غرائب ما أفرزته الحرب في أروقة المحكمة الشرعية
صاحبة الجلالة_لمى خيرالله
مما لا شك فيه ان للحرب التي دخلت عامها السابع آثار سلبية جمّة على مختلف القطاعات ، لكن تبقى الاسرة السورية هي المتضررة الأكبر, على اعتبارها نواة المجتمع ، وذلك بسبب تردي الأحوال المعيشية , وعلى مبدأ أن لكل فعل رد فعل فان المتغيرات التي شهدتها بنية المجتمع السوري نتيجة الأزمة طالت جميع الفئات والأعمار وتعددت من خلالها القصص والروايات .
وفي ضوء ان المحكمة الشرعية تبقى دوماً البوابة الأبرز لتسليط الضوء على ما تعانيه الأسر السورية فقد خصّ القاضي الشرعي الاول في دمشق محمود المعراوي صاحبة الجلالة ببعض أبرز القضايا التي عُرضت على المحكمة، ومنها الحلقة الأضعف التي فقدت براءتها وحرمتها الأزمة أدنى حقوقها، حيث طلب طفل لم يتجاوز 12 من عمره تعيين وصية شرعية عليه من أجل تقديم شكوى بحق صاحب المقهى الذي يعمل فيه لمحاولته التحرش به ، ولدى سؤال القاضي له عن ذويه؟ أجاب بأن والده استشهد في بداية الاحداث وتزوجت أمه من رجل لم يتحمل وجوده معه فطرده من البيت فاضطر للعمل في مقهى والنوم فيها .
وفيما يتعلق بصعوبة تلبية المتطلبات الاساسية للمعيشة تحدث المعراوي عن حضور فتاة في الرابعة عشر من عمرها الى المحكمة الشرعية لطلب الاذن بالسفر لوحدها الى خالها الموجود في لبنان بعد ان استشهد والدها بالقذائف الصاروخية ورفض عمها الوحيد استقبالها في بيته .
ولم يكن الامر بعيداً عن زوجة الشهيد التي تقدمت بشكوى الى المحكمة الشرعية ضد عمها _والد زوجها_ الذي طردها من بيته مع أولادها بعد ان حصّل حصة أولادها القاصرين من التعويضات المخصصة لذوي الشهداء ، وهنا اشار المعراوي الى ورود العديد من القصص المشابهة الى المحكمة الشرعية التي تكلّف زوجة الشهيد بتقديم دعوى لاسقاط ولاية الجد وتعيينها وصية شرعية على أولادها حرصاً على ضمان حقوقها هي وأولادها .
لكن يبقى اللافت في الامر اولئك الطاعنين في السن الذين حملوا على كاهلهم المُتعب ضراوة الحرب عبئاً مضافاً الى تقدم العمر فقد كشف المعراوي عن رفع امرأة عجوز دعوى نفقة على أولادها و أحدهم دكتور في الجامعة وكانت لا تملك ثمن الطوابع فاتصلت بأحد المحامين وساعدها في تقديم الدعوى ودفع رسومها من جيبه الخاص .
أما المحزن هو بكاء رجل طاعن في السن وطلبه من المحكمة الشرعية أن يتبرأ من أولاده الثلاث بعد لجوئه اليهم ورفضهم ايواءه في منزلهم الذي كان قد ساعدهم في شرائه وتهجيره من منزله في مخيم اليرموك بعد أن توفيت زوجته .
الى ذلك فقد عزا القاضي الشرعي التردي الأخلاقي في المجتمع خلال سنوات الأزمة على صعيد العلاقات الشخصية والعائلية والاجتماعية الى مواقع التواصل الاجتماعي التي أدت لمزيد من التفكك الاجتماعي عن طريق ازدياد حالات الانغلاق على النفس وابتعاد أفراد الأسرة عن بعضهم ، كما ساهمت المسلسلات التركية بقصصها الغرامية في هذا التردي الأخلاقي ، وأردف المعراوي كمثال على حديثه "أثناء محاولتي الاصلاح بين الزوجين أصر الزوج على الطلاق ولما سألته عن السبب أجابني بأنه اكتشف بالصدفة أن زوجته تصادق أكثر من 100 رجل على هاتفها الجوال و تتبادل معهم العشق والغرام فضلاً عن الصور الفاضحة، وأقرت الزوجة بذلك بدون أدنى خجل و كأن الأمر بات عادياً ومألوفاً" ..