تجربتي مع الله ..
إعداد وسام النمر
أليس في علم الله أن نبيه أيوبَ قد مسَّه الضرُّ ومرض مرضاَ شديداً ؟
وهل يليق بالنبي أنْ يتوجّع من ابتلاء الله ؟
العبد لا يَشْجَعُ على ربه , لذلك فإن الإمام عليّ رضي الله عنه لما دخل عليه رجل يعوده وهو يتألم من مرضه ، قال له: أتتوجَّع وأنت أبو الحسن؟ فقال: أنا لا أشجع على الله , أي : أنا لست بفتوة أمام الله .
ألا ترى أنه من الأدب مع مَنْ يريد أن يُثبِت لك قوته فيمسك بيدك مثلاً ، ويضغط عليها لتضجّ وتتألم ، أليس من الأدب أن تطاوعه فتقول : آه وتُظهِر له ولو مجاملة أنه أقوى منك ؟
وكعادة الله ..شافي معافي لطيف , استجاب لسيدنا أيوب فيما دعا به , وأعطاه زيادة عليه ونافلة لم يَدْعُ بها، حيث كان في قِلَّة من الأهل، وليس له عِزْوة .
الدكتور محمد عيد المنصور- عضو لجنة تطوير المناهج في وزارة الأوقاف , يروي قصة علاقته مع الله , موضحاً : أجد حروفي مبعثرة في الكلام حول علاقتي بالله سبحانه , لا تكاد تلتئم , فهذه أشياء ذوقية قد يصعب التعبير عنها بحروف, بل أجدُ أنّ اللغةَ ناقلٌ غيرُ كفء للمعاني التي يفيض بها القلب , علاقتي معه..
علاقة روح متعطشة للارتواء, علاقة قلب يرسل مع نبضاته رسائلَ امتنان وشكر وحبّ ,علاقة من ضاع في صحراء ليلاً فضاق عليه الفضاء , ثم أشرق البدر مكتملاً فأزال عن قلبه كل عناء, إنها علاقة من يسمع مولاه يخاطبه فيقول : مَن أقبلَ إليّ تلقيته من بعيد ,فيسرعُ القلب إليه.. سجوداً وحباً..
أن تهمسَ في أُذن الأرض فيصبح صوتك مسموعاً في السماء هذه سعادة غامرة , أن تضع حاجاتك الصغيرة أمام الأبواب الفسيحة ثم تتحقق كلها هذه فرحة لا يساعد اللسان عن صياغتها ,مواقف كثيرة مكدرة وصعبة مرّت في حياتي, وعندما كانت تداهمني وتحاصرني من كل جانب, كنت أتعلق بالسماء أكثر, فتهرب جميعاً مبتعدةً عني, لمعرفتها أني ألجأ إلى ركن شديد, وقد أيقنت أن إليه المصير فطاب لدي إليه المسير ..
وفي مرض مفاجئ ألمّ بي قبيل رمضان لهذا العام , حرمني لذة الركوع والسجود , غدوتُ أتقرّب إليه بعجزي وضعفي وأتقرب إليه بدموع الرضا والصبر , أناديه فأقول:
داووا مريض الهوى لطفاً ببلسمكم
لا يشتفي جرحه إلا بمرهمكم
وكان لعظيم لطفه وعطاياه ما أزال عن جسدي المنهك سياط الألم ورسم مكانها ورود الأمل , لا سيما في العشر الأخير من ليالي الأنس به والتفكر في عظيم لطفه وعندما كانت تنام العيون وتظهر النجوم ولا يبقى إلا الحي القيوم..
كنت أرسل الدعوات تترى لي وللأحبة والأصدقاء والأقارب والأمة , فيفيض القلب بالكلمات " شكراً " , وتسيل الحروف رقةً وشهداً , اللهم ما قسمته لعبادك الصالحين والمعتكفين والطائفين من عطايا القلب والجسد والروح في هذه الليالي , فاجعل لنا منه أوفر الحظ والنصيب , بساحل بحر الجود قد فاز من رسى , اللهم اجعل قلوبنا المبحرة في حبك والعبودية لك , ترسو على ميناء ( سلام هي ) واجعله سلاماً لأبداننا وأرواحنا وأهلنا وأوطاننا , إنك بالجود موصوف وبالعفو عن عبيدك معروف.