ساعة التصحيح ب،50 ليرة..لماذا لا تستجيب الحكومة لمطالب التربية بزيادة تعويض المدرسين على المراقبة
صاحبة الجلالة _ ضياء الصحناوي
لم تعد قضية المدرسين والمعلمين المنضوين تحت جناح وزارة التربية قابلة للسكوت أو التطنيش الحكومي المستمر منذ عشرات السنين، إلا إن كانت كل الوزارات المتعاقبة تطمح إلى جعل المدارس خالية من المدرسين. فالراتب الذي يتقاضاه أقدم عامل في التربية يمكن أن يجنيه بخمسة أيام في العمل الحر أو السفر إلى لبنان الشقيق الطريق المفتوح الوحيد بالوقت الحالي لكي يستطيع هؤلاء سد ديونهم المتراكمة طوال تسعة شهور في التدريس.
وبرزت هذه السنة قصة المراقبة لامتحانات شهادة التعليم الأساسي والثانوي، وتصحيح الأوراق الامتحانية، فكثير من المدرسين باتوا على قناعة تامة أن السنة القادمة ليسوا ضمن هذه الخطط، وغالبيتهم حاول بشتى الطرق تقديم الأعذار للتملص من هذه العقوبة السنوية بسبب التعويضات الهزيلة التي ينالونها طول شهر كامل من السجن في قاعات الامتحانات وغرف التصحيح والجولات المكوكية بين القرى والبلدات.
قانون 1985 لم يتغير .
تفاجئ أحد المدرسين في السنة الماضية عندما ذهب لاستلام تعويضاته عن الجولات بأنها تبلغ 320 ليرة سورية، وقبض ما مجموعه 1600 ليرة تعويضات مراقبة عن ستة أيام بعد خصم الضرائب منها، وعندما راجع المحاسبة أخبره أحد الموظفين أن هذا التعويض يعود قراره للعام 1985، فقرر المدرس منذ ذلك اليوم الهروب من المراقبة والجولات مهما كان الثمن، لأن ساعتين تدريس في بيته لتلميذ عادي تجلب له هذا المبلغ حتى لو علمه الرسم.
ويذهب أحد المدرسين المختصين إلى أبعد من ذلك بالقول: أعتبر أن القيام بالتصحيح والمراقبة أمراً وطنياً بحتاً، أنا ضد التدريس الخصوصي إن كان في المنزل أو في أي مكان، وأعتمد في معيشتي على راتبي وراتب زوجتي وعلى الزراعة لكي نستطيع العيش، وفي كل سنة تتراكم ديوني لدرجة كبيرة فأطلب المساعدة من أخوتي في الخليج بانتظار موسم التفاح لأسدد ديونهم، أنا جزء من منظومة مظلومة ليس لها من يسندها، لذلك تجد المدرس يتجه نحو الحصص الخصوصية أو سائق سيارة أجرة بعد الظهر أو معلم عمار أو عاملاً في لبنان أثناء العطلة الصيفية.
وتابع: إن التعويضات التي نجنيها طوال الامتحانات عن المراقبة لا تتجاوز 4800 ليرة سورية، وما زلنا نتقاضى مبالغ من المعيب حسابها على التصحيح على الرغم من التعب والإجهاد الذي نعانيه، والتوتر الذي يصيبنا خوفاً من الخطأ بحق أي طالب قد يذهب بمستقبله.
كانت المفاجأة التي تصدم أن هؤلاء المدرسين الرافضين للمراقبة والتصحيح والطالبين بالحقوق المهدورة يطلبون عدم كتابة الاسم خوفاً من العقوبة،فعلى الرغم من كل ما حصل ويحصل في سورية ما زالت حالة الخوف مستمرة من العقوبة عندما يتعلق الأمر بقول الحقيقة ، ولكن هؤلاء قرروا أن ينالوا عقوبة عدم المراقبة، والتفتيش على أعمال مناسبة تكسبهم بعض المال وترك المطالبة التي لا تجدي نفعاً.
وقال أحد مدرسي التاريخ أنه في كل مؤتمر نقابي نطالب بالتعويض ورفع الرواتب كوننا من المدرسين الذين لا يدخلون باهتمامات الأهالي في الدروس الخصوصية، ولكن نقابتنا أضعف من أن تطالب لنا أو تعمل شيء وخاصة في هذه الظروف العصيبة التي تمر بها البلاد، فأخذت الأمر منذ زمن على عاتقي وألجأ إلى ضان سيارة نقل عامة أعمل عليها مع زميل لي بالمناوبة ونكسب في فترة الصيف مبالغ محترمة تقينا شر العوز.
وزارة التربية مستمرة بالمطالبة ولكن الظروف أقوى..
من جهته وفي تصريح خاص لصاحبة الجلالة أكد معاون وزير التربية عبد الحكيم الحماد أنه تم وضع دراسة ومذكرة لتعديل بعض التعويضات ومنها على سبيل المثال ما يتعلق بأجور الساعة التدريسية للمدرسين المكلفين من داخل وخارج الملاك، وقد وعد السيد رئيس مجلس الوزراء بالمعالجة قريباً..ولكن لا بدمن الأخذ بعين الاعتبار الوضع الاقتصادي الصعب وضعف الموارد لدى الحكومة، خاصة أننا أصبحنا نستورد النفط والغاز والقمح بعد أن كنا نصدره.
وبالنسبة للتعويضات يتم منح المراقبين حسب ساعات المراقبة، ويمنح ساعة قبل وبعد الامتحان. وأجرة الساعة 100 ليرة للدورة الأولى، و150 ليرة للدورة الثانية وفق مرسوم التعويضات، وقد تم تعديل مرسوم التعويضات في العام 2014.
وأوضح الحماد عن الجولات الامتحانية أن القانون الصادر في العام 1985 حدد قيمة الجولات على الراتب المقطوع تقسيم 30، وكان على أساس التجميع كل 50 كم يعتبر أجرة يوم.
أما بالنسبة لقانون العاملين الموحد رقم 50 فيكون راتب طبيعة العمل ضرب 1.5 % يساوي تعويض الجولة الواحدة على ألا يتجاوز 15 % من الرتب، وأن تكون المسافة كل 50 كم جولة، علماً أنه يتم تجميع الجولات.
وفيما يتعلق بالتصحيح أكد بالقول: يحدد تعويض التصحيح لأوراق الإجابة على أساس ورقة الامتحان، ويحدد تعويض الورقة الواحدة بحسب المدة الزمنية لمادة الامتحان، وأجرة الساعة 50 ليرة سورية للدورة الأولى، و75 ليرة للدورة الثانية حسب المرسوم رقم 388 لعام 2014.
وختم الحماد بالقول: لا يقاس الجهد الفكري بالجهد العضلي ورسالة المدرس أكبر من مقارنته بعامل البيتون مع كل الاحترام لكافة المهن.