بداية القابضة

رئيس التحرير : عبد الفتاح العوض

رئيس مجلس الإدارة : د. صباح هاشم

من نحن اتصل بنا
أجنحة الشام

سامي المبيض يدافع عن ماسونيي دمشق: ليسوا عملاء للغرب 11 رئيس وزراء ماسونيون.. و ثلاث وزراء خارجية و رئيسا دولة

الأربعاء 19-12-2018 - نشر 6 سنة - 1462 قراءة

غيور على دمشق، مشتغل بتاريخها، شغوف بالحفاظ عليها، بنى في زمن قياسي علاقات وطيدة معشخصيات سورية وطنية قوامها الثقة، فأخذ منهم، وروى عنهم، هنّأَته (وهو ابنالعشرين) على أول إصداراته: «سورية والانتداب الفرنسي» الأديبة (كوليت الخوري)،والصحفي البريطاني (باتريك سيل)، كتابه: «تحت الرايات السود» الصادر بالإنكليزيةترجم لليابانية والإسبانية والإيطالية، تضعه قاعدة البيانات «سكوبس» في المرتبةالعاشرة بين السوريين المأخوذ عنهم والمقتبس منهم، مقابل تجميد «وزارة التعليمالعالي»، تعديل شهادة الدكتوراة لتعثر إبرازه شهادة الإعدادي، يكتب بجرأة في قضاياوملفات جدلية، غير عابئ بما يطاله من تهم وشائعات، يحنّ لتجربته في التدريسالأكاديمي، لم يجد نفسه في الإعلام برغم إنجازاته، اعتزل التحليل السياسي لكثرةالمدعين، أخيراً قرر أن يعتمر قبعة المؤرخ. زارته «الأيام» في مكتبه (شارع الورد/حي سوق ساروجة)، حاورته في جلسات متباعدة، لتنشر ما تتسع له المساحة المخصصة. على الرغم من اطمئناني التاريخي، انتابني شعور خلال الأزمة أننا على وشك أن نخسر دمشق، فتحولت باتجاهها، في حين كان توجهي للشأن السوري عموماً، أول ما فكرت به إنشاء صفحة (وشوشات شامي عتيق)، تاريخ شفهي يروى عن كبار السن، عادات المدينة، ذكريات السلف، تعابير، قصص، روايات، مفاهيم بدأت تتلاشى، وبحكم شغفي ومهنتي أمضيت أوقاتاً طويلة مع كبار السن من وزراء، نواب رؤساء، وفاعلين بالشأن الدمشقي، أخذت عنهم مخزونا كبيرا جداً، وهو ما أحاول البوح عنه في (وشوشات). طموحي ترتيب أرشيف مدينة دمشق، أما هاجسي فهو ترتيب المدينة ككل، شتان بين الأمس واليوم، تشويه بصري، هندسي، قائمة المخالفات تفقأ العين، وفي ازدياد، السير تحول لمهمة شاقة، بعدما كان من أجمل خصائص المدينة، عندما منحتها الأمم المتحدة عام 1956 لقب «عاصمة الأناقة»، إلى جانب فيينا، باريس، وروما. ألم يحن الوقت لاستعادة منصب «أمين دمشق»؟ مهمته الحفاظ على شكل المدينة وهويتها، من دون الدخول في الأمور الأمنية، وقضايا الصرف، والتعيين والترفيع والتسريح. ألم يحن الوقت لإنشاء «مجلس أمناء دمشق»؟ سلطة رقابية غير قابلة للطعن.   سورية مقبرةالتحليل السياسي.. أستشهد بحادثة للراحل (عبد اللطيف فتحي) في حرب 1967، قيل له: أيعقل أن تقدّم كوميديا في ظل الحرب! لماذا لا تقدم عملاً هادفاً عن الجولان، القدس، بندقية المقاتل، فأجاب: «أنا مهرّج، ومن أفضل المهرجين في البلد، لا تطلبوا مني الدخول في كار لا أفهم فيه». مشكلتنا: الجميع يريد العمل بالسياسة، التاجر، الشيخ، الكاتب، لا أقصي من هو مهيأ ومسلح بالمعلومات والوعي والمعرفة، لكن فوق طاقتي احتمال ادعاءات الدخلاء ودجلهم. لو عمل كل في مهنته لكنّا خففنا من وطأة الحرب. افتقرنا للحصافة خلال الأزمة، والعمل ضمن الاختصاص، أتعجب من أصحاب المبادرات، الأحزاب، المنصّات، ومرجعياتهم المعرفية. يسجل للأزمة أنّها عرّت الكثير منهم.   