جريمة قتل أحد رجال الدين لزوجته تعيد فتح موضوع الزوجة الثانية
صاحبة الجلالة _ ضياء الصحناوي
على الرغم من الحالات الكثيرة التي يعلم بها أهالي المحافظة لرجال تزوجوا مرتين، واحتفظوا بزوجتهم الأولى، إلا أنها تبقى حالات فردية
وتلقى نفور واستهجان الناس دينياً واجتماعياً.
وعلى الرغم من كل الشائعات التي خرجت في الأيام السابقة عن هذا الموضوع الحساس
، إلا أن المعلومات التي حصلت عليها صاحبة الجلالة تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أنه لا أحد يستطيع الفتوى بجواز الزوجة الثانية ولو كان
أعلى هرم في الهيئة الروحية لطائفة الموحدين المسلمين في العالم عامة، وفي السويداء على وجه الخصوص، وهو ما يقفل الباب نهائياً على
هذا الأمر على الرغم من أن هناك محاولات في جبل لبنان للسير في هذا الاتجاه لأسباب مختلفة منها (ديماغوجي، وسياسي) يقبع خلفها
وليد جنبلاط.
وقد نفى بشكل قاطع مكتب شيخ العقل في مدينة السويداء "يوسف جربوع" كل ما نشر وتم تداوله في المجموعات أو على صفحات التواصل
الإجتماعي عن موافقة الهيئة الروحية لمشيخة العقل السماح بالزوجة الثانية لأبناء طائفة الموحدين المسلمين، لأن هذا الأمر لا يحتمل الفتوى
والتأويل والمناقشة، ولا يمكن خرقه مهما كانت الأسباب التي تسوق لها مجموعات من هنا وهناك.
وبحسب العديد من المشايخ الذين التقت بهم صاحبة الجلالة فإن هناك الكثير من الإسنادات التي لا تبرر مطلقاً وجوب الزواج ثانية على
الزوجة الأولى، وخاصة ما جاء في القرآن الكريم وتحديداً في سورة النساء «وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَىٰ فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ
مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلَّا تَعُولُوا». ذاهبين بذلك أن العدل لله وحده، ولا يمكن لإنسان
أن يكون عادلاً إلا بالنسبة، وسورة النساء أوضحت ذلك بما لا يدع مجالاً للشك، فالفتاة العزباء لا تصح كزوجة ثانية، والأرملة بدون أولادها
اليتامى لا يجوز الزواج منها كزوجة ثانية.
وبعيداً عن التهكم الذي ملئ صفحات التواصل الاجتماعي، واعتباره نوع من أنواع السخرية، فقد جاءت جريمة القتل التي أقدم عليها احد رجال
الدين بحق زوجته لتعيد فتح هذا الموضوع من جديد، فالرجل المقتدر مادياً لم يستطع تطليق زوجته التي باتت بنظره كبيرة في السن، ولا
يستطيع الزواج بأخرى والأولى على ذمته، فكان أن قرر قتلها بعد أن كادت قصته مع الزوجة المنتظرة تكشف للناس.
آراء تستحق البناء عليها رغم تناقضها.
لم تكتف الشاعرة ميادة الحجار برفض الفكرة جملة وتفصيلاً حتى لو كان هناك أسباباً موجبة لذلك، وقالت أن سبب رفضها ببساطة أنه ظلم
لإنسانية الإنسان، وأنوثة المرأة، فالزواج مشاركة أساسها العدل والمحبة، وكلاهما سيكون.مسلوباً مع وجود شريك ثاني يقاسم في المحبة
والعدل، وبالنسبة لي كامرأة لا يمكن أن أقبل أن أكون رقم لا واحد ولا اثنين! إما الفوز الكامل أو الإفلاس.
وذكر أحد المحامين المشهورين في المحافظة رأيه بجرأة، ولكننا نتحفظ على الاسم لحساسية الموقف، حيث قال: رأيي أن الزواج يجب أن
يكون مدنياً وليس شرعياً، فإذا تم الرضا والتوافق على ذلك فما المانع؟. شريطة ألا يعارض ذلك رجال الدين لأن قاع المجتمع متدين، فلا زال
الناس يمتثلون للشرع.
والزوجة الثانية أو التفريق الذي لا يستطيع الكثير من الرجال والنساء الاقدام على الطلاق لا تحل إلا بشروط مجتمع مدني وإخراج الزواج
من الحظيرة الدينية إلى رحاب إنسانية ومدنية، وكل حالة تقدر وفق ظروف أصحابها.
وبالحالة المدنية هذا عقد إذا وافقت الزوجة أن تأتي على زوجة أخرى فهذا شأنها، وإذا وافقت الزوجة الأولى على ذلك هذا شأنها أيضاً.
مدرس الرياضيات نضال عامر ذهب لأبعد من ذلك، وكان حازماً في موضوع العدل
بين الجنسين، وقال: من الناحية المدنية إذا كان هناك حق للرجل بزوجة ثانية، فمن العدل أنه يحق للمرأة زوج ثاني. ودينياً من حيث التوحيد
فالنص يقول بازدواج المخلوقات، بمعنى أن الازدواج ثنائي فقط (ذكر- أنثى) وذكر مع انثنين يضرب قاعدة الازدواج، يعني تعدد الزوجات
غير جائز لأنه يخل بالقاعدة التي لا تحتمل الشذوذ.
أما المحامي المغترب نضال ناصر الدين فأوضح: أنا ضد الزواج الثاني مهما كانت الأسباب, هذه جريمة بكل ما تعنيه الكلمة, والعنوسة
ليست عيباً ولا هو جريمة, العنوسة نتيجة من نتائج نظرة المجتمع المزرية للمرأة .
وبالنسبة لنا كموحدين مسلمين تعني نهاية المذهب كمؤسسة إجتماعية أكثر منها طائفية.
وفيما يتعلق بالزواج المدني كنظرة قانزنية فهو أمر صحي, ولكن استغلاله لتمرير مشاريع اجتماعية مشبوهة من أجل المتعة كالزواج الثاني فهذا مرفوض.
وتعدد الزوجات الذي ذكر في القرآن الكريم في سورة النساء المقصود منه الأيتام والمحافظة عليهم من التشرد والحاجة.