وزير اتصالات سابق .. هذه خفايا الإنترنت
كتب وزير الاتصالات السابق عمرو سالم على صفحته الشخصية فيسبوك .. تزول الدّنيا قبل أن تزول الشّام ... كي يبقى لدينا بلد... عام 2012 انقطع الإنترنت بشكل كامل عن كلّ سوريّة وبقيت حوالي 48 ساعة ... بعد عودتها كتبت في صفحتي شكراً لمدير عام المؤسسة العامة للاتصالات المهندس بكر بكر الّذي أحبّه منذ أن كنت وزيراً لرجولته وإخلاصه وتفانيه ولفنيّي المؤسسة الّذين عملوا تحت ظروف غاية في الخطر لإعادة الإنترنت ...
رد علي شخص كان يعمل في المؤسّسة العامة بتعليق كتب فيه (هي بدك تسمحلي فيها. الدولة هي قطعتها ولمعلومك، هناك خطوط بحريّة بديلة وهناك محطة صيدنايا) ...
الأخ المعلّق والّذي حظي تعليقه بعدد كبير من اللايكات كان يعمل في المؤسسة العامة للاتصالات في الثمانينيّات - أي عندما لم يكن في سوريّة إنترنت ...
ما يهمّني في الموضوع هنا، هو: كيف تصنع الأكاذيب ... وكيف يقضى على البلاد وبإرادة العاطفيّين أو السطحيّين من أهلها الّذين لا يدقّقون ولا يستخدمون العقل في حكمهم على الأشياء ...
قبل انقطاع الإنترنت بشهور قليلة وفي مؤتمر صحفي في وزارة الخارجية، قال شخص ديبلوماسي شاب يعمل كناطق في الوزارة السمه جهاد مقدسي ما يلي:
ان أي سلاح كيماوي أو جرثومي لن يتم استخدامه أبداً في الأحداث السورية، وهذه الأسلحة مخزنة ومؤمنة من قبل الجيش السوري ولن تستخدم إلا إذا تعرضت سوريا لعدوان خارجي" ...
هكذا تطوّعاً وبلا مناسبة ... وقبل هذا التصريح، لم يكن هناك أيّ حديث في الإعلام أو في أروقة السياسيّة أي حديث عن السلاح الكيميائي في سوريّة ...
وبعد التصريح للشّاب المتقن للحديث، لم تبق محطّة ولا سياسيّ إلّا وبدأ بتحدّث عن السلاح الكيميائي السّوري ...
وبدأ الرعب ينتشر ...
فجأةً (وهذه معلومة أعلمها مباشرةً وليست تحليلاً)، تأتي الأوامر إلى المسلّحين في دوما بوضع مفخّخات في غرفة تفتيش للكابل الضّوئي الرئيسي ...
وعند عجزهم عن تفجير تلك العبوات نتيجة مقاومة الجيش لهم، قاموا بإطلاق النار عن بعد على تلك المفخخات وفجّروها ...
وانقطعت الإنترنت وأغلب الاتصالات الدّوليّة عن سوريّة ...
وبدأت محطات العربية والجزيرة تعرض الخبر العالج تلو الآخر ...
النظام يقطع الاتصالات والإنترنت عن سوريّة ...
سوريّة معزولة عن العالم ...
والمحلّلون على تلك الفضائيّات:النظام سيقوم بإبادة جماعيّة ...سيباد السّوريّون ...
اتهمت الولايات المتحدة الخميس النظام السوري بقطع شبكات الاتصالات في البلاد، وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية فكتوريا نولاند إن "الإدارة الأميركية علمت من أفراد من المعارضة أن شبكات الهواتف الثابتة والمحمولة والانترنت قطعت في كل أنحاء البلاد".
وصرحت نولاند بأن "من دون شك أننا نندد بهذا الانتهاك لحريات التعبير ووسائل اتصال الشعب السوري والذي يظهر إلى أي مستوى وصل النظام الذي لا يزال متمسكا بالسلطة بأي ثمن".
