صاحبة الجلالة - فهد كنجو:

بين التشكيك والاتهام المبطن وسحب الصلاحيات أمطر وزير السياحة بشر يازجي بوابل من الكتب والقرارات مكتب مدير عام الشركة السورية للنقل والسياحة ناصر قيدبان، الشركة التي تتبع لوزارة السياحة و يشغل الوزير صفة مدير مجلس إدارتها، تملك الوزارة النسبة الأعلى من أسهمها.

"صاحبة الجلالة" حصلت على نسخ لـ 14 قراراً معظمها تشي بأن ثمة رائحة مخالفات وتجاوزات تحدث في أغلب مفاصل عمل الشركة، وخاصة ما يتعلق بملفي "السياحة الدينية"، ومنتجع بلوبي طرطوس، طبعاً إلا إذا كانت في سياق المناكفات بين الوزير والمدير العام، وهذا ما لا نعتقده.

قرارات تشكك بعائدات السياحة الدينية:

و كان آخر ما حرره وزير السياحة تجاه "الشركة" فيما يتعلق بالسياحة الدينية الكتاب رقم 132 بتاريخ 9/5/2017 طلب فيه الوزير موافاته ببيانات تفصيلية تتضمـن المبالغ التـي اسـتوفتها الشـركة حتى تاريخه للأعوام 2015 ـ 2016 ـ 2017 – فيمـا يتعلق بنشاط السياحة الدينية، وهنا يبدو الكتاب بمثابة تشكيك في الأرقام المتداولة بهذا الخصوص على الأقل تلك التي من المفترض أنها عرضت في جلسات مجلس الإدارة، وما يؤكد فرضية "الشك" هو أنه سبق هذا الكتاب بخمسة أيام قرار تشكيل لجنة مؤلفة من السادة (طارق كريشـاتي مدير سياحة ريف دمشق ــ أسـامة عاصي محامي من القطاع الخاص متعاقد مع الوزراة بصفة مستشار- وتمام الوكيل هو الآخر من القطاع الخاص)، مهمة هذه اللجنة وفق القرار رقم 851 تاريخ 4/5/2017 تدقيق الحجوزات لأعداد الليالي الفندقية المنفذة مـن قبل الشركة والمطابقة المالية على ضوء الاتفاق مع فندق إيبلا، وتدقيق الإجراءات المتخذة من قبـل الشـركة حيـال الشكاوى المتعلقة بالسـياحة الدينيـة، فهل كان الكتاب على خلفية ما كشفته اللجنة؟ أم أن الشركة لم تتعاون معها مما اضطر الوزير للتدخل مباشرةً فلا يمكن للجنة بخمسة أيام أن تنجز المسألة طالما أنها لا تملك البيانات التفصيلية التي طلبها الوزير في الكتاب المذكور.

بنفس السياق كان أصدر الوزير "يازجي" بتاريخ 23/4/2017 قراراً رقمه 767 وقضى بتكليـف المستشار أسـامة عاصي بتدقيـق الحجـوزات وأعداد الليالي السياحية الدينية المنفذة من قبل فندق إيبلا لعــام 2016 مــع قيودها فــي مديريـة سياحة ريـف دمشق والشركة.

المفارقة أن القرارات الثلاثة المذكور والتي تشكك في الأرقام المعلنة من الشركة حول ما حققته في مجال السياحة الدينية، كانت صدرت بالتوازي مع تصاعد وتيرة الجدل بشأن حصر ملف السياحة الدينية بيد الشركة السورية للنقل والسياحة على اعتبار أنها الأكثر جهوزية وانضباطاً مقارنة مع المكاتب الخاصة، ولكن القرارات تلك تقول خلاف ذلك وتكشف أن الذين اشتغلوا (الوزارة والشركة) على "الحصرية"  ليسوا مستعدين أو على الأقل تجتاحهم حالة من انعدام الثقة فيما بينهم، حالة تصاعدت وتيرتها نهاية العام 2016 مع إصدار الوزير "اليازجي" للقرار رقم 2631 القاضي بتكليف "تمام الوكيـل" بمهام تدقيق الشؤون المالية والتأكـد مـن صحـة وسلامة إجراءات الصرفيات والإيرادات من كافة النواحي القانونية والشكلية وتدقيق  كافة السجلات والوثائق المتعلقة بذلك في كل من الشركة السورية للنقل والسياحة وفندق إيبلا.

وأخرى تتوقع تجاوزات في منتجع بلو بي:

إلى ذلك نال منتج "بلو بي" الذي تستثمره وتديره "السورية للسياحة" كتابين على الأقل من جملة تلك القرارات والكتب، آخرهما كتاب يطلب فيه الوزير من "الشركة" بيان العقود مع الغير سواء أكانت إشغالاً أم استثماراً جزئياً فـي منتجـع بلو بي ـ طرطوس مع إرفاق نسخ عن كل منها خلال مدة أقصاها ثلاثة أيام ، الكتاب صدر بتاريخ 9/5/2017 ورقمه 131.

