زياد غصن يكتب :“أقلعوا عينا”.. بس مرة!
طريقة تعاطي مؤسسات الدولة مع أزمة الكهرباء باتت تثير الكثير من الشكوك..
فهذه المؤسسات إما أنها تعرف حقيقة الأزمة وأبعادها ولا تريد وضع الرأي العام بصورتها لاعتبارات خاصة بها، أو أن هذه المؤسسات لا تعرف ماذا يحدث… ولا كيف تتصدى لأزمة تتسبب باحتقان شعبي مخيف!
ومع أنني أميل للاحتمال الثاني بالنظر إلى حالة الضعف التي وصل إليها الأداء المؤسساتي، إلا أنني سأكون حسن النية في جميع طروحاتي، وأضع جانباً نظرية مؤامرة المصالح والصفقات المشبوهة التي يعتقد كل مواطن أنها السبب في تراجع ساعات التغذية الكهربائية إلى مستوى الانعدام.
لذلك تخيلت لو أن مثل هذه الأزمة حدثت في دولة أخرى، وسألت نفسي التالي: ماذا كانت ستفعل تلك الدولة؟
بالنظر إلى بعض التجارب المماثلة، فإنني أعتقد أن الخطوة الأولى هي المباشرة بخطوات المحاسبة، والتي تشمل أولاً إجراء تحقيقات موضوعية ومستقلة عن الحكومة، ومن ثم تحريك دعوى أمام القضاء بحق بعض الأشخاص والجهات التي حملتها التحقيقات جزءاً من المسؤولية.
وهذا ما كان يجب أن يحدث لدينا…
إذ كان يكفي مثلاً قيام مجلس الشعب بتشكيل لجنة تحقيق أو استماع (أو أية تسمية أخرى) بحيث تنقل اجتماعات هذه اللجنة مباشرة على مختلف وسائل الإعلام، وتتولى الاستماع إلى شهادات جميع المسؤولين السابقين والحاليين والخبراء في قطاعي الكهرباء والنفط وهيئة تخطيط الدولة حول المحاور التالية:
– الأسباب الحقيقية للأزمة الحالية من وجهة نظر كل طرف، بعيداً عن شماعة العقوبات التي كان العديد من المسؤولين يستخفون بها عند فرضها من قبل الغرب، ويعتبرون تناولها إعلامياً تهويلاً لا أساس له من الصحة.
-الاستماع إلى ممثلي الجهات الرقابية وهيئة تخطيط الدولة المفترض أنهم يتابعون سنوياً أداء مختلف مؤسسات الدولة.
– أسباب عدم استشراف الأزمة الحالية قبل عدة أشهر من حدوثها بدليل تصريحات المسؤولين التي كانت تعد تارة بشتاء مريح وتارة أخرى بصيف جميل!
-الإجراءات المتخذة في حال كانت هناك توقعات بإمكانية حدوث الأزمة، وأسباب عدم نجاح تلك الإجراءات والخطط في جنب الأزمة أو التخفيف من تأثيراتها.
وقلت إنه كان يجب… لأننا في هذا البلد لم نعتد على محاسبة أحد، ولا إجراء تقييم شفاف وموضوعي لأداء قطاع، وزارة، مؤسسة… لا بل إننا لم نعتد على تقييم حقيقي لأداء أصغر شركة.
لكن ما المانع أن نقلد دولة ما في شفافيتها وإجراءات المحاسبة التي تتبعها؟
لو حدث ذلك لتجنبت البلاد الكثير من الأزمات والمشاكل، فعلى الأقل لن يجرؤ أحد على ترشيح مسؤول غير جدير بالمنصب، ولن يتهاون مسؤول في أداء واجباته وتحمل مسؤولياته، ولن ننتظر حتى تحصل الكارثة والأزمة لنعترف بأخطائنا…!
سوانح صحفي:
-أزمة الكهرباء من وجهة نظر شخصية جوهرها سوء إدارة، بدليل أنها بدأت وتفاقمت مع حكومة تصريف الأعمال الحالية.
-تتحمل وزارة النفط في عهد الوزير السابق جزءاً كبيراً من المسؤولية بدليل التراجع المفاجئ في إنتاج الغاز، والبيانات والمؤشرات التي كانت تصدر آنذاك للإعلام والمفرطة بالتفاؤل حيال الإنتاج الوطني والآبار المكتشفة.
السلطة الرابعة