باحث سوري : زواج المسلمة من المسيحي مباح
صاحبة الجلالة _ لمى خير الله
تناول محمد وليد فليون الباحث في حوار الأديان وفقه المرأة موضوع تحريم زواج المسلمة بمسيحي معتمداً على فكرة أن ثوابت الشريعة لا تتغير إنما الفروع والأحكام ، والقاعدة الفقهية الأصولية المتفق عليها تقول " لا ينكر تغير الأحكام بتغير الزمان" .. وفي ثوابت الشريعة ما من ثابت إلا أتى عليه القرآن بتفصيل لا يحتاج مزيداً عليه ، ومن بين هذه الثوابت علاقة المسلم بغيره من الناس سواء المسلمين أو غيرهم وتتنوع هذه العلاقة بين اقتصادية سياسية دينية أو اجتماعية .
ويروي فليون لصاحبة الجلالة اعتبار الزواج كفرع من فروع العلاقات الاجتماعية مع الناس ، كاشفاً أن القاعدة الشرعية المتفق عليها "الأصل في الأشياء الإباحة مالم يرد دليل بالتحريم" ومن هذه الأشياء التي نظمتها الشريعة الاسلامية مسألة الزواج سواء المسلم بالمسلمة أو المسلم بغير المسلمة أو المسلمة بغير المسلم .
وأكد الباحث في حوار الأديان بأن الزواج ليس صفقة أو غريزة بل مؤسسة تبني عليها المجتمعات كياناتها ، بحيث لا يمكن النظر الى مجتمع متماسك أسره متفككة لذلك يبقى الزواج من بين العقود التي أولتها الشريعة الإسلامية اهتماماً متزايداً عن سواها .
ويقول فليون : ما يؤلم أن يعيش كثير من المتدينين حالة من الفوقية وكذلك الشك والريبة بين المؤمنين ولربما تصل الحال الى الاتهام بالكفر ، ومن هنا أقول ما قاله يوحنا المعمدان يوماً "أنا صوت صارخ في البرية ، أعدوا طريق الرب واصنعوا سبله مستقيمة" .
وفي ضوء أن لله يبعث في الشريعة الاسلامية كل 100 سنة من يجدد لهذه الأمة أمر دينها والتجديد المقصود هنا ليس في الثوابت ، انما في الفروع والأحكام الفقهية ، تبقى قضية الزواج بين أبناء الأديان محكومة أغلبها بالفوقية!! فالمشكلة موجودة بين الطرفين سواء لدى المسلمين أو إخواننا المسيحيين ، والدليل وجود بعض الكنائس المسيحية التي تحرم بالمطلق وأخرى لا تحبذ ارتباط المؤمنة المسيحية بغيرها من المؤمنين من أبناء الأديان .
ويبين فليون أن الكنائس اعتمدت في تحريم الزواج بغير الأديان على ما جاء في رسالة بولس الرسول الثانية إلى أهل كورنثوس الاصحاح الرابع عشر "لا تكونوا تحت نير مع غير المؤمنين لأنه أية خلطة للبر والاثم وأية شركة للنور مع الظلمة ، وأي اتفاق للمسيح مع بليعال_عديم الفائدة_ وأي نصيب للمؤمن مع غير المؤمن، وأية موافقة لهيكل الله مع الأوثان" .. والأوثان هنا هي كل من يعبد صنم أو يعبد غير الله ويشرك به وهذا ما حرمته كافة الأديان والشرائع والعقائد كاليهودية والمسيحية والاسلامية .
ويعتبر المسلمون الإخوة المسيحيين أنهم كفار ومشركين , وعلى مبدأ من فمك أدينك يذكر الباحث في علوم الأديان ان ما حصل مع السيد المسيح سلام الله عليه عندما أراد الشيطان ان يجرّبه بحسب الانجيل المقدس أنه عرض عليه السلطة المطلقة و تقديم كافة الاراضي بمجرد أن يسجد عليه السلام للشيطان سجدة واحدة ، فكان رد السيد المسيح "اذهب يا شيطان" فقد كتب: للرب الهك تسجد واياه وحده تعبد.
هذا كلام صريح وواضح لا يحتاج الى تأويل بأن اخواننا المسيحيين لا يعبدون يسوع عليه السلام أو الصنم ، بل لهم عقيدتهم ورؤيتهم في توحيد الله سبحانه وتعالى وعليه لايجوز تكفيرهم وان كان لنا موقف منها .
ويتابع فليون بالقول : "في الشريعة الاسلامية قاعدة تقول من يتزوج امرأة من غير دين تنجب منه أولاداً ، فإنهم يتبعون أشرف الأبوين ديناً !! وهنا تكون صيغة المفاضلة.. فمن أعطى الحق بأن يكون لطرف تشريف دين على دين ؟؟ ومن فوض نفسه مكان الله ؟؟ونحن لا نملك أن نحكم !!"