النائب العامل لبرجوازية الدمشقية… تهمة ألصقها بي كلاسيكيون لم يحبوا كتاباتي، ويساريون لم يتفهموا طروحاتي، فاتهموني بالبرجوازية والنخبوية، أما الباحثون عن رواية مقنعة (تحاكي العقل قبل كل شيء) قدّروا نتاجي. الكلاسيكيون لا يحبون ثورية الطرح، (يحبون القصص الوردية فقط)، واليساريون (الثوريون) يرون أني أغالي في تمجيد البرجوازية الدمشقية. التعويل ليس على الطبقة البرجوازية (ليش بقي طبقة برجوازية)، دمشق لا تُختصر بطبقة، ما يراهن عليه في دمشق علماؤها وتجّارها، البرجوازية تأتي وتذهب، ليست عاملاً ثابتاً في المدينة، العامل الثابت في دمشق: تجارها وعلماؤها (الأسر الدينية). من العائلات الدينية العريقة التي حكمت عبر قرون: (الغزي)، عائلة علماء قبل دخول العثمانيين بمائة سنة، واستمروا خلال حكم العثمانيين 4 قرون، وتصدّرت الساحة السياسية والاجتماعية لمنتصف القرن العشرين. تلك العائلات تشكل ثقلاً حقيقياً، أما العائلات البرجوازية، يأتي ظرف سياسي، يتصدروا المشهد أو يُنحّوا جانباً، ليسوا الأساس؛ بل العلماء والتجّار هم القادرون على بسط نفوذهم من خلال المعرفة والمال. أغلب الأسر العريقة في دمشق أسر مهاجرة، بعضها أتى بحثاً عن العلم، المأوى، الرزق قبل (100، 200، 1500 سنة)، استقروا فيها وطاب لهم المقام فـ (تدمشقوا)، وإلا لماذا بعض أضرحة الصحابة هنا (بلال الحبشي، نساء الرسول)، وكيف انتقلت الخلافة لدمشق.   «المحفل الماسوني الدمشقي»… لم يرتبط بحكومة عالمية في الظل، ولا بالمشروع الصهيوني، كل ما كتب عن الماسونية كتب بأدلجة فظيعة، لا أبرئ الماسونية حكماً، لكن الشق الدمشقي أبسط من ذلك بكثير، لا تعدو كونها موضة، فتحت شبكة من العلاقات الاجتماعية والتجارية المهمة، ولو كان ثمة انتماء لشبكة حكومية عالمية في الظل لما طالت أعضاؤه تلك النهاية المأساوية (تأميم، إفلاس، مصادرة، نفي، قتل إعدام). وعليه جاء كتابي (الماسونية الدمشقية): محاولة لإنصاف شخصيات سورية عرفت بوطنيتها، (عبد الرحمن الشهبندر، فارس الخوري، جميل مردم بك، رضا سعيد، فخري البارودي، أنطون سعادة، لطفي الحفار، عطا الأيوبي، وغيرهم كثر). جميع المحافل مرخصة، كأي جمعية أو حزب، معظم الآباء المؤسسين للدولة السورية دخلوا الماسونية، (11 رئيس وزارة، و3 وزراء خارجية، ورئيسا دولة بالحد الأدنى). أمام الوثائق، والأوراق الرسمية لا يجوز الحكم على الماسونية الدمشقية بأحكام جائرة، جاءت فيما بعد من اليسار والتيار الديني، خاصة بعد احتلال فلسطين وربط الصهيونية العالمية بالماسونية. ويبقى السؤال: هل كانت الماسونية حقاً حصان طروادة للصهيونية العالمية؟ وهل كان ماسون دمشق يسعون حقاً لحكم العالم؟ رغم أنهم لم يفلحوا حتى في حكم مدينتهم طويلاً، سجلهم في دمشق يشير إلى إنجازات علمية ومجتمعية (كلية الطب، جمعية المواساة الخيرية، الهلال الأحمر، مشروع عين الفيجة)، وليس لهم أي إنجاز سياسي يذكر سوى أن الماسونيين كانوا الآباء المؤسسين للجمهورية السورية وصناع استقلالها عن الانتداب الفرنسي، لذا لا نستطيع القول إنهم كانوا عملاء للغرب.   كتاب تاريخ دمشق المنسي… أربع دراسات (تناولت فيها مراحل منسية من مدينة دمشق)، تاريخية في زمانها وأحداثها، ذات صلة مباشرة بما يحدث اليوم في سورية. المنسية الأولى: «حكومة الأمير سعيد الجزائري»، قصة الأسبوع الفاصل بين خروج العثمانيين ودخول الجيوش العربية والإنكليز مدينة دمشق، نهاية الحرب العالمية الأولى. كل الدراسات تجاوزت هذا الأسبوع المصيري أو اختصرته ببضع جمل، مسقطةً عن الدمشقيين شرف إنقاذ مدينتهم من الخراب والفوضى. لو نجحت التجربة ولم يأتِ الحكم الهاشمي (الملك فيصل) لتغيرت الأحداث في