وكان سبقه بنحو شهر كتاب آخر ورقمه 103 يطلب فيه الوزير موافاته بالكشـوف الماليـة وكافـة الوثائـق وأوامر الصرف  المتعلقة بالمتعهد بشار ميرزا وتقرير تفصيلي عن مقدار السلف المدفوعـة من الشركة إلى المتعهد هشام البطرني والإجراءات المتخذة مـن قبل الشركة حيال هذا الموضوع ، وتقرير تفصيلي يبين أسباب عدم تسديد مستحقات المتعـهد "ميرزا" إن وجدت على أن يصل الرد خلال 48 ساعة من تاريخ 13/4/2017 وهو تاريخ تصدير الكتاب (هل وصل الرد ؟)

طبعاً الكتابين المذكورين، تزامنا مع ما تردد من خلافات بين مدير عام الشركة "قيدبان" ووزير السياحة، بشأن رغبة الوزير منح استثمار منتجع بلو بي لصالح إحدى شركات القطاع الخاص، فهل كان عملية فضح محاولات الاستثمار "القسرية" للمنتجع على ما وصفته إحدى التقارير الصحفية وتسريبه إلى وسائل الإعلام رداً على الكتابين المذكورين؟ أم العكس؟، لا سيما أن قراراً آخر أصدره وزير السياحة مؤرخ في 27/4/2017 ورقمه 852 لكنه مسجل في البريد الوارد لديوان الشركة بتاريخ 4/5 أي بعد النشر وافتضاح أمر الاستثمار، القرار كان قضى بتشكيل لجنة مؤلفة من (وليد جوجـة من الوزارة وأسـامة عاصي وتمام الوكيـل قطاع خاص)، مهمتها تدقيــق الحسـابات والأوراق الماليـة الواردة فــي  تقريــر الميزانيـة الختامية لعام 2016 بما يشمل مختلف نشاطات الشركة والمرفوعة من قبل مدير عام الشركة السورية للنقل والسياحة، وعليه يكون قرار تشكيل هذه اللجنة سابقاً للكتاب رقم 131 المذكور آنفاً، وبالتوازي مع كتاب وزير السياحة رقم 120 الذي يطلب فيه من المدير العام عدم إبرام أو إلغاء أي عقد أو صك اتفاق أو محضر تسوية أو توكيل يتضمن ربط الشركة بالتزامات مالية أو حقوقيـة مــع الغير أو تسوية أو إبـراء لأيـة التزامات مالية أو حقوقية للشركة تجاه الغير سابقة أو لاحقة إلا بعد الحصـول على موافقة مجلس الإدارة.

وأخرى:

طبعاً لم تحرج باقي القرارات والكتب عن سياق التشكيك بالآليات المتبعة في عمل الشركة وخاصة الجانب المالي منها، حيث يطلب الوزير في كتابه رقم 343 من الشركة تزويده بجدول مفصل عن المكافآت التي تم صرفها من قبل المدير العام من موازنة الشركة على أن يتضمن الجدول اسم الموظف أو الشخص الذي تلقى المكافأة ومقدارها مع بيان سبب صرف المكافأة، وفي كتاب آخر يطلب جدول تفصيلي يتضمن كافة أسماء الموظفين والعمال وكل من يقدم خدمات مأجورة للشركة أو الذين سبق لهم أن عملوا لدى الشركة بكافة فروعها ونشاطاتها أياً كانت صفة عقودهم، الكتابين يعودان إلى الربع الأخير من العام الفائت، فهل اكتشف الوزير من خلالهما تجاوزات في هذه الجوانب ما استدعى إصداره بعد نحو شهر من تاريخهما أربعة قرارات بنفس اليوم تحد من صلاحيات المدير العام، إذا كان ذلك فعلاً لماذا لم يقترح كرئيس مجلس لإدارة الشركة إقالة المدير العام، وعدم الاستمرار في مزيد من الكتب والقرارات التي يفوح منها انعدام الثقة وغياب الرضا والتشكيك ؟ّ!،

لا سيما أن معلومات وصلتنا تؤكد أن المدير العام اشتكى إلى رئيس مجلس الوزراء يشرح فيها تدخلات وزير السياحة بالشركة ربما نشهد قريباً، دخول رئيس الحكومة متمثلا ربما بالأجهزة الرقابية لفض "الاشتباك السياحي" القائم بين الطرفين، حتى لا تلقى الشركة السورية للنقل والسياحة مصير "الكرنك".