بداية القابضة

رئيس التحرير : عبد الفتاح العوض

رئيس مجلس الإدارة : د. صباح هاشم

من نحن اتصل بنا
أجنحة الشام

المثقف والمحاجة البيضاء

الجمعة 14-04-2017 - نشر 8 سنة - 5801 قراءة

صاحبة الجلالة_ رشا صالح

 المثقف كلمة شاسعة تحمل في مضامينها مبادئ لا يمكن التهاون فيها، وجدلية واقعية تجعلنا نعيد التفكير والعمل بقضايا شتى في حيز تطبيقها ومطابقتها مع لفظ الثقافة ، كلمة تقال وتفعل أيضا وكما أشار ادوارد سعيد  في قوله :((المثقف يطرح علينا للمناقشة أسئلة محرجة ، يحارب المعتقد التقليدي والتصلب العقائدي بدل أن ينتجهما ، ويكون شخصا ليس من السهل على الحكومات أو الشركات استيعابه )).

إن للتطرف الفكري والثقافي متاهات ودهاليز كثيرة لها أشكال معقدة من الجمود والأصولية التي يستحوذها صاحبها (المتثاقف ) ،مرتديا أقنعة متوالية على شكل مصفوفة من الوهم الكامن في الأعماق والواضح للعيان تجعله منغلقا في خياراته القائمة على النفي وإقصاء الآخر ، بشكل استبداد ضمني بحيث يغدو مذهبا بحد ذاته يكونه هذا (المتثاقف) والذي  دعوته ( داعشي الفكر) ، متواجد هذا المتثاقف ومذهبه  بشكله الأنيق بمسمى المثقف مرتديا ربطة عنق من الزيف، خارجه جميل مبهر ومضمونه تكمن حربا شرسة وانحطاط قد يصل لكل المعايير والتي تعمل لإطلاق رصاص الإبادة الفكرية على المثقف الآخر أو أي وجود لأي كائن منافس له ومضر بمصالحه الشخصية و رغائبه التي تخدم الأنا الفردية له متناسيا كيانه ومدمرا جارحا لكيان الآخرين ، نافيا الدور الرئيسي الذي وجد هذا المثقف لأجله وخاصة إن كان موظفا في خدمة الصالح العام ،والمسؤولية الملقاة على عاتقه في النهضة التي يجب حملها في روحه قبل يدييه لأخذ أخيه المثقف والإنسان والمجتمع إلى مكان ومرحلة  أفضل .

فمابالك ان كان هذا المجتمع يعاني عوراض وأزمات نفسية جراء الحروب المحرضة القاتلة والفتن الفكرية الفاعلة فيه وذلك لإقامة انحرافات عميقة ومعيقة لعملية تنظيم البناء المجتمعي والفكري وإزالة أشكال الأصولية والجمود والصراعات الاجتماعية على أسس قائمة بالاعتراف بالآخر المشابه او من ينافسه في حيز الثقافة وكذك احتضان الفكر المخالف له ، وإزالة كل مايودي به وبطرق فكره المحرضة المؤثرة ، موائمة له وللمجتمع مقاربة به لإحلال التوازن المطلوب حيال كل التناقضات ، ولتطبيق فرص المساواة والعدالة وليس الإقصاء ،وحماية زميله المثقف لا معاقبته ، مساندة كامنة للمضمون العميق لكلمة الثقافة على كل الصعد والقضايا والمواقف التي تدافع عن قيم الحياة المتجددة السليمة التي عجزت كل الانتفاضات والحركات الشعبية عن القيام بها ، فهو أي ( المثقف الحقيقي ) المقاتل والجندي على جبهة الحقيقة المدافع لإظهارها وتطبيقها باعتباره هو أداتها التي من خلاله يمكن ان تحدث تحولات كثيرة ومصيرية في حياة البشر  ونهوض متسارع تحصده على صعيد الفكر والفلسفة والفن والأدب والتي هي ركائز تغير المجتمع ولبنته الأصلية .

