تجار البقاليات ضد العمال!
لايخفي التجار معارضتهم لمؤسسة التأمينات الاجتماعية، ولم تتمكن أي جهة حكومية من إقناعهم بحقوق العمال التي أقلها الحصول على راتب الحد الأدنى للأجور بعد بلوغهم السن التقاعدي.
وعندما أصدرت وزارة التجارة الداخلية قرارا ربط الحصول على السجل التجاري بتسجيل عدد من العمال في التأمينات الاجتماعية، استنفرت غرف التجار، وقادت حملة لاتزال مستمرة منذ ثلاثة أعوام ضد هذا القرار، وكأنّه سيلحق خسائر فادحة بكل تاجر سيقوم بتسجيل بعضا من عماله في التأمينات !
الذريعة التي ترفعها غرف التجارة وخاصة غرفة تجارة دمشق هي أن قرار وزارة التجارة تسبّب بعرقلة للعمل التجاري المحدود، ودفع بمن يريد الحصول على السجل التجاري إلى “تسجيل وهميّ لعمال غير موجودين أساساً”ّ!
وبدلا من أن يطالب التجار بتعديل القرار، أو بآليات تؤكد أن المنشأة تستخدم أكثر من خمسة عمال مثلا، فإنهم يسعون لنسف القرار من الأساس، أي يريدون ممارسة حقهم بالحصول على السجل التجاري دون شرط تسجيل أي عامل في التأمينات الاجتماعية وكأنّها “بعبع” شغلها الشاغل شفط أموالهم ظلما وبهتانا!!
والسؤال: لماذا تتخذ غرف التجارة وهيئاتها العامة موقفا عدائيا بمنتهى القسوة والشراسة ضد العمال ؟
ومن يستمع إلى ذرائع غرف التجارة في الكتب التي يرفعونها إلى وزارة التجارة لإلغاء قرار إلزام كل تاجر بتسجيل عدد من العمال بالتأمينات كشرط للحصول على السجل التجاري، سيستنج بأن الغالبية الساحقة من تجار سورية هم أصحاب بقاليات صغيرة وليسوا أصحاب شركات ولا حتى مولات.. فهل هذا صحيح؟!!
حسنا، إذا كان هذا هو الواقع فالسؤال: ماحاجة صاحب البقالية إلى السجل التجاري كي يضطر إلى تسجيل أفراد عائلته في التأمينات كي يحصل عليه وفق قرار وزارة التجارة ؟
وتسأل غرف التجارة سؤالا منطقبا في الشكل: لماذا التاجر ملزم بتسجيل العمال في التأمينات على عكس الطبيب والمحامي والمهندس..الخ؟
الجواب بمنتهى البساطة: التاجر يمارس التجارة أي يقوم بعمليات بيع وشراء، والأهم انه يحتاج إلى سجل تجاري للأستيراد والتصدير، وللدخول في المناقصات التي تعلن عنها الجهات الحكومية، وكلها أعمال تختلف جذريا عن ممارسة المهن الأخرى التي تتميز بنشاطها الفردي كالطب والمحاماة والهندسة..الخ، علما أن أيا من الطبيب أو المهندس أو المحامي، عندما يؤسس لشركة أو لمركز في مجال عمله يحتاج إلى سجل تجاري وتسجيل للعمال.
والسؤال الأكثر أهمية: ماالكلف المادية التي سيتحملها التجار جراء تسجيل الحد الأدنى من العمال في التأمينات الاجتماعية بغض النظر عن كونه شرطا إلزاميا لحصولهم على السجل التجاري؟
باستثناء الشركات المرخصة والتي تسجل عمالها طوعا، فإن التجار الذين يضطرون لتسجيل بعض العمال بالتأمينات فإنهم يقتطعون النسبة المترتبة عليهم دفعها لمؤسسة التأمينات من أجر العمال، أو يضيفونها إلى تكلفة أعمالهم، فهي بالنتيجة ليست من جيبهم الخاص ولا اقتطاعا من أرباحهم ولا منّة للعمال.
الخلاصة: ليس صحيحا أن أصحاب البقاليات من التجار الصغار كي يتم تصويرهم وكأنّهم ضد العمال، وإلا لتصدّرت سورية دول العالم بعدد تجارها، المشكلة كانت ولا تزال أن التجار يصرون على ممارسة نشاطهم بلا قيود أو شروط، ويريدون الإستمرار باستخراج سجلات تجارية بأسماء وهمية كي يتهربوا من الضرائب المتوجبة على أرباحهم السرية والفاحشة!
علي عبود ـ خاص غلوبال