فوق طاولة المصلحين ؟؟الضمير الفاسد أم ناموس الوطن ؟؟؟
صاحبة الجلالة _ رشا الصالح
يقول كانط في نقده لإيديولوجية العقل والفكر الأخلاقي والعملي الذي هو المحرك الرئيسي لمسيرة الفرد وشخصيته :( الأخلاق في قلب الإنسان ) نعم الأخلاق التي هي القاعدة الثابتة في بناء الأنسنة الفاعلة والداعمة لبناء الأوطان والإنسان والمناصرة لإشعاعات روحها التي تشرق من شمس قلب ذاكرتها الأخلاقية والتي تدعى ( الناموس ) ، ذاك الناموس الحي الذي يشكل الجوهرة اللامعة في تلك الروح ، والمتن الثابت في تكوين وصاياه، والإشارة النابضة لاستمرار الحيوات وتعاقب الأجيال فوق الأرض مشكلة في ذاك التزاوج بين الروح والجسد والناموس الثالوث المقدس لمسمى وطن .
الوطن الذي هو ليس كيانا فقط له حيز يشغله كمنطقة جغرافية في مكان ما او مساحة من الأتربة، إنما هو ذاك الحضور اللافت في مكونات الطبيعة الكونية والبنية الجسدية لصيرورة التجسيد المتمثل بالذاكرة الثقافية والإنسانية لكل وطن والتي هي ( الأخلاق ) والمبدعة والمخلوقة على نحو في غاية التنظيم المعقد القائمة على أحجار الناموس هيكلها ،والمعمرة بها قلاعها وأسمائها بلدا بلدا، والتي تكون هي الهدف الأول في فصول أي حملة شرسة لاغتيال جسد الوطن وهزيمة روحه . وذلك عبر استخدام اقصر الوسائل لاغتياله عن طريق محو الذاكرة الرمزية لهذه الروح الصارخة المعبرة عنه والهائمة به في هذا الوجود ككيان اعتباري له مكانته وخصوصيته وشرعنته ، اغتيالا قائما على نظام التغذية بالأوهام ونشر سموم الفساد في شتى أعضاءه ، مشهرا بحالة من اللانسجام واللاتجانس مع معتقده الأخلاقي و عمائد الفضيلة فيه ، اغتيالا يعتمد على انتشار سرطانات الخبث والغموض وخلخلة جذور مجتمعه القائم على أساس العرف والتشاريع الروحية ، وذلك بأمرة تجر قلم القتل فوق الأعناق وتصلب رموزه الشريفة الحاملة لكل مقاييس الأخلاق النبيلة التي توارثها كمكرمة من قبله مما جاء به أنبياء ومصلحين ومستنيرين قبله مبشرين بصلاحه و قد تم إتمامها والعمل على تنقيتها من شوائبها عصرا بعد عصر لتصير إرثا يتناقله الأجداد إلى الأبناء ، ليأتي حبر الظلام ممطرا ضغائنه على بدن الأحياء فيه لتزعزع الوطن وتغيبه وتغيبهم وتعيد إنتاج أفراده كعبيد لمواد مستوردة من الخارج ،المفعلة في ممارسة حالات الإخفاق والإخلاف بين الأفراد وناموسهم ، مخاصما بين أرواحهم مفتتا الحصن المنيع لميراث القدماء ومجد الأوطان والأعزاء الذي أسميناه وعرفناه بالناموس سامحا لهذا الخلل الحاصل في تعافيه لتلك اليد الملوثة بفيروس الاستبداد وطغيان الفساد ان ينتشر بكثرة هذا الوباء المسمى إظلام في كل شيء فيه في أنفاسه وألوانه ترابه هوائه أحياءه وأمواته والقبور ، لتطيح بالعروش والقلاع ، خانقة صوت الآخر مغيبة وجود الأقلية ، وتقطع عناوين الهوية وتسبيح النفوس لتسلط الأخ على الأخ لتكتم حتى الضمير صدور ضعاف النفوس .لتصير تمردا واستغلالا وظلما واجحادا يمارس على الأبناء الضعفاء الذين لا سطوة لهم ولا سلطة ولا واسطة حامية لهم في زمن الإفساد ، سوى ما حفظوا به ماء وجههم قوتهم في كل الليالي الظلماء من ذاكرتهم الأخلاقية و نور ضميرهم ووهج الناموس في القلوب والعقول .
وفي زمن الحروب خاصة يعيش الوطن في جدلية لامتناهية في التناقضات المحصلة لمخزن هذا الناموس بين الروح والجسد ، الروح التي يحتويها الجسد والتي لاحياة له الا بحياتها ، فبهلاك الروح يهلك الجسد ويصير كليهما وطنا للمنفى ومنفى في وطن .
روح الوطن كروح الأشخاص التي يجب ان نفك احتجابها عن كل مايعيق تنويرها واستنارة نبوءتها بغد مزدهر يفيض بالبلاد جسدها وساكنوها سلاما ، فك لذاك الاحتجاب بنزع وتطهير لكل الشوائب التي قد تطال ناموسه وضميره والتي قد تعيث فيه العماء في البصيرة والخراب حد الدمار ، واضعة به قلبه وروحه ناصية الانتحار باحتضار متوال لا خلاص منه ومن خطيئته المتكاثرة في عرضة بحر الإفساد، ليبقى مريضا مزمنا بداء العتمة واليبوسة داء عضال لا استشفاء منه الا باستنباط شفافية المعاني والكلمات ، صفاء الأفعال ، محاسبة الأخطاء وتصحيح المسارات .
استنباطا يقوم على بناء الرقيب الذاتي وتفعيل للرقابة الذاتية التي هي مكمن الأرواح ، متقاربة بذات الأوان مع عملية الكشف والاكتشاف لأماكن العلل بهذا الجسد مستعينة بالناموس الفردي في إصلاح الخلل في أجزاء مناطقه التي افتقدت لإشعاعات هذا الناموس ، لتتطيب الأبدان بالحق ولتشير الأصابع لمكامن الوجع ولجعل الصلاح دستورا وليس بدعة ، إصلاح للضمير الجمعي يبدأ بأفراده وينتهي به ، إصلاحا يقوم به من هم إحياء في حضرة الناموس ليصير يقينا محققا وليس ضرب خيال مستعار يعلم أسباب الوباء المنتشر في كياناته من تمرد ورشوة ونرجسية عمياء واختناق وانغلاق حالت دون انسجامه وتشافيه وتطوره لتبقى دماؤه مهدورة وعقوله مهاجرة وأيديه مفتوحة للنهب وللسرقات ولأنمذجة الاختلافات . تعطى للمصلحين الصلاحيات من السلطات ، لتضع بآلية رقابته القائمة على الوعي والمحاسبة الواعية الإستراتيجية التنويرية كل مفاصل هذا الوجه فوق طاولة أولئك المصلحين النزهاء الذين همهم وشغلهم الشاغل تعافي ناموس الوطن وترميم يبدأ من القاعدة انتهاء بالهرم في كل المناصب والمحافل والنخب محولا ظلام الضمير الفاسد إلى صحوة في الناموس يسقط في عملية التحول كل غفوة قائمة وكل آثام الفساد، وكل مكان تم تهريبه لخدمة أفراد الضمير الفاسد رافعا شعار الصلاح والإصلاح ناموس الوطن وغده المشرق بالورود ، لا بالأنياب والأيادي الفاسدة التي تدس في ضمائر الإشراف في البلد سم الخمول وإقصاء لدرجة يعادل طاغوت الفساد ظلم الغزاة الغرباء او يكثرهم في الجحود .