هدنة الإعلام "أم الهدن"..اقتراح..بهدنة إعلامية كي تفتح بابا للتسويات والمصالحات
صاحبة الجلالة _ علاء المهنا
قبل ثورة 1952 في مصر؛ دارت مفاوضات سرية بين دبلوماسي مصري وآخر "إسرائيلي" في باريس, وبعد أن حدثت ثورة 23 يوليو وقام الدبلوماسي المصري عبد الرحمن صادق باستشارة "البكباشي" جمال عبد الناصر حول مفاوضات سرية , والتي كان قوامها هدنة إعلامية .
و لما كان للإعلام في الحرب السورية اليد الطولى في تأجيج نيرانها بالقصد أو بالعمد أو من غير دراية.
و بالعودة إلى الأحداث الأولى , اعتمدت وسائل الإعلام العربي والعالمي نظرية امتداد ما يسمى "الربيع العربي" إلى الداخل السوري, مع رسائل مبطنة وبتخطيط مسبق؛ على أنه أمر واقع على الأرض السورية وقد أخذ بإرخاء ظلاله.
أما الإعلام السوري بدوره فاتخذ منحى التكذيب مستخدماً أسلوب الدفاع, ولم يكن أهم ناقل للخبر من أرض الواقع , معتمداً تصوير سوريا على أنها الضحية ، في الوقت الذي كانت فيه الدولة السورية أقوى من أي وقت لاحق .
وكثيرا ما يقع المدافع في الأخطاء ,ويكون بعضها قاتلا ! ولم يكن الإعلام السوري قادراً على أي هجوم إلا عن طريق الدفاع, وفي غالب الأحيان لم يقوَ على القيام حتى ببعض الهجمات المرتدة.
فقد كان مفتقداً لزمام المبادرة, كونه يتلقى الضربات ويقوم بتكذيبها من نفس المصدر الذي صوره ، وليس من أرض الواقع.
أما الإعلام العربي والعالمي؛ فهي مؤسسات مؤهلة ومدربة وذات خبرة لا بل مخططة لهدف معين ستحققه على أي حال.
ومن هنا فقد كانت قادرة على توجيه الضربات المباشرة للداخل السوري, وإحداث فروقات في هذا النسيج المجتمعي عن طريق خلق اختلاف وجهات النظر كمرحلة أولى؛ ومن ثم إنشاء حالة فكرية وثقافية وسياسية يتبنى من خلالها المتلقي ما يصدر من هذا الإعلام سواء كان هذا الإعلام موالياً أو معارضاً للسلطة؛ فكان التشتت شاملاً لكل أطياف المجتمع السوري على حد سواء.
عندها بدأ النزال بين المتلقين! من كل الأطراف وبعد انقسامهم بين معارض وموالي، اتجه الإعلام إلى دور التجييش الإثني و المذهبي و المناطقي؛ لتأجيج الصراع ونقله إلى مرحلة أكثر تعقيداً ,وجعل النزال بين الأطراف نزالاً دموياً.
.
وأثناء هذه الهدن التي شهدتها البلاد؛ مؤخراً كان للإعلام أيضا الدور السلبي فيها فحاول مراراً إظهارها على أنها هدن هشة ,وغير قابلة للحياة, وغير مكتملة والإعلام كان يقوم بدور الناقد لهذه الهدن, ولم يسوّق لها على أساس إنها الحل الذي يعتبر الطريق الآمن لكل حل .
بات واضحاً تبعاً لما سبق أن العدو واحد لكن بوجه آخر...وما أشبه الأمس باليوم .
فإذاً ؛ لو تمكنّا من أن نخلق "هدنة من نوع أخر" نستطيع من خلالها أن نضع حداً لكل هذه المعلومات والأخبار ,وان تكون هدنة على مستوى دولي؛ تتبناها مؤسسات تابعة لمنظمات دولية ؛لتلعب دور المراقب لسير هذه الهدنة أخلاقيا وإنسانيا, لنعيد المجتمع السوري إلى الحقيقة كما هي على أرض الواقع عن طريق معلومات وأخبار مهنية ,وحرفية ,بعيداً عن أي رسائل مبطنة ,أو تجيش سياسي ,أو مذهبي ,أو مناطقي.
لتكن هدنة الإعلام "أم الهدن"!!!
وحبذا لو يتم إنشاء مؤسسة دولية تقوم على فرض هذه الهدنة على كل الأطراف دون استثناء ,ومعاقبة أي طرف يخل بالمبادئ الأخلاقية لهذه المهنة ,أو يكون طرفاً في الصراع على الأرض ,أو يتواصل مع مجموعات صنّفت على أنها إرهابية وتقاتل على الأرض السورية , ويتوقف الضخ الطائفي, و المناطقي من كل هذه المؤسسات الإعلامية ,وتطبق الهدنة ويكون هناك ضمانات من كل الدول للتطبيق الفوري لها.
ولا أبالغ إذا قلت أنها كفيلة بإيقاف هذا النزيف الفكري, والبشري على الأرض السورية, لأن كل هدنة أو حل سيفرض على المجتمع السوري لن يكون له جدوى أو قدرة على التغيير الحقيقي, طالما أن هناك ضخ إعلامي كبير على كافة وسائل الإعلام العربية , والعالمية .
فمن هنا وجب أن أقول: "داويها بالتي كانت هي الداء "