، فربما يجد هذا الطفل أن تعذيبه للحيوانات أو قتله لها أمراً عادياً.
ومن الممكن بحسب حميشة، أن تكون الأسرة سبباً رئيسياً لهذه النفس الإجرامية التي يعاني منها أولئك الأطفال، إذ لا يجد الطفل أو المراهق من يردعه أثناء مرحلة الطفولة وخاصة إذا لاحظ الآباء سلوكاً عدوانياً للطفل تجاه المقربين منه والحيوانات كالقطط والكلاب خاصة باعتباره الحيوان الأليف الذي يعيش بكثرة وسط الأسر في المنازل، إذ لا يدرك الآباء خطورة الأمر مستقبلا وتأثيره السلبي في حياة الطفل والمحيطين به فيمكن أن يتطوّر الأمر من تعذيب وقتل هذه الحيوانات إلى الاعتداء على الأشخاص ومن الممكن أن يتحول هذا الطفل في كبره إلى مجرم خطير يهدد سلامة المجتمع وأمنه.
مؤشر خطير:
وترى حميشة أن تعذيب الطفل للحيوان ليس لعبة أو متعة كما يعتقد البعض بل هو مؤشر خطير ينبئ عن ملامح شخصية إجرامية تتلذذ بتعذيب الآخرين دون الشعور بالذنب أو الندم على ارتكابها.
وعن كيفية العلاج، تقترح حمشة أولاً تشخيص الحالة مبكراً، ويمكن حينها أن يحب الطفل الحيوانات ويتعلق بهم إذا تم تهذيب سلوكه وتقويمه بالشكل الصحيح فالوالدان مثلاً يجب أن يحاولا تعزيز اهتمام الطفل بالحيوان وتعزيز العطف والرفق به، لأن هذا سيؤدي بالضرورة إلى اهتمام الطفل بأسرته والمحيطين به ويصبح شخصا مسؤولاً وجديرا بالثقة، لكن في حالة تأخر التشخيص وتمادي الطفل واستمراره في هذه الممارسات على امتداد عمره هنا يجب سن عقوبات رادعة وفرض غرامات مالية بحق أهاليهم والتشهير بكل من يعذب حيواناً، ويمارس شتى أنواع التعذيب بحقها كحرمانها من الأكل وذلك للحد من تفاقم الظاهرة.
يذكر أنه قبل أسبوع أقدمت مجموعة من الأطفال على قتل 3 كلاب رمياً بالحجارة في أحد أحياء جرمانا بريف دمشق.
اثر برس