الطب في دمشق في العهدين الزنكي والأيوبي .. مدارس الطب وبيمارستاناتها في القرنين الثاني عشر والثالث عشر
الأربعاء 14-03-2018
- نشر 7 سنة
- 5953 قراءة
ابن النفيس الدمشقي، عبد اللطيف البغدادي، فخر الدين بن الساعاتي، إضافة إلى مجموعة كبيرة من أسماء الأطباء التي تعلّمت على مبدأ بأن الطبيب يبقى متعلما إلى ما شاء الله، ويبقى مستمرا بالاطلاع على آخر المستجدات، وعلى المشاركة في الندوات والمؤتمرات، لأن سن التخرج-بالنسبة لهم-لم يكن لها حدود، طموحهم برز في وقت كانت دراسة الطب فيه عبارة عن ملازمة لطبيب معروف، مثلها مثل الصنعة-بمعنى الممارسة-التي يلحق خلالها الأبناء بالآباء في سن مبكرة، ليس فقط في مجالس الطب العامة التي تنعقد في المساجد أو في المدارس الطبية المستقلة التي أنشئت في دمشق وحلب، بل أيضاً في المعسكرات العسكرية الثابتة والمتحركة. وللحديث أكثر عن الحركة الطبية في دمشق في القرنين الثاني عشر والثالث عشر، صدر عن الهيئة العامة السورية للكتاب، كتاب (الطب في دمشق في العهدين الزنكي والأيوبي… بيمارستاناته ومدارسه وأحاديث عن مشاهير أطبائه)، تأليف: زهير محمد ناجي، بواقع 295 صفحة من القطع الكبير، في دراسة تحدثت عن مدارس الطب وبيمارستاناتها في الفترة المذكورة إضافة لكثير من التفاصيل.
في المقدمة
تحدث المؤلف عن دراسته- التي وصفها بالقصور في بعضها- بأنها ثمرة من ثمرات نشاطات الجمعية الجغرافية السورية، حين دعي للمشاركة في احتفالية دمشق عاصمة للثقافة العربية لعام 2008، لإلقاء محاضرة عن مساهمة دمشق في تقدم العلوم وتطورها، متابعا «فكان أن اخترت موضوعا لإلقائه في قاعة محاضرات الجمعية، عن مدارس الطب وبيمارستاناته في دمشق في القرنين الثاني عشر والثالث عشر، إبان يقظة بلاد الشام الروحية والثقافية والسياسية، وعاصمتها دمشق قلب العروبة، حين أعاد لها السلطانان العظيمان نور الدين محمود بن الشهيد عماد الدين زنكي وصلاح الدين يوسف بن أيوب دورها القيادي، حين أنصفا الشعب، وأعادا إليه الروح، فساهم راضيا بطرد الغزاة الفرنجة والمغول، وبرزت دمشق عاصمة للمقاومة العربية- كما هو حالها الآن- فوصلا إلى ما لم تصل إليه إلا في العهد الأموي عهد تأسيس الدولة العربية التي أضاءت بحضارتها على عالم القرون الوسطى، بعد أن دمرت هذه الروح ثلاثة قرون من النزاعات السياسية والاجتماعية التي تسترت- زوراً- بلباس الدين والمذهبية والطائفية».
أبواب الدراسة
تتألف هذه الدراسة من ثلاثة أبواب، يتحدث الباب الأول عن بيمارستانات دمشق ومدارسها الطبية في الحقبة التاريخية التي حولها تم البحث، أما الباب الثاني فقد تناول محاولة لدراسة بعض خصائص هذه النهضة الطبية، في حين سلّط الباب الثالث الضوء على أحاديث بعض مشاهير الأطباء في الحقبة نفسها، وفي هذا الباب ألحقه الباحث استكمالا لهذه الدراسة، ملقيا الضوء على نشاط عدد من الأطباء، وهذا الملحق كان أصلا بطاقات ساهم بها المؤلف في موسوعة إعلام العلماء العرب والمسلمين التي كانت تصدرها الجامعة العربية من مقر تحريرها في تونس، ونشر بعضها دون بعض، متابعا «لقد اعتمدت في هذه الدراسة بأبوابها الثلاثة على مراجع عديدة، إلا أنه لابد لي في هذا التقديم من ذكر اسم أهم هذه المراجع، وهو ذلك الكنز العلمي/ التاريخي الذي كتبه الطبيب الموسوعي أحمد بن القاسم بن خليفة المعروف بابن أبي أصيبعه، والذي سماه عيون الأنباء في طبقات الأطباء، هذا الكنز الذي يمكن أن يغرف منه الباحثون الشباب ما شاؤوا من أدب وتاريخ وفن وعلم اجتماع وعلم تربية».
في التقديم
من جانبه أبدى د. إبراهيم حقي رأيه بالكتاب بعد أن اطلع على مسودته مشيراً إلى بعض الملاحظات، مشيراً إلى أن الأستاذ ناجي، أستاذ التاريخ المعروف بغزارة علمه وسعة اطلاعه هو المؤهل عن جدارة للكتابة في هذا الموضوع بوصفه مؤرخا حياديا لا طبيبا يكتب عن مهنته وعن زملائه وقد يكتب عن نفسه، متابعا «نجد أن الكتاب قد أحاط بالموضوع إحاطة تامة وعرض أبحاثه بأسلوب سلس. فمنذ أن يبدأ القارئ بقراءته يجد نفسه مندفعا إلى الاسترسال في متابعة قراءة فصوله من دون توقف، ليجد في كل فصل معلومات جديدة مفيدة، ويقدّر متى انتهى من قراءته، مدى الجهد الذي بذله المؤلف في تصنيفه، وعرضه بهذا الشكل الممتع». مضيفاً في مكان آخر «إني استمتعت بقراءة هذا الكتاب النفيس الذي أضاف إلى المكتبة الطبية على نحو خاص، وإلى المكتبة العربية على نحو عام، ما يبرهن على مدى إسهام العرب والمسلمين، في فترة من فترات مجدهم، في صنع الحضارة وتقدم العلوم؛و الذي يدل على ما بذله الأستاذ ناجي من جهد في تأليفه، ويستحق من أجله الشكر والثناء والتقدير».
الوطن