هكذا قالوا ...السوريّون في الخارج عاشوا ذعراً وخوفاً على بلدهم وأهلهم ...
وبدأت الشعارات:من تورونتو هنا دمشق ...
من الرياض هنا دمشق ...
سوريّا تباد ...
ذهب فنيّوا المؤسسة العامة للاتصالات لمد مسار بديل عن الّذي فجّره المسلحون ووصل الكابل في المسار الجديد ...
وذهب معهم المدير العام لدعمهم لأنّهم كانوا يتعرّضون للنار والقصف والقنص وقد أصيب أحدهم بجروح بالغة وأطلق الرصاص على سيارة المدير العام ...
وأعادوا الاتصال بعد 48 ساعة وهو أكثر من رقم قياسي ...
لكنّ الصّورة في الإعلام أصبحت جاهزة، فمنذ تصريح الديبلوماسي الشأب الذي بدأ فيه اللعبة ضد بلدنا به ببراءةٍ أو غير براءة فهذا علمه عند ربي، وبعد الانقطاع وما رافقه من ذعر وتهويل لم يعد يبقى في الإعلام إلّا الكيميائي ...
وفجأةً نسمع بحادثة كيميائي في الغوطة ... وتقوم الدّنيا ولا تقعد ...
وتهدّد سوريّة بضربة كبرى ...
وتنتهي القصّة بتجريد سوريّة من مخزونها من السلاح الكيميائي ...
إن محبّة هذا للسلطة الحاكمة وكره ذاك هو آخر اهتمامات وأولويات السّوريّين ...
ومسلسل باب الحارة هو أقلّ الأخطار الّتي يواجهها تاريخ سوريّة وحاضرها ...
طالما أنّ هناك من يبني مواقفه على لعبة إعلاميّة واضحة وضوح الشّمس ويكذّب الحقائق على الأرض متأثّراً بالإعلام ...
وطالما هناك من يصدّق حاقداً يتجنّى على تاريخنا بكلمة ...
وشخص يسرق مقالاً بعد حذف اسم صاحبه ليأخذ المديح ...
وشخص أقسم يميناً قانونيّة ثلاثة مرّات: مرة كمحافظ ومرّة كوزير ومرّة كرئيس للوزراء يهرب من بلده لأنه فجأةً وبعد خدمة عشرات السنين يكتشف أنّ نظامه ديكتاتوري مجرم ...
ويبدأ بتعلّم لبس البدلات والكرافات ويعيش على حساب الدّول الغريبة ...
فهناك مشكلة كبرى ...
كلّ الشّعب السّوريّ ضد القتل والدّمار والفساد والسّرقة وغيرها وغيرها ...
هل قدّم كل أولئك الّذين يقبضون من الغريب لكي يعملوا كسياسيّين وطنيّين معارضين شيءاً واحداً أفضل من النّظام (العفن) في أيّة منطقةٍ في سوريّة ...
مهما كانت مشاكل النّظام قبل عام 2011 والتي يعرفها وشارك فيها كلّ من ينبحون اليوم ...
فإنّ ما حدث ويحدث في كلّ يوم هو أسوأ بمليون مرّة ...
لقد آن لشعب يعدّ أعرق شعوب العالم، أن ينسى وسائل الإعلام وينسى مشاعره الخاصّة وميوله وأهواءه ...
ويهتمّ ببلده التي عاشت سبع سنوات من صراع البقاء ...
سوريّة تعيش الآن آخر فصول تلك الحرب القذرة المبنيّة على الكذب وتدمير الذّات والتاريخ والحجر والبشر ...
وسيكتب التّاريخ قريباً أنّ سوريّة عي البلد الوحيد الّذي أبطل سايكس بيكو الجديدة...
وأنّ جيش البلاد شرفها ...
وأنّها وحدها لا تنحني الشّام ...