علي حسون يكتب.. سلامة الطلاب خارج تغطية ما تحققه المدارس الخاصة من أرباح فلكية.. و”حادثة المهاجرين” خير دليل!!
من المؤسف أن تصل الأمور عند أصحاب المؤسسات والمدارس التعليمية الخاصة إلى حد الاستهتار بأرواح الطلاب على حساب المصلحة المادية، فمنذ يومين اصطدمت حافلة تنقل طلاباً في منطقة المهاجرين بدمشق بجدار بعد أن فقد السائق الفرامل، ما أدى إلى وفاة طالبتين وإصابات متفرقة، هنا قد يأتي البعض ويقول: هذا قدر، ولكن أين “إعقلها وتوكّل”، فالمدارس الخاصة تتقاضى مبالغ كبيرة من الأهالي بحجة الخدمات، والنقل المؤمن، وتأمين الراحة لأبنائهم.
يتساءل شاهد على الحادث: هل هذا الباص القديم تنطبق عليه صفة الأمان كما تدّعي المدارس الخاصة؟! فمن رأى مكان الحادث والحارات الضيقة جداً يدرك بأن هكذا حافلات لا تتناسب أبداً مع ما يُدفع من قبل الأهالي. ويؤكد أحد العاملين في مؤسسة تعليمية خاصة أن أغلب أصحاب المدارس يبحثون عن الربح المادي على حساب كل شيء، بغض النظر عن سلامة الطلاب، لافتاً إلى أن تلك المدارس تتغنى بالخدمات أمام الأهالي أثناء التسجيل، وتبدأ بالتهليل والتطبيل لما تقدمه من خدمات ونشاطات ووسائل راحة وأمن وأمان، مستعرضة أفضل أنواع وسائط النقل، ولكن بعد أن يبدأ الدوام المدرسي، ويصبح الطالب في المدرسة، تنكشف الخفايا ويذهب كلام أصحاب المدارس أدراج الرياح!.
ومن يسأل عن دور وزارة التربية؟ وأين هي في خضم ما يحصل؟ الجواب بسيط وبسيط جداً، فلا حول ولا قوة لها أمام تحكّم أصحاب المؤسسات الخاصة بمفاصل العمل في المديريات ودوائر التعليم الخاص، لاسيما أن الوزارة، حسب القوانين الناظمة، تركت الباب والنوافذ مفتوحة أمام كل ما يتعلق بالخدمات التي تقدمها المدارس الخاصة، لهذا يصعب على الوزارة محاسبتها، وخير دليل على ذلك عندما سألنا القائمين على التعليم الخاص في الوزارة عن إجراءات الوزارة ورأيها بما حدث، فكانت إجابتهم بأن التعليمات الوزارية لم تحدد نوعية وسائل النقل المستخدمة لنقل الطلاب، ولكن شددت على أن تكون آمنة، وهنا: من يحدد إن كان هذا “الباص” آمناً أم لا؟ وهل من المنطقي صمت التربية الغريب على هكذا مخالفات؟ علماً أن ما جرى كشف حالة واحدة من حالات كثيرة، فأغلب المدارس الخاصة لا تكلّف خاطرها بالتعاقد مع حافلات خاصة نظامية، بل تبحث عن الأرخص، وتتقاضى ملايين الليرات كأقساط مدرسية؟!
في النهاية، رحم الله الطالبتين، وندعو وزارة التربية للحزم بالقرارات والمحاسبة الحقيقية، لأن المدارس الخاصة لم تعد تكترث أو تعترف بشيء اسمه قانون وتعليمات، في ظل غياب الرقابة.
المصدر: البعث