المثقف ابن بيئته ، يتعايش مع التصميم الداخلي لبنية وتاريخ أوطانه ، ابن مجتمعه وعصره وزمانه ،مايؤلم المجتمع سيؤلمه حتما، فهو يعيش تجربة الاختيار وبلورة المواقف في سياق كل المجريات الواقعة عليه وعلى بلاده .فإذا كان هذا المثقف متزن وذو صحوة روحية وفكرية فانه يخطط ويعالج المواقف ويتخذ القرارات بما يتناسب مع السياق العام ،قرارا يصنع بتراكماته الزمنية ونتائجه نقلة نوعية في المجتمع والمعرفة مغيرا من إشكاليات الروتين والمحسوبيات والرشوات التي تخدمه نفسه ، متحولا هذا المثقف الحقيقي إلى فيلسوف حكيم وشخص مرجعي وناضج متزن مستوعب للتاريخ والمراحل والعقبات التي تمر بها البلاد ـ اما اذا كان شخصا أصولي الطبع مزاجي الانفعالات وخاصة اذا كان صاحب قرار ويشغل مكانا وظيفيا وسلطة ، فانه يقود كل التحولات و الطارئة في المحيط العام على أساس الانتهاز واغتنام الفرص لتجعله اسما لامعا أكثر من أسماء الآخرين منددا بشعارات عن النزاهة والثقافة والانفتاح على الأخر  ، وفي حقيقته يحدث الانغلاق الأصولي موسعا دوائر التطرف العقائدي والديني والفكري مسوقا لهذه المنهجية وشخوصاتها وفعائلها ،مكرسا تطبيقها كمثال صحيح في كل أماكن اتخاذ القرار المرتبط بمصائر البشر والمجتمع .وهنا تكمن الخطورة التي تجعل الوعي الفردي والثقافي يتأطر ضمن فلسفات دينية وسياسية وانعزالية تسوق المجتمعات تباعا إلى قانون مجتمع الغاب ( القوي الانتهازي مبدع مسيطر واسمه حاضر ومستجاب والضعيف والمنبوذ من قبله يتنظر رأفة من زميله ( المتثاقف ) ترأف به .

لذلك لابد من طرح أسئلة حقيقة فعلية التطبيق، تطرح على المتثاقف من قبل المثقف ذاته ، وان تمد له الأيادي الشفافة لعلاجه لتصحيح الأخطاء والثغرات الممارسة ، تقوم برفع الوعي التنويري للفرد المثقف والتي تؤدي حتما إلى رفع الوعي الجمعي للبنية الثقافية وللمجتمع ككل.مشكلة ظاهرة المثقف المتصالح مع ذاته محررة كل أشكال العنف والإدانة والاستبداد المطبق من المثقف الأصولي ، اسئلة قائمة على المحاججة البيضاء المحاجة التي تبني لاتهدم ، المحاجة  والمقاصصة البيضاء التي توجه للمثقف الأصيل الذي يحمل أمام نفسه مسؤولية بذل الجهد لاستيعاب التغير والأسئلة المطروحة على مجتمعه  والنتائج المعرفية في صيرورة عصره ، ليعيش نزاهة القرار المبني على مواقف ناضجة أساسها المشاركة والاعتراف بالنقاط المشتركة لدى الآخر ، والتي تجعل محاججته أيضا ليس من منطلق الأنا الفردية بحجة المقاصصة فقط ، إنما لتكون مقاضاة عادلة فاعلة لنفس المثقف ولوعيه وروحه بمايرضي الضمير ويخدم كل القيم الفضيلة للثقافة و أفرادها ، لا لعنجهية (متثاقفيها) وأهوائهم الخاصة  .


أخبار ذات صلة

دمشق تحصل على 400 ألف ليتر مازوت والحاجة 700 ألف ليتر وتتزود بـ600 ألف ليتر بنزين وحاجتها مليون ليتر

دمشق تحصل على 400 ألف ليتر مازوت والحاجة 700 ألف ليتر وتتزود بـ600 ألف ليتر بنزين وحاجتها مليون ليتر

مصدر رسمي : ورود شحنة جديدة من الغاز.. والمواطن سيلمس تحسناً واضحاً قريباً

وزير السياحة : قانون جديد لاتحاد غرف السياحة تحت قبة «الشعب» قريباً ..

وزير السياحة : قانون جديد لاتحاد غرف السياحة تحت قبة «الشعب» قريباً ..

التشريعات الصادرة تطور من آليات العمل السياحي

المركزي للمصارف: تأكدوا من تغذية الحسابات (الإلكترونية) قبل استصدار شيك تمويل المستوردات …

المركزي للمصارف: تأكدوا من تغذية الحسابات (الإلكترونية) قبل استصدار شيك تمويل المستوردات …

الحلاق : إثارة الانتباه لحالات يحدث فيها خلل من جهة سحب التغذية من حساب تمويل المستوردات

وداعاً للصاقات.. (QR) لحماية الشهادات الجامعية اعتباراً من اليوم …

وداعاً للصاقات.. (QR) لحماية الشهادات الجامعية اعتباراً من اليوم …

رئيس جامعة : 35 ألف طالب يتخرج سنوياً … الآلية الجديدة بمستوى أمان أعلى وتوفر سنوياً نصف مليار ليرة