الشرق الأوسط، لكنها أُجهضت بقرار بريطاني. المنسية الثانية: «التجربة الفيدرالية في سورية»، إذ جمع (الاتحاد السوري الفيدرالي): بين دولة دمشق، دولة حلب، ودولة جبال العلويين، محاولة فرنسية لتجزئة المجزأ من سورية الكبرى، ولنقل العاصمة من دمشق إلى حلب، تجربة فشلت، لأنها فرضت على السوريين من دون استبيان للرأي، ومن دون مراعاة لتركيبة المجتمع، استمرت 18 شهراً فقط، أسقطها السوريون أنفسهم. المنسية الثالثة: «جامعة في دمشق»، بداية القرن العشرين، افتتحت كلية الطب، كنواة لتأسيس الجامعة السورية برئاسة د.رضا سعيد، الحدث الأبرز الذي نقل البلد من مكان لآخر (سواء عند خروج الأتراك، أو خروج الفرنسيين)، أسست جيلاً متعلماً، منفتحاً، رافضا لمشاريع الغرب الاستعمارية. المنسية الرابعة: «جمهورية الرئيس محمد علي العابد»، أول رئيس سوري منتخب، الأب الفعلي والمؤسس للجمهورية السورية، (ولو أنها أيام الاحتلال الفرنسي)، فريدة بأحداثها، هُمّشت في كتب التاريخ، من الوطنيين، والبعثيين، والقوميين العرب الذين أعادوا كتابة تاريخ سورية الحديث من وجهة نظرهم، بعد توليهم الحكم.   «مذابح دمشق وإعداماتها» المذبحة التي حدثت في جبل لبنان صيف 1860، انتقلت لدمشق، غيّرت وجه المدينة على عدة أصعدة: خلقت حالة خلل مسيحية إسلامية، عزل طبقة من الأعيان لإخفاقهم في حماية المسيحيين أو لمشاركتهم بما حدث، تظهير طبقة جديدة بقيت حاكمة لمدة 100 عام، تغيير الشكل العمراني، بسببها تطورت الكنائس وظهرت المدارس التبشيرية، التي خرّجت جيلاً من الشخصيات المسيحية المسؤولة عن النهضة في هذه البلاد: (بطرس البستاني، أنطون سعادة، فارس الخوري، ماري عجمي، جبران خليل جبران)، كل أدباء ومفكّري نهايات القرن التاسع عشر، ومطلع القرن العشرين، قاطعها معظم المسلمين باعتبارها محاولات غربية لاختراق مجتمعاتهم. كتابي الجديد يتناول هذا الحدث، باعتباره حدثاً مفصلياً غيّر وجه المدينة، وما يحدث اليوم ناتج عن عدم وعي حادثة 1860، والتعامل معها بكثير من الخجل والتستر، باعتبارها تؤثر على الوحدة الوطنية، لم يكتب عن الشق الدمشقي بما يليق وبحجم الفاجعة التي حدثت، كان حدث دمشق ملحقاً بأحداث جبل لبنان، علماً أن حدث دمشق مهم جداً ومفصلي، وفيه الكثير من اللغط والتدخلات، ثمة من يحمّل اللوم للعثمانيين، والبعض للدول الأوربية، وآخرون للمجتمع، والحقيقة أنها أرض خصبة للفتن، تشتعل بشرارة، فكما في 1860، كذلك في 2011.   لا تحاربوا التطرف بالعلمانية… لعدم نجاعة ذلك، بل كافحوا الدين المشوّه الراديكالي بدين معتدل يشبه أبناء المدينة، «داعش» لم تستطع اختراق دمشق، وبغداد بسبب الإرث الصوفي الموجود في المدينتين، مثالي ابن تيمية، وابن عربي، ولو أتيح لمشايخ الصوفية قيادة المجتمع لعمّت حالة أكثر تسامحاً ومحبة وقرباً من الله، مقارنة بالحالة الراديكالية الموجودة اليوم. لا أرى العلمانية حلاً، لا تشبه مجتمعاتنا، تبقى حلاً مستورداً، الحل في الإسلام الصوفي، دمشق نبذت ابن تيمية، عزلته وسجنته، في الوقت الذي استقبلت ابن عربي وبنت له مقاماً ومزاراً. ابن تيمية لقي رواجاً في الصحراء، أفكاره قاسية، أما ابن عربي فمرن يشبه المدينة بانفتاحها، لذلك دمشق وبغداد عصيّة على فكر «داعش»، لكونهما منبع الصوفية. الصهيونية تخطط منذ أكثر من قرن، ونحن أمة لا تقرأ، حاولتُ عبر كتاباتي نزع معطف الإسلام عن «داعش»، سرقوا الإسلام وشوهوه، ومن قبلهم «القاعدة»، ندان بأنّا سمحنا للبغدادي، وابن لادن التكلم باسم الإسلام، الإعلام الغربي كرّس الربط بين البغدادي والخلافة الإسلامية، التي توقفت عند العثمانيين، مشروع خبيث، أزعم أن له فصولا، لم تنته بعد.   