هل ستشهد سورية إعصاراً مشابهاً لـ "دانيال" المدمّر؟
شهدت بلدان حوض البحر المتوسط مؤخراً حالات جوية متطرفة غير معتادة من حيث حدتها وشدة الهطلات المطرية والآثار المترتبة عليها، لاسيما إعصار "دانيال" المستمر منذ أيام وتسبب بدمار أجزاء كبيرة من مدينة درنه الليبية، إضافة لآلاف الضحايا والمفقودين.
وباعتبار أن سورية واحدة من الدول المطلة على البحر المتوسط، كان لابد لنا من الاستفسار حول احتمالية حدوث مثل هذه الأعاصير في سورية وهل من تأثير لـ "دانيال" على المنطقة؟
المتنبئ الجوي في مديرية الأرصاد الجوية العامة كيناز كيوان أوضح في تصريح لـ "الوطن" أن مناطق حوض البحر الأبيض المتوسط شهدت حالات جوية متطرفة، بداياتها كانت في إسبانيا وإيطاليا واليونان حيث تمثلت بهطلات مطرية غزيرة أدت لتشكل فيضانات في تلك المناطق وصولاً لمناطق المغرب العربي، ومثلها بالنسبة للمناطق الشرقية للبحر الأبيض المتوسط.
وأشار المتنبئ الجوي إلى أن آخر الحالات الجوية المتطرفة بالنسبة للمنطقة، كان إعصار "دانيال" في مناطق وسط البحر الأبيض المتوسط والذي أثر بشكل فعلي ورئيسي على السواحل الليبية تحديداً، وكان مركزه فوق المنطقة المائية بشكل عام.
وبين المتنبئ أن مثل هذه الظواهر غير المعتادة تتم مراقبتها لأكثر من أسبوع، وفي تلك المناطق قبل 24 إلى 48 ساعة كان لمرافق الأرصاد الجوية دور كبير في تحذير معظم المناطق المحيطة، ولكن شدة الهطلات المطرية الغزيرة، أثرت سلباً رغم كل الاحتياطات المتخذة من قبل الدول المجاورة.
وقال كيوان إنه من المتوقع استمرار حدوث مثل هذه الحالات الجوية المتطرفة خلال الفترة القادمة، لكن ربما لا تتمثل بإعصار، حيث سجلت حرارة سطح مياه البحر الأبيض المتوسط ارتفاعاً واضحاً وملموساً خلال نهاية فصل الصيف بمعدل 3.5 إلى 6 درجات مئوية، وهذا ما يعتبر رقما قياسيا وفوق المعدل الطبيعي.
وبين كيوان أن مسار الإعصار كان باتجاه المناطق الشمالية والشمالية الشرقية من مناطق حوض البحر الأبيض المتوسط، ولكن خلال الـ 48 ساعة الأخيرة معظم سواحل مصر تأثرت بهذه الظواهر الجوية أيضاً وامتدت فعالية الهطلات المطرية الغزيرة، علماً أن المناطق الأكثر عرضة لهطلات مطرية كانت فوق البحر الأبيض المتوسط ولم تكن على اليابسة فقط، تقريباً بحدود 60% من فعالية هذا الاعصار كانت فوق مناطق سواحل ليبيا وباقي المناطق كانت غير مأهولة بالسكان في عرض البحر الأبيض المتوسط.
وأضاف: مازالت الخلايا الرعدية أيضاً مسيطرة على مناطق واسعة فوق البحر الأبيض المتوسط شديدة الفعالية والتأثير، إضافة لأجواء سديمية مغبرة في المناطق الداخلية القريبة من المناطق الساحلية الليبية، والذي أدى إلى انتقالها بطبقات الجو العليا حتى ارتفاع تقريباً الـ 4 كم عن سطح الأرض واتجهت مع التيارات الهوائية في طبقات الجو العليا باتجاه مناطق الشرق المتوسط وأثرت على فلسطين وشمال الأردن وجنوب سورية، وتستمر إلى أن يتغير اتجاه الرياح بشكل عام في المناطق المذكورة.
وحول أسباب تشكل الإعصار، أكد المتنبئ أننا نحتاج إلى سببين أساسيين هما الحرارة والرطوبة والماء بالتحديد وهذه الشروط موجودة بالنسبة لمناطق حوض البحر الأبيض المتوسط، حيث تتشكل في مياه المحيطات ذات المساحة الجغرافية الكبيرة ولكن ذات خصائص فيزيائية من حيث درجات حرارة دافئة نسبياً، وبالتالي هذا الهواء الدافئ الحار الرطب يرتفع للأعلى ونتيجة ارتفاعه يبرد ويتكاثف وتبدأ الغيوم الحملية ذات الفعالية القوية بالتشكل وإحداث منطقة ضغط جوي منخفض يؤدي إلى اندفاع الرياح باتجاهين متعاكسين في مناطق مركز الضغط الجوي وبالتالي تبدأ حركة دورانية بعكس عقارب الساعة تشكل إعصارا فعليا من حيث بنية التكون.
وأوضح أنه لا يمكن التنبؤ بمثل هذه الأعاصير خلال فترات زمنية طويلة، وحول تكرارها بالنسبة لمناطق البحر الأبيض المتوسط أكد أنه أمر وارد لكن على شكل عاصفة وليس إعصارا علماً أن الاثنان يحملان الشروط ذاتها لكن باختلاف كبير بشدة الفعالية حيث إن العاصفة تكون أقل حدة برياح تكون 65 كم/سا أو أعلى من ذلك، والإعصار بسرعة رياح من 118 إلى 120 كم/سا أو أعلى من ذلك.
وأشار إلى أن منطقتنا معرضة لحالات جوية تعد نسبياً متطرفة من حيث الهطلات المطرية بشكل عام ولكن مناطق شرق المتوسط بالتحديد أيضاً عرضة لحالات جوية تعد عنيفة نسبياً ولكن ليس من حيث تشكل الإعصار أو كما شهدناه بالنسبة لليبيا، ومن المتوقع أن نشهد خلال الفترات القادمة حالات جوية متمثلة بهطلات مطرية غزيرة جداً مصحوبة بعواصف رعدية بالإضافة إلى ظواهر جوية من حيث نشاط كبير على سرعة الرياح، الغبار المثار في بعض المناطق الداخلية، وتعد المناطق الساحلية الأكثر عرضة لمثل هذه الحالات الجوية العنيفة.
وختم بالقول إن مناطق وسط البحر الأبيض المتوسط والمناطق الغربية منها هي المناطق الأكثر عرضة لتشكل الأعاصير أما بالنسبة للمناطق الشرقية فتكون ضعيفة التأثير من حيث التشكل تكراراً وحدوثاً.
وطمأن كيوان بالقول "لا شيء يدعو للقلق ونحن على اطلاع كامل واستمرارية في دراسة الحالة الجوية وتقديم كل المعلومات قبل فترة زمنية لا تقل عن 72 ساعة".
الوطن أون لاين