شيخ الرواية السورية.. دمشق رمز وطني ولها فضل كبير علي
ظاهرة إبداعية متميزة, حملت الرواية وجالت بلدان العالم فاكتسبت شرعيتها وأصبحت مثالاً يحتذى به في كل مكان وزمان.. ظاهرة إنسانية مثلت الإنسان الفلاح, العامل, المكافح, الصغير والكبير, تحدث عن البسطاء والفقراء ووقف إلى جانبهم, فكان الصوت المعبر عنهم وعن أحلامهم وأمانيهم.
إنه الكاتب الروائي حنا مينه الذي عاش الرواية بكل تفاصيلها, فكانت نديمته في كل مكان, جعلنا نعيش معها ومع شخوصها وتفاصيلها, حتى باتت أعماله راسخة فينا قرّاء ونقاداً ومحبين.
عاشق البحر الروائي الذي لايحده إطار, و لايشق له غبار... نحتفل اليوم في ذكرى ميلاده, نحتفل بمبدع الرواية الذي عاش وتعذب وناضل من أجلها ولم يشأ أن يبتعد عنها يوماً.
حمّل على عاتقه همّ الإنسان والوطن, أحب البحر وعمل في مراكبه, وقال عنه: إن البحر كان دائماً مصدر إلهامي، حتى إن معظم أعمالي مبللة بمياه موجه الصاخب، وأسأل: هل قصدت ذلك متعمّدا؟ في الجواب أقول:في البدء لم أقصد شيئاً، لحمي سمك البحر، دمي ماؤه المالح، صراعي مع القروش كان صراع حياة،أما العواصف فقد نُقشت وشماً على جلدي، إذا نادوا: يا بحر أجبت أنا! البحر أنا، فيه وُلدت، وفيه أرغب أن أموت.. تعرفون معنى أن يكون المرء بحّاراً؟
وبحجم حبه للبحر كان حبّه لدمشق فعندما التقيته ذات يوم قال لي: احب الشام كثيرا وأعشق جمالها وبهاءها لأنها رمز وطني ولها فضل كبير علي, وأعرف أنها تبادلني الحب وتفرح بي لأنها تابعت رواياتي وواكبت كل ما رصدته وعشته وكتبته.
ماقدمه صاحب الرواية الأهم شكل ذائقة نقدية وجمالية وأسس مشروعا عاما متواصلا في الحياة الثقافية, وستبقى هذه الموهبة الكبيرة التي أثرت الحياة الثقافية السورية والعربية منذ سنوات بعيدة وحتى يومنا هذا رافداً إبداعيا ننهل به على طول السنين.
حنا مينه عاش طفولته في إحدى قرى لواء الاسكندرون على الساحل السوري. وفي عام 1939 عاد مع عائلته إلى مدينة اللاذقية، كافح كثيراً في بداية حياته وعمل حلاقاً وحمالاً في ميناء اللاذقية، ثم كبحار على السفن والمراكب. اشتغل في مهن كثيرة أخرى منها مصلّح دراجات، إلى عامل في صيدلية إلى صحفي أحيانا، ثم إلى كاتب مسلسلات إذاعية للإذاعة السورية باللغة العامية، ثم إلى روائي.
قدم خلال مسيرة عطائه أكثر من 30 رواية أدبية طويلة غير القصص القصيرة وبعض المسرحيات ونذكر منهم: (المصابيح الزرق - الشراع والعاصفة - الياطر - نهاية رجل شجاع -..الخ).. وساهم بشكل كبير في تأسيس اتحاد الكتاب العرب، وفي مؤتمر الاعداد للاتحاد العربي التي عقد في مصيف بلودان في سورية عام 1956 كان له الدور الواضح في الدعوة إلى ايجاد وإنشاء اتحاد عربي للكتاب، وتم تأسيس اتحاد الكتاب العرب عام 1969 وكان حنه مينا أحد مؤسسيه.
حنا مينه... يا من حققت مكانتك الريادية في الرواية السورية، فكنت شيخها بلامنازع، وأحد أعمدة الرواية العربية والعالمية... لك الصحة والعمر المديد وطول البقاء.
بطاقة
معظم رواياته تدور حول البحر وأهله، دلالة على تأثره بحياة البحارة أثتاء حياته في اللاذقية. مؤلفاته هي: (المصابيح الزرق وتم تحويلها لمسلسل يحمل نفس الاسم، الشراع والعاصفة، الياطر، الأبنوسة البيضاء، حكاية بحار، نهاية رجل شجاع والتي تم تحويلها الى مسلسل يحمل نفس الاسم، الثلج يأتي من النافذه، الشمس في يوم غائم وتم تحويلها لفيلم بنفس الاسم، بقايا صور والذي تم تحويلها لفيلم بنفس الاسم، المستنقع، القطاف، الربيع والخريف، حمامة زرقاء في السحب، الولاعة، فوق الجبل وتحت الثلج، حدث في بيتاخو، النجوم تحاكي القمر، القمر في المحاق، عروس الموجة السوداء، الرجل الذى يكره نفسه، الفم الكرزى، الذئب الأسود، الاقرش والغجرية، حين مات النهد، صراع امرأتين، حارة الشحادين، البحر والسفينة وهي، طفولة مغتصبة، المرصد، الدقل، المرفأ البعيد، مأساة ديمتر، الرحيل عند الغروب، المرأة ذات الثوب الأسود، المغامرة الأخيرة، هواجس في التجربة الروائية، كيف حملت القلم؟، امرأة تجهل أنها امرأة، النار بين أصابع امرأة، عاهرة ونصف مجنون، شرف قاطع طريق).
الثورة