غياب رقابي وحكومي واضح.. وتعكس الهوة الساحقة بين "طبقتين" في المجتمع
صاحبة الجلالة _ نيرمين موصللي
رغم الارتفاع الملحوظ لأغلبية السلع والمواد الغذائية المعروضة بالمولات واستقطابها لطبقة محددة بالمجتمع مافوق الوسط إلا أنها تشهد حركة نشطة ولا سيما في أيام الأعياد والعطل وقد وجد العديد من مرتادي المولات أنها توفر الوقت الذي يمكن أن تقضيه الأسرة بالتنقل من سوق لآخر لشراء مستلزماتها .. ليقابلهم البعض بعدم الرضى والامتعاض من الغياب الواضح للرقابة وعين حماية المستهلك على أسعار السلع فيها والتي لاتناسب ذوي الدخل المحدود.
وخلال جولة لصاحبة الجلالة في أحد المولات في دمشق لرصد الآراء المختلفة للمواطنيين ..قال موظف الكاشير في السوبر ماركت : " اعتدت يومياً ان اصرف عدد كبير من الفواتير والتي تتراوح الواحدة منها في أيام العطل والأعياد ما بين 200 و250 ألف ليرة سورية لتكون في الأوقات العادية بين 30 و50 ألف كحد أدنى وفي بعض الاحيان يكون الدفع بالدولار من " طبقة معينة بالمجتمع" .. فأنا كموظف أتقاضى 50 ألف ليرة شهرياً ولا استطيع في بعض الأحيان تأمين المستلزمات الأساسية.
واختلفت آراء الزبائن حيث رأى بعضهم أن التسوق ضمن المول طريقة جيدة وحضارية للأسرة لما يقدمه من عروض جديدة وتخفيضات على أسعار والعروض المنافسة والأناقة في عرض البضائع سواء كانت أغذية أو كماليات أو حتى ضروريات في حين ذهب آخرون إلى أن هذه العروض ليست إلا اغراءات لجذب المواطن والتي هي في الحقيقة عروض تقدم من فترة لآخرى وتكثر في الأعياد والعطل.. والتي قد يكون بعضها حقيقيا .. فمعظمها يعود لزيادة حجم الكميات في مستودعات المول وقرب فترة انتهاء صلاحيتها إضافة لعروض آخرى مثل " اشترِ بمبلغ 100 ألف ليرة واحصل على هدية بقيمة 30 ألف ليرة " حيث يقع بعضهم في فخ الشراء لحاجات وسلع لم يكن يقصد شرائها أو حتى لم يعهد استهلاكها الأمر الذي يدفعه لدفع مبالغ كبيرة لم تكن بالحسبان وقضاء بقية الشهر بأزمة مالية وطبعاً كل ذلك في غياب عين الرقابة عن الأسعار والتغاضي عنها.
سلمى مديرة تسويق في قسم الألبسة ضمن المول تقول: إن المول مركز تسوق يلبي حاجات المواطنين ويؤمن لهم احتياجاتهم الكاملة تحت سقف واحد ، وهناك إقبال كبير على زيارته ..فالبعض يجد ضمن المولات الماركات التي لا توجد خارجه كالماركات الإيطالية والفرنسية التي ليس لديها فروع آخرى.. معقبة بالقول ، طبعا أسعار تلك الماركات تبدأ من 30 ألف ليرة سورية لتصل ل 175 ألف ليرة فيما أسعار الجلديات من 30 ألف ليرة لتصل ل80 ألف ليرة والتي لها زبائنها الخاصة .. وعندما تزيد الفاتورة عن مبلغ 600 ألف ليرة سورية فأنت حكما تستطيع تحديد الطبقة التي ترتاد المول للتبضع وأنا بصراحة لا أستطيع كموظفة براتب ثابت 40 ألف ليرة وإضافات حسب جذب الزبائن الشراء منهنا والتماشي مع الأسعار.
وتبين السيدة منال وهي من مرتادي المول .." أن المولات التجارية سهلت التسوق حيث جمعت ضمن سوق واحد كافة مستلزمات الأسرة وفي أغلب الدول تكون لجميع شرائح المجتمع لكن للآسف لدينا غير مخصصة لكافة الطبقات فلا مكان لذوي الدخل المحدود وخصوصاً في غياب الرقابة على الأسعار مع وجود بضائع أجنبية رغم منع الاستيراد ؟؟!! .. وتضيف .. وأنا برأيي أن الأسواق العادية لا تزال تحتفظ بالحصة الأكبر بسبب فارق الأسعار الكبير بينها وبين المول الذي تزيد الأسعار ضمنه أضعاف عن الأسواق، فهو يستقطب النخبة المخملية فقط.
وبسؤال القائمين على المول عن ارتفاع الأسعار كان التبرير أن السبب غلاء استثمار العقار بحد ذاته والضرائب المفروضة عليه مؤكدين أنه ومع ذلك كله الإقبال جيد على المول وليس لفئة أو شريحة معينة.
ويتساءل كثيرون .. كيف تصل البضائع الأجنبية للمولات في ظل منع الاستيراد ؟.. ولماذا الرقابة وحماية المستهلك بعيدة عن دخول تلك المولات والقيام بعملها كما تقوم به في أي محل تجاري عادي..؟ وهل.. سيأتي يوم على المواطن المعتر يستطيع فيه براتبه الشهري دخول تلك المولات والتسوق كما باقي مولات العالم ..أم سيبقى الفرز الاجتماعي قائما حتى في عمليات التسوق..؟