عندما يصبح المسؤولون الكبار شركاء للتجار.. من سيكون المتضرر الأكبر..؟
أكد مدير الهيئة العامة للمنافسة ومنع الاحتكار أنور العلي خلال ندوة الأربعاء التجاري أمس المخصصة للحديث عن المنافسة ومنع الاحتكار .. أن الهيئة تمكنت في الآونة الأخيرة من «كسر احتكارات لأشخاص مدعومين من بعض كبار المسؤولين واستطاعت إبطال قرار صادر من وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي كان مفصلاً على قياس بعض أصحاب رؤوس الأموال».. موضحاً أن الوزارة قدمت اعتراضاً من 18 صفحة على قرار الهيئة ورد الاعتراض من مجلس الدولة.
وأضاف: «إن القناعة لدى المجتمع السوري والهيئة بأشخاص يمتهنون العمل التجاري منذ عشرات السنين وبعلاقاتهم التجارية مع الموردين الخارجيين ومع المصارف والجمارك والمالية ومخابر التموين وإن هؤلاء سيستمرون ولن يستطيع أنور العلي ولا غيره من أصحاب رؤوس الأموال أن يتناسوا هؤلاء، ولا ننكر إمكانية القطاع العام التدخل الإيجابي في الأسواق لكسر حدة الأسعار والسيطرة على نشاط اقتصادي معين».
وبيّن العلي أن الهيئة تعمل بوجدان وأخلاق عبر اعتماد مؤشر منافسة، ينوه إليه من تاجر أو رئيس حكومة أو عبر صحيفة معينة أو أي مصدر معلومات آخر، وقد تكون شكوى كيدية موضوع مؤشر المنافسة هذه، ويتم التحقق منها بوسائل علمية من الهيئة عبر فتح ملف قضية مع كل وسائل الإثبات على أنها واقعة أو مؤامرة للتلاعب أو تحريك سعر سلعة ارتفاعاً أو انخفاضاً عبر اجتماع لمجموعة من التجار في مكان محدد وثبت ارتفاعها نتيجة هذا الاجتماع فذلك يعد مؤشر منافسة وقضية يحاسبون عليها بأقسى العقوبات وغرامات تصل إلى 10% ليس من الشركة وإنما من رقم أعمالها.
ووصف مدير الهيئة القانون بالقوي لجهة البنود وفي معرض تطبيقه بالشكل العلمي. مشيراً إلى أن الهيئة جهدت لاستصدار قرار ينص على تشكيل لجنة وذلك لدراسة ومعرفة الأثر الاقتصادي والاجتماعي للتشريعات الصادرة «إلا أنها ولدت ميتة في وزارة العدل ولم يتح لها أن ترى النور حيث كل يريد أن يتفرد بقراره من الوزراء المتعاقبين على الوزارة».
وأضاف: «إن الهيئة اختلفت كثيراً مع الحكومة ومع اللجنة الاقتصادية على صعيد قرارات المنع والسماح بالاستيراد والتصدير لسلع مواد مختلفة دون جدوى» مبيناً أن بعض هذه القرارات لم تكن تصدر وفق أسس وقواعد اقتصادية ولم تصدر القرارات بشكل صحيح وخاصة على صعيد الثروة الغنمية والبطاطا مؤخراً».
وانتقد العلي وزير الاقتصاد السابق بشدة قبل أن يتدخل عدد من الحاضرين: «ولماذا لم يحاسب؟ ولماذا يتم الهجوم على أي مسؤول بعد أن يتم إعفاؤه من منصبه؟» ليضيف العلي: «انتقدته، وهو على رأس عمله».
وأضاف: «إن أصحاب العقول المتحجرة والمزاودين خربوا اقتصاد البلد وأوصلوه إلى هذه المرحلة مع فئة من التجار شركاء في هذا الفساد، إضافة إلى المحسوبيات والوساطة ومن خلفهم».
وكان نائب رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق عمار البردان خلال افتتاحه للندوة توجه بالسؤال: إلى متى ستبقى تهمة الاحتكار تلاحق التجار وتستخدم شماعة لإطلاق التهم جزافاً كلما فقدت مادة أو سلعة من السوق المحلية أو تم رفع سعرها أو خضعت لارتفاع في رسومها الجمركية أو تغير في أسعار الصرف وعوامل أخرى عديدة مؤثرة في توفر السلع والمواد؟
واستطرد البردان «إن المفهوم المعتمد من هيئة المنافسة ومنع الاحتكار وقانونها دليل على عدم وجود أي حالات احتكار لدى التجار الحقيقيين».
من جانبه بيّن مدير الهيئة العامة للمنافسة ومنع الاحتكار أنور العلي أن الهيئة تمكنت في الآونة الأخيرة من «كسر احتكارات لأشخاص مدعومين من بعض كبار المسؤولين واستطاعت إبطال قرار صادر من وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي كان مفصلاً على قياس بعض أصحاب رؤوس الأموال».
من جانبه تساءل عضو مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق منار الجلاد في مداخلة له عن هوية الاقتصاد السوري وعلى أساس يطبق قانون الاحتكار في مثل هذه الأوضاع قائلاً: نحتاج إلى ذهنية منفتحة في مراكز القرار الحكومي.
كما تساءل مدير غرفة تجارة دمشق عامر خربوطلي عن الاتفاقيات الضمنية وكيف تعالج الهيئة مثل هذه الحالات وتسيطر عليها أو تعرف بها؟ وكيف تؤمن العدالة في التقدم إلى المناقصات؟
وفي معرض إجابته عن الأسئلة بيّن مدير هيئة المنافسة ومنع الاحتكار أنور علي أن هوية الاقتصاد محددة باقتصاد السوق الاجتماعي «إلا أننا تأخرنا في الشق المتعلق بالاجتماعي من هذا الاقتصاد منذ حكومة ناجي العطري حيث لم يتم عكس الدعم بما يتناسب مع أوضاع المواطن حيث كان من المؤمل أن يؤمن العيش الكريم والرغيد لأي مواطن لحين إيجاد فرصة عمل له عبر تأمين أساسيات عيشه وحياته وكي لا ينزعج المواطن من قرار الانتقال إلى اقتصاد السوق».
وشرح مدير الرقابة الاقتصادية في الهيئة العامة لمنافسة ومنع الاحتكار حسان السيد الاتفاقات الضمنية وصعوبة إثبات مثل هذه الاتفاقيات على اعتباره تفاهماً غير موثق وإثباته صعباً إلا في الظروف الطبيعية وهو يتمثل بالرفع المتتابع لسعر سلعة من مجموعة من التجار المتفقين ضمنياً على هذه الممارسة.
وخلال عرضه لكيفية عمل الهيئة على صعيد متابعة حالات الاحتكار ووسائل متابعتها ومعالجتها بيّن السيد أن قانون الهيئة لا يعمل إلا في ظل حرية الأسعار ولا يعمل في ظل تحديد السعر وإجراءات التسعير الإداري لأن مثل هذه الإجراءات تمنع المنافسة والمكاسرة في الأسعار في السوق وضمن إطار مبدأ العرض والطلب لتحقيق توازن السوق بعيداً عن التسعير المفروض إلا في حالات محددة لسلع محددة ولفترة محددة لا تتجاوز ستة أشهر وتمدد لفترة مثلها فقط.
"الوطن"