الدخان.. الاقتصاد الضار السوريون يحرقون يوميا نحو 4 مليارات.. وسنويا تريليون و377 مليار ليرة
صاحبة_الجلالة _ ماهر عثمان
حالة مرعبة من الفوضى والعشوائية تسيطر على سوق السجائر سواء المهربة أو المستوردة وحتى الوطنية تعكس وجود أياد خفية تتحكم في هذه التجارة التي تُقدر بآلاف المليارات التي تذهب لجيوبهم بعيدا عن أعين الدولة حيث يشهد سوقها ارتفاعا بالأسعار غير مسبوق دون حسيب أو رقيب.
فمنذ 25 يوما ولغاية الآن شهدت أسعار الدخان ارتفاعا كبيرا وصل في بعض الأحيان لأكثر من 250 بالمئة زيادة على سعر كل باكيتحيث أكد أحد الباعة لصاحبة الجلالة أن أصحاب المستودعات (تجار الجملة) عمدوا خلال الفترة الماضية إلى احتكار ما لديهم من دخان أجنبي حتى يرفعوا سعره وتكررت هذه القصة أكثر من 7 مرات خلال الشهر المنصرم زادت في نهايتها كل باكيت ما بين 700 إلى الألف ليرة حسب نوع الدخان .
وبمقارنة أسعار الدخان قبل 25 يوما بأسعارها اليوم نجد أن الحمراء الطويلة "القديمة" أصبحت اليوم 700 ليرة فيما كانت 350 و"الجديدة" 600 ليرة فيما كان 300 ليرة و"الأبيض" أصبح 500 ليرة بعدما كان 200 ليرة علما أن المؤسسة العامة للتبغ أصدرت اليوم نشرة الأسعار المعمول بها لكافة أصناف السجائر الوطنية المنتجة محلياً مؤكدة أنه لم يطرأ عليها أي تعديل في الآونة الأخيرة .
وبالانتقال إلى الدخان الأجنبي سواء المستورد أو المهرب فقد بلغ سعر باكيت الدخان من نوع غلواز اليوم 2000 ليرة بعدما كانت 700 فيما وصل سعر باكيت الماستر 1300 زائدة عن سعرها القديم نحو 700 ليرة والماستر الطويل 1400 ليرة بعدما كان 700 ليرة والأليكانس 1200 بعدما كان 600 وهكذا إلى باقي أنواع الدخان.
صاحبة الجلالة وللوقوف على حيثيات الموضوع تواصلت مع مدير مديرية الأسعار في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك تمام العقدة الذي أكد أن موضوع تسعير الدخان يتم في وزارة الصناعة حصرا .
ومتابعة للموضوع تواصلنا مع وزارة الصناعة التي أرسلت مشكورة أجوبة على أسئلتنا مبينة أن المؤسسة العامة للتبغ معنية بتسعير مادة الدخان الوطني فقط وذلك وفق تكاليف المواد الداخلة بصناعته والتي تتجاوز الخمسين مادة واحدة منها فقط محلية وهي مادة التبغ الخام والباقي مستورد.
ولفتت الوزارة إلى أنه ونتيجة ارتفاع أسعار الدخان الأجنبي في السوق تحول نسبة كبيرة من المدخنين لتدخين الدخان الوطني ما شكل ضغطا كبيرا على المنتج مؤكدة أن المؤسسة تعمل على مدار ال ٢٤ /٢٤ رغم طاقاتها محدودة وأن خططها كلها تضمن زيادة الانتاج عن طريق زيادة الطاقات واستيراد آلات سجائر جديدة إلا أن الأمر ليس بهذا اليسر ويحتاج وقت لأن ٩٠ بالمئة من آلات تصنيع السجائرالمجدية هو غربي الصنع والكل يعرف مقدار المعاناة والصعوبة في ذلك جراء العقوبات الاقتصادية على سورية .
وأكدت الوزارة أن جهاز المكافحة التابع لمؤسسة التبغ يتابع ويلاحق المتلاعبين بأسعار الدخان الوطني وتصل بعض المخالفات لحد مصادرة بضاعة التاجر المخالف حيث يتزامن ذلك مع ضخ المؤسسة للبضاعة بشكل يومي في الأسواقبعد أن بات حجم الطلب أكثر من العرض والبيع بالمفرق للمواطنين عبر منافذها في المحافظات بحيث يحق لكل مواطن 2 باكيت.
قد يرى البعض أن هذا الموضوع يتعلق بالمدخنين فقط إلا أنه عندما يدرك حجم هذه التجارة التي تذهب أرباحها لتجار مجهولين سيدرك أن الموضوع يتعلق باقتصاد البلد حيث وبحسب آخر إحصائية للمدخنين في سورية (2019) بلغ عددهم نحو 4.5 مليون مدخن سجائر يستهلك الواحد منهم بأضعف تقدير باكيت واحدة باليوم وبمتوسط سعر 850 ليرة للباكيت أي يستهلكون يوميا بقيمة 3 مليارات و825 مليون ليرة وشهريا 114 مليار و750 مليون وسنويا تريليون و377 مليار ليرة سورية.
وبحسبة صغيرة لأرباح القائمين على هذه التجارة خلال الشهر الماضي أي بعد زيادة الأسعار بمتوسط 700 ليرة فقط سنكون نتحدث عن 3 مليارات و150 مليون ليرة (4.5 مليون * 700) ربح يومي و94 مليار و500 مليون ليرة خلال 30 يوما الماضية.
والسؤال المهم الذي يطرح نفسه ويحتاج إلى إجابة .. من الذي يتحكم بسوق الدخان في سورية .. ولماذا لا تذهب تلك الإيرادات لخزينة الدولة .