جميعنا في مسافة واحدة أمام الله إلا أن هذه الفوقية أنتجت مع الوقت القاعدة المتفق عليها عند المسلمين أنه لايجوز للمرأة المسلمة الزواج بمسيحي ، والاستناد تم على اتهام المسيحي بأنه كافر وهو ليس كذلك حسب ما تم تبيانه أعلاه ، وفي حال أردنا اتباع مقولة "الحق الكذاب لوراء الباب" بمعنى في حال اعتبار إخواننا المسيحيين مشركين فان القرآن الكريم اية تقول "لْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ " وبناء على نص القرآن الكريم فإن زواج المسلم من المسيحية جائز .. بحسب فليون
ويتعجب الباحث في علوم الأديان وفقه المرأة .. أنه كيف لآية "لَا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّىٰ يُؤْمِنَّ.. وَلَا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّىٰ يُؤْمِنُوا" ان تبيح الزواج من المرأة المسيحية التي يقال عنها أنها مشركة ؟؟ وكيف يتم التوفيق في هذه الحالة بين الآية القرآنية التي تمنع زواج المؤمن من المشرك ؟
وفي ضوء أن الأصل بالأشياء إباحة مالم يرد دليل بالتحريم.. لماذا لا يأتينا أحد من العلماء والفقهاء والشيوخ وخريجي كلية الشريعة بآية تحرم زواج المسلمة من مسيحي ؟ لكن لا يوجد في القرآن الكريم آية صريحة او ذات دلالة تشير الى تحريم زواج المسلمة من مسيحي .
غياب الجواب طبعاً مرتبط بالثوابت التي لا تتصل بالدين لا من قريب ولا من بعيد فاذا ما تم هدمها "كمسمار العجلة" ستنهار المنظومة الفقهية التي بنيت عليها الاحكام والفوقية .. فهذا السؤال نحن بانتظار اخوتنا في البشارة والدعوة والمساجد للاجابة بآية تصرح أو تلمح بوجوب التحريم ، عّلهم يكونوا كل الحل لا جزءاً من المشكلة ..بحسب وصفه
وكشف فليون أنه منذ أقل من سنة وخلال تشكيل الوزارة السورية الأخيرة التي تم تشكيلها ، أرسلت رسالة لوزير الاعلام رامز ترجمان تقول : " أن 500 متر تقريباً كفيلة في تبديد مخاوف 5 مليار مؤمن في العالم .
ففي الفضائيات السورية جميعها يتم نقل صلاة الجمعة من المسجد الأموي الذي لا يبعد عن أبعد كنيسة 500 متر ففي دمشق فقط يوجد 37 كنيسة ، اذا ما المانع بأن تتعاون وزارة الاعلام مع وزارة الأوقاف لنقل صلاة وقداس الأحد من كل أسبوع بالتنسيق مع الأخوة في الكاتدرائيات وبثها بشكل مباشر على اعتبارنا في بلد واحد ولهم مالنا وعليهم ما علينا !! الا ان الرسالة لم تصل .
ويبقى الأمل دائما موجود بأن يجلس كل من الاخوة رجال الدين سواء في الكنائس او الجوامع على حد سواء ، بغية الوقوف على دقائق الأمور ، فحتى داخل الدين الواحد لا تغيب المشاكل عن زواج المسلمين من بعضهم وكذلك الأمر بالنسبة للاخوان المسيحيين !! لماذا لا ننظف طريق الرب من الأوساخ ؟؟ واذا كانت قمامة المساجد هي مهر الحور العين فإن قمامة العقل أولى بتنظيفها ولها أجرها .
خاتماً بعبارة " لقد كتب على حبة القمح ان تدفن تحت التراب و ان تفنى من أجل ان تعطي سبع سنابل في كل سنبلة 100 حبة والله يضاعف لمن يشاء" .
وللوقوف على تفاصيل ما ارتآه فليون وأسنده بالدلائل حاولت صاحبة الجلالة التواصل مع مفتي دمشق وريفها عدنان أفيوني الذي وعد بالرد ..لكن لم نحصل عليه ، فيما لم يجب الدكتور عبد السلام راجح على هاتفه ولم نتلق رداً على رسالتنا ، وكذلك الأمر بالنسبة لمدير أوقاف دمشق سامي القباني .. ما يطرح تساؤلات كثيرة حول حقيقة ما أورده الباحث فليون بهذا الموضوع الحساس .
وصاحبة الجلالة إذ تنشر هذا فهي لا تتبنى أي منه وإنما تطرحه كقضية رأي عام تتطلب تسليط الضوء عليها وإيضاحها من قبل المعنيين والمختصين بهذا الأمر بغية ان تكون الصورة واضحة امام الناس.