لماذا لم تكتب عن حلب؟ سؤال لطالما طرح علي، وأجيب ببساطة ليست مهمتي الحديث عن حلب، لحلب مؤرخوها وأهلها المختصون بها، واحدة من الاتهامات الموجهة لي أنني أكتب عن دمشق فقط، وردّي أنني: أكتب في الجانب الذي لي علم به وخبرة، لا يمكنني التطاول على تاريخ مدن لها تاريخها وماضيها وناسها وقاماتها القادرة على الكتابة عنها. لا أفهم مصدر هذه الحالة الشعبوية: (الكتابة عن الجميع)، «العجيلي» قضى عمره يكتب فقط عن الفرات، و»حنا مينه» لم يكتب إلا عن البحر والبيئة التي عاشها، لم يكتب عن البرجوازية الدمشقية مثلاً، المنطقي والعلمي أن تكتب عما تعرف. بعد الحرب العالمية الثانية جوزيف ستالين منح لقباً فخرياً لـ 12 مدينة سوفيتية عانت الأمرين كخراب وعدد قتلى في الحرب العالمية الثانية. إذا أردنا تطبيق الفكرة في سورية، الكل ضحّى، وعانى، لكن «حلب»: هي المدينة البطلة. أغار (بالمعنى الإيجابي) من حلب، من جمالها وعراقتها، وللأمانة يقوم أهالي حلب بعمل جبار للحفاظ على تراثهم، تعافي المدينة القديمة، ليتنا نتعلم منهم.   «الصراع على دمشق»… إصداري الذي آمل أن يكون جاهزاً مع نهاية 2019، بدأت بجمع الأفكار نتيجة الجدل مؤخراً حول وزارة الأوقاف وصلاحياتها، في محاولة لتقديم نظرة تاريخية للصراع الدائر نهاية العهد العثماني، بين التقدميين (العلمانيين)، والمحافظين، والذي استمر لسنوات متقدمة من القرن العشرين حول العديد من القضايا، (حقوق المرأة، لباس الرجل والمرأة، العمارة، السياسة).   أضحك من نفسي… كان لدي طموح سياسي، عندما بدأت دراستي الجامعية (عنفوان الشباب)، شعورك أنك قادر على تغيير العالم من حولك. بشكل عام، دارسي العلوم السياسية في مطلع حياتهم المهنية يراودهم طموح سياسي ما، لكنهم ومع التقادم يتخلون عن هذا الطموح. حتى عام ٢٠١١ كان لدي طموح سياسي، (وزير، سفير) لكنه اليوم تبخّر. كل من اشتغل في المهن الإبداعية وعرّج على منصب حكومي إداري فشل وندم. لذلك عدت لألبس قبعة المؤرخ، وطموحي اليوم: مؤسسة تاريخ دمشق، الاستمرار في الكتابة والتأليف، والعودة للتدريس، والبقاء مستقلاً.   بطاقة… مؤرخ، صحفي، محلل سياسي، ورئيس مجلس أمناء مؤسسة تاريخ دمشق، مواليد 1978، إجازة في العلوم السياسية (الجامعة الأميركية/ بيروت)، دكتوراه في سياسة الشرق الأوسط (جامعة إكستر/ إنكلترا)، أستاذ محاضر، وباحث في مراكز دراسات عدة… كتب لدوريات ومواقع عدة: (ديلي ستار، واشنطن ريبورت، جولف نيوز، الأهرام، الحياة، آسيا تايمز، واشنطن بوست، هافينغتون بوست، السفير، الصياد، الدراسات السورية، المشرق)، ورأس تحرير (فورورد). حاور شخصيات إقليمية ودولية عدة: (جيمي كارتر، إلياس الهراوي، إياد علاوي، باولو كويلو، جيمي ويلز، وزير خارجية فرنسا، رئيسة فنلندا، والهند). أصدر بين العربية والإنكليزية: (سورية والانتداب الفرنسي، دمشق بين الديمقراطية والدكتاتورية، فولاذ وحرير، العلاقات السورية الأمريكية، تحت الرايات السود، تاريخ دمشق المنسي، الرسائل المفقودة، شرق الجامع الأموي، غرب كنيس دمشق).   ملهم الصالح – الأيام


أخبار ذات صلة

رغم انخفاضه الجزئي مازال مرتفعاً…

رغم انخفاضه الجزئي مازال مرتفعاً…

رئيس جمعية الصاغة بدمشق :طلبٌ على الليرات الذهبية نتيجة المفهوم الخاطئ حول رخص صياغتها