تجربتي مع الله ..
إعداد : لمى خيرالله
يقول الكاتب والممثل والشاعر كفاح الخوص واصفا تجربته مع الله ..
سمّوه ما شئتم "الله" "الخالق" THE GOD"" او "رب العالمين" .. فهو أسمى من أن نختلف على تسميته ولا بد من أن لهذا الكون خالق يسمو عن صفاتنا البشرية بما نحتويه من تناقض وأنا حتماً أعترف بوجوده .
نعم أتواصل معه لكن على طريقتي الخاصة وأشعر دوماً بأنه أكبر من هذه القواعد والقوانين التي وصلتنا من خلال الأنبياء فهو ليس بحاجة لعلاقة شرطية للتواصل معه انما علاقتي به تبقى روحانية وهي الرادع القائم بالنسبة لي وهذا ما يجعلني أبتعد دوماً عن الإساءة للآخرين وأن أسعى جهدي لتقديم المحبة الخالصة .
وفي حال وقوعي بالخطأ ألجأ للاستغفار وان كنت أخطأت من غير دراية أحاول ان استدرك ذلك فأناجي ربي طالباً منه العفو والمغفرة فهو حاضر دائما معي ، إلا أن التناقض الدائم الذي أعيشه ينطوي على الفكرة التي زرعت بداخلي منذ طفولتي ألا وهي "ماهيته" .
زرعوا الخوف بداخلنا اتجاهه بدءاً من الأسرة وصولاً الى دائرة المجتمع بجميع أفراده، ففي فترة من الفترات كنت ضعيفاً جداً وكنت بأمس الحاجة له وأنا في ذروة ضعفي وشعرت أنني في مكان مظلم لكن إحساسي بوجوده قربي لم يكن وهماً بالنسبة لي ، وهنا لجأت للطريقة المعهودة التي ربينا عليها للتواصل معه عبر الصلاة والصيام والاستغفار والتسبيح ، ولكن في أحد المرات وأثناء صلاتي وقراءتي لسورة الرحمن وعند بلوغي قَوْله : { وَلِمَنْ خَافَ مَقَام رَبّه جَنَّتَانِ } أوقفت الصلاة وسألت نفسي لماذا أخاف منه ؟ ولماذا لا أحبه ؟
لم أشأ يوماً ان تكون علاقتي معه علاقة "مصلحة" على مبدأ أجرني فأصلي لك ، بهذا الشكل لا يكون الحب صافياً ، لذلك أوقفت هذه الطريقة بالعبادة وبدأت برحلة البحث علّي أبلغ الإجابة التي لم أجدها حتى الان ، الا انني أتواصل مع خالقي من خلال حالتي الصوفية وقصائدي وأسأله لكني لم ألتمس الى الان الاجابة، وفي ذات الوقت لا أشعر بالذنب بطريقة تواصلي معه ، فهو خلقني وجعلني أعيش هذه التجربة ومن هنا لي الحق بسؤاله لماذا هذه التجربة ؟ فلا بد لي أن أفهم قبل أن أعبده بالطريقة التي وصلت إلينا .
ان هذا الخالق الكامل العادل الرحمن الرحيم لا يقف على ما أعتقد عند هذه المشاكل و الأخطاء البشرية الصغيرة ولن يحاسبني عليها فهو أسمى من هذه السيئات التي نقوم بفعلها، ولربما سبب مشكلتي هو بالطريقة التي أوصلت الينا هذه الرسالة، و لربما نحن لسنا بحاجتها فهو دائماً موجود قريب منا وانا في حالة صوم روحي بشكل متواصل.
ان الأديان عبر التاريخ تشبه بعضها، فقد صنعت مجموعات تفرق البشر عن بعضهم البعض ، وهنا لا أرى ان رب العالمين يريد منا أن نكون مجموعات تقاتل بعضها بعضاً ، وكل له رأيه ورؤيته ، وكلّ يدعي القتال باسم الله حسب رؤياه وطريقته، فكل مجموعة توهم الأخرى بأنها على صح والأخرى على خطأ حسب قوانين وضعية تتجاوزها المجموعة الواضعة لها بحد ذاتها .
لقد ذهبت المجموعات باتجاه عكسي لا يقرب أبدا من الخالق وجعلتنا نعيش هذا التناقض بعيداً عن حقيقته جل وعلا وماهيته ، وجعلتنا نخافه دون أن نحبه وهنا كانت المشكلة .
نعم نشأت في أسرة معتدلة دينياً فأمي تصلي وتصوم على عكس والدي الذي يمتلك وجهة نظر خاصة به تاركاً لنا حرية القرار في هذا الخصوص ، الا ان البذور تبقى مغروسة في دواخلنا وترتبط الى حد كبير بالمدرّسات والشيخ والأصدقاء والجيران والحلال والحرام والعقاب والثواب والتناقض الذي يعيشه الفرد مع ذاته .
في مجتمعنا من السهل جداً أن ترسل رسالة غرامية الى أخرى مع أختك لكن من غير المسموح أن يكون العكس وقد يكون القتل حلالاً هنا ، قد أباح مجتمعنا للذكر أن تكون الفتاة عرضة للغمزات والهمسات و"التلطيشات" وفي ذات الوقت لن يكون الأمر مسموحاً لك ان حصل ذات الأمر مع أختك ، وقد تسهر في أحد النوادي الليلية بشرط أن يكون أهل بيتك في مأمن في المنزل ، وشرع الخيانة للذكر .
لماذا تبقى الأم وهي المرأة، الأخت، الزوجة، "ناقصة عقل ودين" لماذا لها في حق الميراث جزء وللذكر جزأين ؟ لماذا نتعامل مع المرأة بهذا الضعف وهي الجزء الأهم في حياتنا وان سُإلنا يوماً ما من تحب أكثر أمك أم والدك ؟؟ يكون الجواب حاضراً بكلمة "أمي" فلا أحد له القدرة عن الاستغناء عن أمه .
ان المثيولوجيا الدينية وبخطاباتها في الكتب السماوية الموجودة لم تبتعد عن كونها خطاباً ذكورياً وتعامل الأنثى على أنها كائن ضعيف ، وهنا يبدو الدين مفصولاً تماماً عن الخالق وماهيته وصفاته وأسمائه ، ولا يخرج عن كونه وضعياً أوجد لتحقيق غايات فردية تحولت عبر الزمن الى ايديولوجيا حملتها المجموعات .
أخاطب خالقي بكل راحة وصراحة وبأريحية مطلقة ولا شيء يمنعني عن أن أقول له ما يدور في داخلي من تساؤلات دون حجاب فهو موجود دائماً معي وفي كل الأوقات واللحظات .