عقول السوريين في أدراج المسؤولين
صاحبة الجلالة _ وائل حفيان
معاناة كبيرة تواجه المخترعين من الشباب الجامعيين ،تجعلهم عاجزين عن إكمال رحلة الاختراع، ومن يتمكن من انجاز اختراعه يجد صعوبة في الوصول إلى الجهة التي تتبنى اختراعه.
اختراعات الشباب السوري عادة ما تظل حبيسة الأدراج في المؤسسات الرسمية أو في مكتبة المخترع نفسه، وإطلاق هذه الاختراعات إلى الحياة مرهون بمغامرة يقوم بها أحد المستثمرين ،ولكن ما أقلهم في سورية كما يرى بعض المخترعين الشباب .
ويعبر محمد الطالب في كلية الهندسة الطبية بجامعة دمشق عن خيبة أمله جراء عدم تمكنه من تنفيذ العديد من الأفكار التي من الممكن تتويجها باختراعات تفيد في تطوير بعض الأجهزة الطبية الموجودة في المشافي بسبب عدم امتلاكه المال الكافي لتنفيذ مشروعه مؤكدا أن أكبر تحدٍ يواجه المخترعين الشباب هو الدعم المالي اللازم لتحويل أفكارهم إلى مشاريع ،وسرد قصصاً شبيهة لزملاء له لم يحالفهم الحظ بالعثور على جهات تتبنى مشاريعهم ، أو تسّوق اختراعاتهم.
أما إدريس الذي حالفه الحظ بالحصول على أربعة اختراعات ،لكن فرحته لم تكتمل ، حيث لم يتمكن من تسجيل اختراعاته ، بسبب تكلفة رسوم تسجيلها ويضيف.. أمام هذا الواقع المرير يصبح الباحث غير متحمس لتسجيل اختراعاته، وبالتالي تضيع جهوده سدى، مشيرا إلى أن مشكلة التمويل تعترض مستقبل 95% من المخترعين الشباب في سورية.
يقول وائل الطالب في كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية: معظم الطلاب لا يملكون المال لتحويل أفكارهم إلى اختراعات على الرغم من أهميتها ، ولا نجد من يتبناها ولو بمساعدة بسيطة، فالوضع المعيشي لمعظم الطلاب لا يسمح لهم بشراء قطعة صغيرة من لوازم الاختراع.
رئيس جمعية المخترعين السوريين الدكتور نزار فريسان حّمل جميع الجهات المعنية والمهتمة بالبحث العلمي والاختراع العامة والخاصة مسؤولية عدم الاهتمام بالطلاب مشيرا إلى أن مشكلة التمويل ومنذ ثلاثين عاما بقيت العائق الأساسي أمام المخترعين سواء كانوا طلاب جامعيين أو باحثين فضلا عن عدم إبلائها الاهتمام الكافي والتفكير بسبل تسويقها في مؤسسات وقطاعات الدولة.
وأكد فريسان في تصريح "لصاحبة الجلالة" على ضرورة مساعدة هؤلاء المبدعين عن طريق إنشاء مختبرات حقيقية، للبحث العلمي، وتبنيهم كي لا يغادروا البلد وخاصة في ظل وجود عدد كبير من الطلاب وصلوا إلى درجات متقدمة من البحث والاختراع العلمي الأمر الذي يتطلب الحفاظ عليهم وأن لا نسمح بسرقة هذه الاختراعات وتسجيلها في دول أخرى ،داعيا الجهات المعنية التعاطي بجدية أكبر والسماح لهم بتسهيل إجراءات تسجيل اختراعاتهم.
القوانين المعمول بها في تسجيل براءات الاختراع لا تلبي حاجات الطلاب المخترعين والمبدعين ,والدليل وجود عدد كبير من الطلاب أنجزوا اختراعات ولم يتم تسجيلها لعدم تماشيها مع هذه القوانين، وكشف فريسان بأن جميع الطلاب المخترعين الذين غادروا البلد مستعدين للعودة والعمل على أرض الوطن بعقولهم شريطة تقديم الدعم لهم واحترام اختراعاتهم والتسويق لها،
وبرأي فريسان انه آن الأوان لاحترام العقول المبدعة للاستفادة منها والحفاظ على الخامات التي نملكها من مبدعين.
بلغ عدد المخترعين السوريين الحاصلين على جائزة الوايبو العالمية 20 مخترع منذ عام 2000 ، ووفق فريسان معظم هؤلاء المخترعين يلزمون بيوتهم ولم تطرق باب أحدهم أي جهة في الدولة ، في وقت سورية بأمس الحاجة لخبراتهم وخدماتهم فهم علماء حقيقيون يجب تكريمهم من خلال دعمهم و منحهم الفرص الحقيقية ليساهموا بإعمار بلدهم .
يوجد عدد كبير من الطلاب السوريين فازوا بالمراكز الأولى على مستوى العالم في مجال الاختراع ونافسوا أقرانهم من جنسيات عالمية وهذا دليل على امتلاكنا طاقات وخامات متميزة، وهنا يؤكد الدكتور عمر ورد الأستاذ في كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية بجامعة دمشق، عضو نادي المخترعين أن احتضان الدولة لهذه المواهب الشابة غائب بشكل شبه كلي، والسبب برأيه يعود إلى أن معظم الأطراف لا تعير الاختراع الاهتمام ولا تتعاطى مع المخترعين بمسؤولية وطنية .
ويضيف ورد .. نحن كمدرسين في الكليات العلمية والتطبيقية ندرب طلابنا على التفكير العلمي المنهجي الذي يقودهم إلى الاختراع والإبداع ، محّملا الجامعات جانبا من التقصير بسبب الروتين الذي يرفض صرف أي فاتورة تدعم الطلاب المخترعين إلا عن طريق رئيس الجامعة ، الأمر الذي يسبب الكثير من المشاكل وإضاعة المزيد من الوقت والجهد في عملية شراء المواد الأولية لزوم الاختراع والبحث العلمي.
كما شدد على ضرورة افتتاح نوادي علمية ضمن الكليات العلمية والتطبيقية في الجامعات السورية تكون بعيدة عن العمل الأكاديمي تحتضن جميع المبدعين وتنشر ثقافة الاختراع في الوسط الطلابي أسوة بالجامعات العالمية.
وأشار ورد إلى أنه بسبب ارتفاع تكاليف السفر والحجوزات والإقامة لم نتمكن من المشاركة في المعارض العالمية علما أن تم توجيه أكثر من 25 دعوة للمشاركة من جهات خارجية والبديل برأيه يكون بالتشبيك بين القطاع العام والخاص والمخترعين من أجل تسويق اختراعاتهم وتبني مشروعاتهم من قبل غرف التجارة والصناعة مؤكدا أن طلاب الجامعات السورية استطاعوا خلال هذه الأزمة إثبات أنفسهم والاعتماد على قدراتهم في إيجاد حلول للعديد من المشكلات وخاصة الصناعية منها .