منتجاتنا في الطريق إلى أسواق العراق
لا تحتاج السوق العراقية إلى اكتشاف أهميتها. حكومتنا تعلم ذلك وعكسته لهفتها البادية حيال زيارة وفد رجال أعمالها للمشاركة في معرض «التصدير وتقنياته» بدمشق.
تحقق السوق الشقيقة منفذاً رحباً لتفكيك المعضلات الراهنة لاقتصادنا الوطني، إذ إن تجارتنا البينية مع هذا البلد الجار ناهزت 5 مليارات دولار ما قبل الحرب، وهذه تكافئ تماماً مجمل ميزاننا التجاري في 2015، وتبعاً لذلك، فقد يكون لتلك السوق القدرة النظرية على تلطيف كامل انكساره الحالي ووضع حد نهائي لسلسلة الخلل النقدي بما يكفل تحصين الحكومة ومواطنيها من خيارات مؤلمة جراء طارئ ما.
وعلى المقلب العراقي، سيكون لإعادة إحياء خطوط التجارة والترانزيت، مع وعبر سورية، المساعدة في ضبط ما يعانيه الاقتصاد الشقيق من تضخم متصاعد دفع أمامه أفكارا من قبيل «حذف الأصفار» النقدية، فالمنتجات السورية الرخيصة، والتكاليف المنخفضة للمشحون عبر موانئنا، يمكنهما تقليص قسط من التضخم المحمول على ظهور المستوردات العراقية.
الفرصة المواتية لكلا الاقتصادين الجارين بادية للعيان عبر إعادة إحياء تجارتهما البرية البينية، وهي أكثر إلحاحاً للجانب السوري لما تبشر به من نهاية عصر الانكفاء الاقتصادي الدفاعي، نحو فعل إنقاذه، وهذا أمر دونه تحديان اثنان: طريق تجاري آمن، وسلع تصديرية كافية.
رئيس مجلس الوزراء وعد بتذليل التحدي الأول بالعمل على إعادة فتح معبر «التنف» الحدودي، ولربما استند في تصوراته للحل الممكن إلى «آلية المتعهدين» التي استخدمت سابقاً في توريد الأقماح من المناطق الساخنة، أو تراه يتطلع إلى عملية عسكرية لفتح جسر برّي آمن ومن ثم دعمه بوحدات ترفيق مسلحة سورية وعراقية، وقد يصل الأمر إلى ترفيق جوي لقوافل الترانزيت أو غير ذلك من الحلول الممكنة.. وفي كل الأحوال، فذلك يتطلب من حكومتي البلدين ابتداع صيغة لتذليل العقبة الداعشية التي ابتكرتها اليد الأميركية لفصل الجغرافيا الاقتصادية الممتدة بين المتوسط والعراق، لاستبدالها بأخرى متصالبة تمتد من الخليج نحو تركيا.
التحدي الآخر سوري محض، فعاجلاً ما ستجد الحكومة نفسها أمام تحد كبير لضمان وتائر إنتاج عالية في المنشآت القائمة، أقله كان تنفيذاً لشعاراتها التصديرية الباهتة التي طالما أنفقت حبال حناجرها في تردادها، قبل أن تكشف لنا حلب مؤخراً بأن مطلب توفير حوامل الطاقة لمنشآتها وما نجم عنه من تدني القدرة التشغيلية والإنتاجية لمناطقها الصناعية، بات تراثاً سورياً ممتازاً واظبت الحكومات المتتالية على المحافظة عليه بأهدابها!
"الوطن"