متى ننتج الأسمدة والكهرباء من النفايات؟
ولعل السؤال الذي يخطر ببال كل من يشاهد طفلا أو عامل نظافة يقوم بجمع القمامة أو“بنبشها“: كم يربح “النباشون“ يومياً؟
من الصعب تقدير الربح اليومي “للنبيش“ الواحد، ولكن المؤكد أنها مهنة رابحة بدليل الأعداد الكبيرة التي تعمل “بالنبش“ ، بل يُمكن الجزم أنها مصدر دخل إضافي لغالبية عمال النظافة، فهم يجنون منها أكثر من ضعف دخلهم الشهري، فقد كشف أحد أصحاب معامل تصنيع القمامة انه يشتري كيلو القمامة غير المفروز بـ 1000 ليرة والمفروز بـ 1200 ليرة، أي ان الدخل اليومي للنبيش الواحد قد لا يقل عن 30 ألف ليرة.
وتعتمد معامل كثيرة على الحبيبات البلاستيكية التي تنتجها معامل القمامة لتصنيع منتجات وسلع متعددة الاستعمالات كمرشات المياه والسقاية، وعوازل الأسلاك الكهربائية، وأكياس القمامة والأكياس العادية غير الغذائية، وقوالب خاصة لعلب البلاستيك والعبوات، وعبوات سائل الجلي، التي تكرّر دون طحن لتعود لذات الاستخدام، ولها قوالب خاصة، وأكثرها استخداماً عبوات زيت السيارات..الخ؟
ولعل الجانب الأهم في استثمار النفايات هو أنها مصدر ممتاز لإنتاج الأسمدة، وهذا الأمر ليس جديداً، فقد كانت تُطمر لفترة من الزمن، وبعدها تستخدم كسماد، لكن دول متقدمة كألمانيا والسويد وسنغافورة، يقومون منذ سنوات بتوليد الكهرباء وتصنيع الأسمدة ومواد البناء والعزل للحرارة من القمامة إضافة إلى استخراج الحبيبات البلاستيكية منها، وتعتمد الكثير من الدول بتشغيل معاملها الكبيرة على الكهرباء المنتجة من القمامة (تدفئة ـ مياه ساخنة..الخ) كما أن السويد لم تتأثر بأزمة الطاقة العالمية لأنها الدولة الوحيدة التي تنتج أكثر من 1000 ميغا من تدوير النفايات!
وقد يصعب حاليا في سورية استخراج الكهرباء من القمامة، لكن يمكن استخراج آلاف الأطنان من الأسمدة شهرياً وهي أقل ضرراً وأكثر فعالية من الأسمدة الكيميائية.
وبما أن الكثير من المعامل منتشرة في ريف دمشق لتدوير القمامة فإن ما أدلى به مدير المهن والتراخيص بمحافظة دمشق يثير الاستغراب فهو نفى وجود ترخيص لأي معمل خاص بتدوير النفايات في محافظة دمشق، دون أن يوضح من أين تأتي المعامل المرخصة بالحبيبات البلاستكية لتصنيع السلع غير المعدة للمواد الغذائية؟
والغريب أكثر أن يؤكد بأن تدوير النفايات (صنف أول أو ثانٍ) عملية تحتاج إلى مناطق صناعية أو مدن صناعية!
والمثير أكثر أن مدير المهن والتراخيص بمحافظة دمشق على دراية بوجود ورشات لتجميع القمامة لكنه يؤكد (أنها ممنوعة، وتخضع لنظام المخالفة المعتاد بإرسال ثلاثة إنذارات ثم بعدها تشميع وإغلاق)!
ويبدو إن أصحاب معامل تدوير القمامة غير مهتمين بنقل عملهم إلى المناطق الصناعية لأنهم سيتحملون تكاليف عالية ليسوا مستعدين لدفعها وخاصة إن عملهم يعتمد على عمالة صغيرة جدا، وآليات شبه يدوية، وبالتالي لا يوجد سوى معمل واحد في عدرا الصناعية لتدوير النفايات، وبضع ورشات لإعادة تدوير البلاستيك ضمن شروط معينة.
علي عبود ـ البعث